في السنة المالية 2017، واصل المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته الإنمائية رغم تزايد غموض الأوضاع العالمية والسياسية. وفي هذا السياق، عمَّق البنك الدولي عمله مع الشركاء وأصحاب المصلحة المباشرة لإدراكه أن درجة تعقيد التحديات التي تواجه العالم تتطلب قدراً أكبر من التعاون لكي يتم تحقيق هدفي إنهاء الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك.
الشراكة من أجل تحقيق أثر إنمائي
رغم البيئة الحافلة بالتحديات، واصل البنك الدولي الدعوة إلى معالجة القضايا بالغة الأهمية وتقوية شراكاته مع المجتمع الدولي من أجل خدمة مصالح الفقراء في العالم. وكانت لذلك أهمية خاصة خلال العملية الثامنة عشرة لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية. فقد أنشأ البنك تحالفاً يضم مئات الحكومات المانحة والمقترضة وأعضاءً من المجتمع المدني ومنظمات دينية وأطرافاً مؤثرة رئيسية، مما أسفر عن عملية تجديد قياسية بقيمة 75 مليار دولار.
حظي عمل البنك الدولي مع القطاع الخاص بمزيد من التركيز، مع الاعتراف بأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة سيتطلب كافة أنواع الاستثمارات للانتقال من مليارات الدولارات من المساعدات الإنمائية إلى تريليونات. وفي المحافل الدولية، مثل مجموعة العشرين والمنتدى الاقتصادي العالمي والاجتماعات السنوية واجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، شدد البنك على مساندته لاجتذاب التمويل من القطاع الخاص بالتنسيق مع شركاء التنمية ولزيادة أصواته في المناقشات المعنية بالتنمية. وحظي هذا النهج لتمويل التنمية ومشاركة القطاع الخاص بتأييد واسع وتمت المصادقة عليه رسمياً من جانب وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول مجموعة العشرين. علماً بأن ضمان أن تكون الموارد الخاصة المعبأة إضافية بالفعل يشكل أحد مبادئ مجموعة السبع بشأن تنسيق المؤسسات المالية الدولية. وسيلعب البنك دوراً رئيسياً في استجابة بنوك التنمية متعددة الأطراف في هذا المجال.
يلعب المواطنون أيضا دوراً بالغ الأهمية في المساعدة على جعل المؤسسات العامة أكثر شفافية وفاعلية وخضوعاً للمساءلة، وكذلك تحسين نتائج التنمية. ويمثل إشراك المستفيدين-وهم المواطنون المستهدفون بشكل مباشر في مشروع إنمائي يموله البنك والمتوقع أن يستفيدوا منه- إحدى الأولويات. وقد أحرز البنك الدولي تقدُّماً نحو الوفاء بتعهد الرئيس كيم بزيادة نسبة استطلاع آراء المستفيدين إلى 100% من المشروعات مع تحديد المستفيدين بشكل واضح بنهاية السنة المالية 2018. وفي منتصف السنة المالية 2017، كان تصميم 99% من تمويل المشروعات الاستثمارية الموافق عليها موجَّهاً نحو المستفيدين، كما اشتمل 89% من المشروعات الموافق عليها على مؤشر لاستطلاع آراء المستفيدين. وسيتم رصد تنفيذ آليات ومؤشرات مشاركة المواطنين اعتباراً من السنة المالية 2019 وما بعدها.
معالجة القضايا بالغة الأهمية: تغيُّر المناخ، وتنمية رأس المال البشري، وأوضاع الهشاشة
واصل البنك الدولي الدعوة إلى اتخاذ تدابير عالمية منسَّقة ومتسارعة لمساعدة البلدان النامية منخفضة ومتوسطة الدخل على مواجهة تحدي تغيُّر المناخ. وتم القيام بذلك من خلال منابر مثل مؤتمر الأطراف (المؤتمر الثاني والعشرون للأطراف) في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ، والمنتدى الاقتصادي العالمي، والاجتماعات السنوية واجتماعات الربيع لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين، واجتماع وزراء البيئة في دول مجموعة السبع. وفي المؤتمر الثاني والعشرين للأطراف، ركَّز البنك على إيجاد حلول للبلدان الأشد تعرُّضاً لآثار تغيُّر المناخ مع إعداد خطة جديدة للعمل المناخي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتقرير عن بناء قدرة البلدان النامية على مجابهة الكوارث الطبيعية. وخلال اجتماعات الربيع، اجتمع القادة المعنيون بالمناخ من الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الخيرية لاستكشاف سبل جديدة لتعبئة التمويل للأنشطة المناخية وتوجيهه لزيادة نطاق تغطيته وتأثيره إلى أقصى حد.
