اتخذت مصر إجراءات تتعلق بسعر الصرف وتدابير نقدية ومالية استجابة للمستجدات العالمية السلبية (بما في ذلك الارتفاع الحاد في الأسعار وتشديد الأوضاع التمويلية)، والتي تفاقمت نتيجة الحرب في أوكرانيا. كما تعكس هذه الإجراءات التحديات الهيكلية الكامنة التي يواجهّا الاقتصاد المصري. وإن تسارع النمو الذي بلغ 9% في النصف الأول من السنة المالية 2022/2021 (بدعم من انتعاش القطاعات الموجهة نحو التصدير) من المتوقع أن يتباطأ تدريجيا حتى السنة المالية 2023/2022. ولذا فإن الإصلاحات الرامية إلى تعزيز الاستثمار الخاص، والصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر مسألة بالغة الأهمية لدعم قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات وتعزيز تنافسيته.
أحدث التطورات
في 21 مارس/آذار، سمح البنك المركزي المصري بانخفاض سعر الصرف بنحو 16% لوقف العجز المتزايد في صافي الصادرات، كما رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس لكبح جماح التضخم واحتواء تدفقات المحافظ الاستثمارية إلى الخارج. وفي الوقت نفسه، قدمت الحكومة حزمة من الإجراءات المالية بقيمة 130 مليار جنيه (1.6% من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2023/2022) للتخفيف من أثر ارتفاع الأسعار من خلال رفع أجور القطاع العام ومعاشات التقاعد، وإدخال تدابير ضريبية، وتوسيع تغطية برامج التحويلات النقدية، إلى جانب إجراءات أخرى.
الآفاق المستقبلية
إن الطفرة الأخيرة التي شهدها النشاط الاقتصادي وضعت مصر على المسار لتحقيق نمو قدره 5.5% في السنة المالية 2022/2021. ولكن من المتوقع أن يبدأ انحسار التأثير الإيجابي لسنة الأساس والطلب المكبوت، وأن يتباطأ النشاط الاقتصادي نظرا لتداعيات الحرب في أوكرانيا. وبالتالي من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 5% في السنة المالية 2023/2022.
وفي المرحلة المقبلة، سيكون تعزيز كفاءة الإنفاق العام وتعبئة الإيرادات أمرا بالغ الأهمية للاستفادة من الحيز المتاح في المالية العامة اللازم للنهوض برأس المال البشري والمادي للسكان الذين يزيد عددهم على 103 ملايين نسمة. والأهم من ذلك، أن المضي في تطبيق الإصلاحات الهيكلية لإطلاق العنان لإمكانات القطاع الخاص في الأنشطة ذات القيمة المضافة الأعلى والموجهة نحو التصدير ضروري لتوفير فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة.