بالمعدل الحالي للإنفاق في سياق من الصراع وانعدام الأمن، سيكون على ليبيا إما أن تستنفد احتياطياتها من النقد الأجنبي أو تضطر لتطبيق تعديلات خاصة لابد منها لتفادي نشوب أزمة، لكنها ستظل مع ذلك بعيدة عما يكفي لإرساء أسس للنمو. ويفترض المنظور الاقتصادي والاجتماعي للمستقبل إيجاد حل للصراع السياسي وتمكُن حكومة موحدة من ضمان استقرار الاقتصاد الكلي والشروع في برنامج شامل لإعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا السياق، يُتوقع لإنتاج النفط أن يزيد بشكل مطرد ليصل إلى أقصى إمكانياته (نحو 1.5 مليون برميل يومياً) بحلول عام 2020، وهو الوقت اللازم لإصلاح البنية التحتية لصناعة النفط التي تضررت بشدة.
ومن المتوقع أن يتعافى النمو ليبلغ نحو 15% في عام 2018، وأن يصل في المتوسط إلى 7.6% في 2019 - 2020. وسيتحسَّن ميزان المالية العامة وميزان الحساب الجاري بدرجة ملموسة، حيث تشهد الموازنة العامة للدولة وميزان الحساب الجاري تحقيق فوائض من عام 2020 فصاعدا. وستبدأ احتياطيات النقد الأجنبي في الزيادة بحلول عام 2020. وسوف تبلغ في المتوسط نحو 72.5 مليار دولار في الفترة 2018-2020، أي ما يعادل تكاليف واردات 27.5 شهر.
ساهم ارتفاع معدل التضخم مع ضعف تقديم الخدمات الأساسية في زيادة معدلات الفقر وتفاقُم الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي. كما سارع معدل التضخم في تفاقم متاعب السكان. فقد واصلت أسعار كل السلع الأساسية ارتفاعها، مدفوعة في الأساس بالنقص الحاد في سلاسل إمدادات السلع الأساسية الرئيسية، والمضاربة في السوق السوداء التي تزداد توسعاً، والانخفاض الشديد في قيمة الدينار الليبي بالأسواق الموازية. ومن ثَم فقد سجَّل معدل التضخم مستوى قياسيا نسبته 28.4% في عام 2017 بعد أن بلغ 25.9% عام 2016.