شهد الاقتصاد الليبي تحسُّنا محدودا، لكنه مازال أقل كثيرا من قدراته الكامنة، إذ يعوقه استمرار الصراع السياسي العنيف. ومازال العجز المزدوج كبيرا، ويفتقر إلى أي إطار لإجراءات تصحيحية، وهو ما يفاقم عجز إطار الاقتصاد الكلي. وتسارعت وتيرة التضخم، متسببة في مزيد من التآكل للقوة الشرائية للسكان. وفي الأمد المتوسط، تتجاوز التحديات إعادة الإعمار إلى معالجة الفجوات الإنمائية فيما قبل 2011 وتنويع النشاط الاقتصادي والنهوض بتنمية القطاع الخاص.
على الرغم من الأداء القوي للنمو الذي يحركه قطاع النفط، مازال الاقتصاد الليبي يعاني من الصراع السياسي الذي يحول بينه وبين بلوغ كامل إمكانياته. ففي أعقاب أربع سنوات من الركود، بدأ الاقتصاد الليبي يتعافى في النصف الأول من عام 2017، بفضل استئناف إنتاج المحروقات بعد استعادة حقول النفط الرئيسية من الميليشيات العام الماضي. واستمر بطء أنشطة القطاعات غير النفطية بفعل المعوقات الناجمة عن نقص الأموال والأمن. ومن المتوقع أن يزداد إجمالي الناتج المحلي بنسبة 25.6% في 2017، ليرتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل بدرجة كبيرة إلى 65% من مستواه في 2010 بعد فقدان أكثر من نصف قيمته.
يتوقَّف تحسُّن آفاق الاقتصاد بشكل أساسي على تحقيق تقدم في اجتياز المأزق السياسي الذي أحدث انقساما في البلاد، وعلى تحسن الأوضاع الأمنية. وسيقود الوضع الراهن الاقتصاد الليبي في نهاية المطاف إلى الإفلاس. وبالمعدل الحالي للإنفاق، وإذا استمر سياق الصراع والانفلات الأمني، فإن احتياطيات النقد الأجنبي ستواصل الاتجاه نحو النضوب، وهو احتمال بدأ يُؤثِّر بالفعل على التوقعات.
وفي الأمد المتوسط، إذا عاد السلام وحل الأمن، من المتوقع أن يستمر النمو وتتسع قاعدته في الفترة 2019-2020. وستتحسَّن أوضاع المالية العامة وأرصدة حساب المعاملات الجارية تحسُّنا كبيرا، ومن المتوقع أن تُسجِّل الموازنة العامة والمعاملات الجارية فوائض من عام 2020 فصاعدا. وستبلغ احتياطيات النقد الأجنبي في المتوسط نحو 60 مليار دولار خلال السنوات 2018-2020.