وسط تداعيات الصراع الروسي-الأوكراني، والاختناقات المستمرة في سلاسل الإمداد، وتشديد الأوضاع المالية العالمية، تشهد مصر ارتفاعاً في التضخم، وتدفقات إلى الخارج من استثمارات المحفظة، مما أضاف إلى الضغوط على حسابات المالية العامة وحسابات المعاملات الخارجية.
في حين أن المؤشرات الرئيسية (بما في ذلك وضع صافي الأصول الأجنبية للبنوك) كانت تشير إلى تزايد الضغوط على حسابات المعاملات الخارجية على مدار العامين الماضيين (منذ السنة المالية 2020/2021) ، انخفضت الاحتياطيات من النقد الأجنبي بشكل حاد منذ مارس 2022، مع تداخل الصدمات العالمية. واستجابة لذلك، قام البنك المركزي المصري بتعديل سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية، وذلك من خلال السماح بانخفاض سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة، بهدف احتواء تفاقم الاختلالات الخارجية. بالتوازي مع ذلك، أعلنت الحكومة عن حزم اجتماعية لتخفيف الآثار السلبية لارتفاع الأسعار. ويدعم برنامج صندوق النقد الدولي لمدة 46 شهراً - إلى جانب التمويل والاستثمارات الأخرى متعددة الأطراف والثنائية – جهود السلطات لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي والمضي قدماً في الإصلاحات الهيكلية.
ومن المتوقع أن يتأثر النشاط الاقتصادي والدخل الحقيقي سلباً بالأزمات العالمية المتداخلة على المدى القريب. فبينما تستمر بعض القطاعات الرئيسية في الازدهار، لا سيما قطاعات استخراج الغاز (التي تستفيد من ارتفاع الأسعار العالمية)، فضلاً عن قطاعات الاتصالات والزراعة والتشييد والبناء، يظهر أداء الأنشطة الأخرى، بما في ذلك الصناعات التحويلية، أقل من إمكاناتها. وعلى هذا النحو، بعد الانتعاش القوي بنسبة 6.6٪ في السنة المالية 2021/2022، من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 4.5٪ في السنة المالية 2022/2023 قبل أن يبدأ في الارتفاع تدريجيا بعد ذلك. وقد يرتفع معدل الفقر (الذي سجل آخر مستوى له عند 29.7٪ خلال الفترة من أكتوبر 2019 إلى مارس 2020) بسبب تأثير صدمة التضخم على مستويات الدخل الحقيقي.
تعد الحاجة إلى تحسين نتائج التعلم من بين الإصلاحات الرئيسية لدفع النمو طويل الأجل في مصر، ولذلك، فقد خُصص الفصل "موضع التركيز" في هذا التقرير لموضوع "إصلاح التعليم". وعلى الرغم من الزيادات الكبيرة بالقيمة الاسمية في السنوات الأخيرة، فإن الأرقام المدرجة في الموازنة لقطاع التعليم لم تتجاوز 2.0٪ من الناتج المحلي الإجمالي الذي يتوقعه البنك الدولي للسنة المالية 2022/2023، وهي أقل من مستوياتها في السنة المالية 2021/2022. وبالتالي خلق الحيز المالي (من خلال تحسين تعبئة الإيرادات وترشيد المصروفات) أمر بالغ الأهمية لتخصيص الموارد للقطاعات ذات الأولوية (مثل قطاع التعليم).
ويعتمد التحليل الوارد في الفصل "موضع التركيز" على تحليل تفصيلي في تقرير البنك الدولي الصادر بعنوان "مراجعة الإنفاق العام على قطاعات التنمية البشرية في مصر". ويتناول التعليم بوصفه شرطاً أساسياً لا غنى عنه لتأهيل رأس المال البشري على نحو أفضل، وزيادة الناتج الكامن وإنتاجية الملتحقين الجدد بسوق العمل وتسريع وتيرة الحد من الفقر.
- مرصد الاقتصاد المصري، ديسمبر 2022: دعم القدرة على الصمود في وجه الأزمات من خلال الإصلاحات المالية (التقرير باللغة العربية في نسق PDF)