إشارةً إلى أهمية الاستثمار في رأس المال البشري، قام البنك بإنشاء شراكات وتعزيز برامج تستهدف زيادة المساندة العالمية والمحلية لحركة تنمية الطفولة المبكرة-المعروفة باسم السنوات الأولى-التي تُعد من الاستثمارات الرئيسية ذات الأولوية لتحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية على مستوى البلدان. وعلى مائدة مستديرة رفيعة المستوى في اجتماعات الربيع، عقد البنك اجتماعاً مع بعض الشركاء الرئيسيين حول أجندة حركة السنوات الأولى، مما أتاح فرصة لهم لإبداء التزامات ملموسة ولفت الانتباه إلى الحاجة بالغة الأهمية إلى العمل معاً على مستوى البلدان. وقد لعبت المؤسسات أيضاً دوراً مهماً في مساندة تنمية الطفولة المبكرة، بدءاً من تقديم تمويل موازٍ وصولاً إلى إجراءات الدعوة والتأييد.
إن العمل الذي يقوم به البنك للتصدي لتحديات أوضاع الهشاشة والصراع والعنف من أجل المساعدة في بناء القدرة على مجابهة الأزمات والاستقرار يعتمد على التعاون القوي مع الشركاء المعنيين بالعمل الإنساني والتنمية والسلام، بما في ذلك التعاون مع منظمات المجتمع المدني العاملة في البيئات الأشد صعوبة. وفي إطار هذه الجهود، عقد البنك اجتماعاً رفيع المستوى برئاسة الرئيس كيم والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في اجتماعات الربيع، وذلك استجابةً لأزمة المجاعة في أفريقيا جنوب الصحراء واليمن. وقد اتفقت الحكومات وشركاء التنمية والمجتمع المدني على تأييد عدم التهاون مطلقاً مع أوضاع المجاعة. ولتشجيع نُهج التمويل المبتكرة التي تعمل لصالح مجموعة متنوعة من البلدان المتأثرة بأوضاع الهشاشة، تم تنظيم فريق رفيع المستوى للتشديد على التعاون بين البنك والأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية.
إشراك الجهات متعددة الأطراف والمجتمع المدني والبرلمانيين والقطاع الخاص والمؤسسات تُعد أنشطة العمل والمنتديات متعددة الأطراف بمثابة فرص مهمة لإسماع صوت البلدان النامية وللنهوض بالأولويات الرئيسية على مستوى دولي. وقد وسَّع البنك الدولي نطاق تعاونه مع الأمم المتحدة لمعالجة القضايا الحرجة ومن بينها المناطق المتأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع، واللاجئون، والمجاعة، والأوبئة. وفي إطار الشراكة بشأن جداول أعمال التنمية المستدامة وتغيُّر المناخ، شارك كلاهما في طائفة واسعة من الموضوعات بدءاً من التعليم والرعاية الصحية وصولاً إلى التجارة والإحصاءات. وبالنسبة لرئاسة ألمانيا لمجموعة العشرين، قاد البنك العمل على تحفيز تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وشاملة للجميع في أفريقيا، وأصدر مجموعة من المبادئ لتعبئة المزيد من التمويل من القطاع الخاص، وقاد الجهود الرامية إلى زيادة تمكين المرأة من أسباب القوة الاقتصادية. وأسهم البنك أيضا خلال رئاسة إيطاليا لمجموعة السبع، لاسيما من خلال قيادة العمل على زيادة فاعلية التنسيق فيما بين المؤسسات المالية الدولية، بما في ذلك قيام بنوك التنمية متعددة الأطراف بتقديم أعلى جودة بأقل تكلفة. وفي المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، قام البنك بأنشطة من بينها قيادة المناقشات بشأن دور القطاع الخاص في التنمية مع بنوك التنمية متعددة الأطراف الشريكة، واستضافة تدريب لمحاكاة التصدي للأوبئة، والاجتماع مع كبار المسؤولين التنفيذيين لمناقشة تمويل الأنشطة المناخية. وعبر هذه المنتديات، يواصل البنك الدولي الاضطلاع بدور رائد في تشكيل الحوار بشأن التمويل والبيانات والتنفيذ مع التركيز على تحفيز الأطراف الفاعلة في القطاع الخاص للمساهمة في تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
ويُعد دور المجتمع المدني في التنمية وفي تعزيز المساءلة والشفافية أهم من أي وقت مضى. وفي السنة المالية 2017، شاركت منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدينية في عملية تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية، وشاركت أيضاً في المشاورات والحوار حول وضع الإطار البيئي والاجتماعي وتنفيذه، وكذلك في طائفة واسعة من مناقشات السياسات، واستكشفت مجالات جديدة للتعاون على مستوى العمليات. وأتاح منتدى سياسات المجتمع المدني في اجتماعات الربيع والاجتماعات السنوية فرصة إضافية ليعمل المجتمع المدني مع البنك في تناول قضايا من بينها مشاركة المواطنين، ومؤسسات الوساطة المالية، والتعليم، والطاقة، وتغيُّر المناخ. وكمثال على الجهود التي يبذلها البنك لإشراك أصحاب المصلحة المباشرة على مستوى البلدان، نظَّم البنك حلقات عمل مع منظمات للمجتمع المدني ومنظمات دينية من 35 من أصل 48 بلداً في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.
