يتوقع تقرير المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- ربيع 2016 أن يتحسن النمو في الأردن ليصل إلى 3 في المائة في 2016 بفرض عدم تدهور الوضع الأمني في المنطقة وما يلحق به من تبعات.
تراجع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي في 2015، إذ بلغ ما يُقدَّر بنسبة 2.4 في المائة، في أبطأ وتيرة له في أربع سنوات، متسبِّبا في اشتداد البطالة المرتفعة بالفعل. وتفاقمت التداعيات الأمنية غير المباشرة للصراعات في المنطقة، لتُؤثِّر تأثيرا سلبيا على السياحة، والإنشاءات، والاستثمار، والتجارة. بيد أن النمو في عدد من القطاعات تحسَّن خلال الربع الثالث لعام 2015، ومنها الخدمات المالية والتأمينية، والنقل، والتخزين والاتصالات، والكهرباء والمياه، والتعدين وأعمال المحاجر.
وارتفع معدل البطالة إلى 13.0 في المائة في 2015، مُسجِّلا زيادة قدرها 1.1 نقطة مئوية عن مستواه في 2014. وحدث انكماش طفيف في معظم عام 2015 بسبب استمرار تراجع أسعار النفط العالمية، وضعف اليورو، وفجوة الإنتاج السلبية، وانحسار ضغوط جانب العرض التي شوهدت في السنوات السابقة (ولاسيما على أسعار المساكن بسبب تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين في 2012-2013). واستمرت السياسة النقدية في اتباع نهج توسُّعي، إذ خفض البنك المركزي سعر الإقراض الرئيسي بمقدار 125 نقطة أساس خلال عام 2015. وارتفعت قليلا احتياطيات النقد الأجنبي إلى 14.2 مليار دولار (ما يعادل تكلفة 7.5 شهر من الواردات) بنهاية 2015.
وانخفض عجز المالية العامة في 2015 بفضل تقليص النفقات وانخفاض التحويلات من الميزانية العامة إلى شركة الكهرباء الوطنية التي عوَّضت عن تراجع الإيرادات الداخلية والمِنَح. ولجأت شركة الكهرباء الوطنية إلى الاقتراض من بنوك تجارية بدلا من الحكومة في 2015، وأتاحت هذه الخطوة تخفيفا لأعباء المالية العامة قدره 7.0 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ولولاها لاتسع عجز الموازنة العامة للدولة. ومازالت ديون شركة الكهرباء الوطنية مضمونة من الحكومة، ومرتبطة بعجز المالية العامة، وأسهم تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي في صعود نسبة إجمالي الديْن إلى إجمالي الناتج المحلي إلى ما يُقدَّر بنحو 93 في المائة بنهاية عام 2015.
ومن المتوقع أن يكون عجز ميزان الحساب الجاري قد زاد في عام 2015، فيما يرجع أساسا إلى انخفاض التحويلات من المالية العامة وهبوط قدره 7.1 في المائة في عائدات السياحة، وذلك على الرغم من هبوط عجز ميزان التجارة. وانخفض عجز ميزان التجارة السلعية 14 في المائة بفضل هبوط قدره 40.4 في المائة في واردات الطاقة. وعوَّض هذا عن انكماش قدره 7.1 في المائة للصادرات المباشرة (التي تعززت هي نفسها بنمو صادرات الفوسفات بنسبة 10.9 في المائة) التي تأثَّرت بإغلاق طرق التجارة البرية مع سوريا والعراق اللذين كانا أكبر شريكين تجاريين للأردن. وتباطأت وتيرة تحويلات المغتربين، إذ نمت بنسبة 1.5 في المائة فحسب في عام 2015.
ومن المتوقع أن يتحسَّن معدل النمو إلى 3.0 في المائة في 2016، مع افتراض عدم تفاقم الوضع الأمني الإقليمي وما يصاحبه من آثار وتداعيات غير مباشرة. والدافع إلى هذا التحسُّن هو توسُّع في أنشطة قطاع التعدين والمحاجر، والتأثيرات الإيجابية الأساسية على قطاعات السياحة والإنشاءات.
ويسعى الأردن للحصول على تسهيل ائتماني مُمدَّد من صندوق النقد الدولي. ومن المتوقع أن يساند هذا التسهيل جهود ضبط أوضاع المالية العامة بالتوازي مع الإصلاحات الرامية إلى تعزيز النمو وخلق فرص العمل والتوظيف. وتفترض تنبؤات خط الأساس للنمو أن الاتفاق على هذا التسهيل الائتماني سيؤدي إلى تصحيح أوضاع المالية العامة وخفض نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي. ويميل ميزان المخاطر نحو النقصان.
وتعد إدارة تداعيات الوضع الأمني والسياسي الإقليمي من المخاطر الأساسية بالإضافة إلى تحديات استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين. وفضلا عن ذلك، يُشكِّل استمرار ضعف أسعار النفط أحد المخاطر هذا العام، وفي الأمد المتوسط بالنظر إلى احتمال تأثيره على تحويلات المغتربين، والصادرات، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، والمنح من دول مجلس التعاون الخليجي. ومن المرجح أن تكون تدابير تصحيح أوضاع المالية العامة صعبة. وفضلا عن ذلك، فإن الاستعداد للإصلاح وسرعة وتيرة تنفيذه، وبخاصة لتحسين مناخ الأعمال، ستكون ذات أهمية حاسمة في تلبية تطلعات البلاد الخاصة بالاستثمار.