يحظى البرلمانيون من أصحاب المصلحة بأهمية كبيرة بالنسبة للبنك في مختلف أنحاء العالم نظراً لدورهم في صنع القرارات المالية والسياسية. وهناك برنامج نشط للمشاركة مع البرلمانيين من خلال الحوار وتبادل المعلومات واستقطاب التأييد إلى التنمية. وبالاشتراك مع صندوق النقد الدولي والشبكة البرلمانية المعنية بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، نظَّم البنك المؤتمر البرلماني السنوي خلال اجتماعات الربيع حيث اجتمع 212 مشاركاً من 67 بلداً مع قيادة البنك والصندوق لمناقشة أجندة التنمية العالمية. وقام البنك أيضاً بتسهيل إجراء مناقشات مع البرلمانيين حول تنمية الطفولة المبكرة، والقيام بزيارات إلى مشروعات يساندها البنك، والاشتراك مع الشبكة البرلمانية في تدشين فرع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمعالجة القضايا المهمة بالنسبة لهذه المنطقة.
للبنك حالياً شراكات مع حوالي 100 مؤسسة في جميع مناطق العالم. ومؤسسة بِل وميليندا غيتس هي أكبر جهة خيرية ممولة لأعمال البنك الدولي، حيث تمول برامج في مجالات الزراعة، والصحة والتغذية، والمياه والصرف الصحي، والاحتواء المالي، والمساواة بين الجنسين. ومن بين كبار شركاء العمل الخيري الآخرين كل من: مؤسسة الأمم المتحدة، ومؤسسة ماستر كارد، ومؤسسة صندوق الاستثمار في الأطفال، ومؤسسة روكفلر، ومؤسسة وليام وفلورا هيليت، وشبكة آغا خان للتنمية، ومؤسسات بلومبرغ الخيرية، ومؤسسات المجتمع المفتوح.
الاحتفال بيوم إنهاء الفقر
في يوم إنهاء الفقر (17 أكتوبر/تشرين الأول)، عمل البنك الدولي مع الشركاء على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية لزيادة الوعي بما تم إحرازه من تقدُّم والإجراءات المطلوبة لإنهاء الفقر. وقبيل حلول يوم إنهاء الفقر، أصدر البنك تقريراً رئيسياً جديداً بعنوان "الفقر والرخاء المشترك 2016: معالجة عدم المساواة" والذي يمثل دعوة للعمل على ضرورة معالجة التفاوت وعدم المساواة من أجل بلوغ هدفي البنك المتلازمين. وأبرز البنك أيضاً تجربة بنغلاديش في الحد من الفقر من خلال زيارة للرئيس كيم والعمل مع أصحاب المصلحة المباشرة الرئيسيين. ونظَّمت مكاتب البنك الميدانية حول العالم فعاليات ومناقشات وأياماً للخدمة من أجل لفت الانتباه إلى التقدُّم المحرز وطنياً وعالمياً في مجال مكافحة الفقر.
تقييم آراء أصحاب المصلحة المباشرة الرئيسيين
إلى جانب جهود التواصل العالمية، يعطي البنك أولوية لإجراء قياس منهجي لآراء الآلاف من ذوي التأثير وأصحاب المصلحة المباشرة الرئيسيين في البلدان المتعاملة من خلال برنامج مسح الآراء في البلدان. ويتم تتبع تصوراتهم ومواقفهم مع مرور الوقت للمساعدة في توفير المعلومات لإعداد الإستراتيجيات في مختلف البلدان ومختلف وحدات مجموعة البنك الدولي. وأظهرت بيانات الاستقصاءات أن إصلاح نظام الحوكمة/فاعلية الحكومة يُعتبر أولى أولويات التنمية في عموم البلدان التي شملها المسح في السنة المالية 2016، فيما زاد اعتبار الأمن الغذائي إحدى أولويات التنمية بدرجة كبيرة، لاسيما في البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية. وبالنسبة للبنك، مازال يُنظر إلى السرعة والمرونة على أنهما من التحديات. ومع ذلك، لا يزال البنك يحصل على أعلى درجات التصنيف لدوره باعتباره شريكاً طويل الأجل، والطريقة التي يتعاون بها مع الحكومات، والاحترام الذي يتعامل به مع أصحاب المصلحة المباشرة. وسيستمر البنك في البناء على نقاط القوة هذه ومعالجة النواحي المطلوب تحسينها مع قيامه بتعزيز الشراكات اللازمة لتحقيق أثر إنمائي.