لا تلوح في الأفق أية علامات على بدء انحسار الصراع المسلح في اليمن، فبعد سبع سنوات من تدهور الأوضاع ميدانيا، تبقى فرص السلام بعيدة المنال. وشهد اليمن في الآونة الأخيرة أسوأ موجات اقتتال تحدث على أرضه منذ سنوات. وأدت الصدمات المتعددة التي شهدها اليمن على مدى السنتين الماضيتين، بما في ذلك ارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي والسيول وجائحة كورونا ووباء الكوليرا وغزو الجراد، إلى تفاقم مواطن الضعف السابقة لدى الأسر اليمنية، التي يحتاج 80% منها الآن إلى مساعدات إنسانية. كما صاحب تدهور الوضع الأمني والسياسي تفاقم أزمة النزوح.
وفي ظل هذه المرحلة الحرجة، تتمثل أولوية البنك الدولي في اليمن في مواصلة مشاركته عبر العديد من السيناريوهات الممكنة سعياً إلى تحقيق هدفه الرئيسي المتمثل في مساندة الشعب اليمني والحفاظ على المؤسسات التي تخدمه. وستركز مشاركة مجموعة البنك الدولي على ما يلي: (1) مساندة الخدمات الأساسية والحفاظ على رأس المال البشري؛ (2) تعزيز الأمن الغذائي، والقدرة على الصمود، وفرص كسب العيش. وتمشياً مع تطور نهج مجموعة البنك الدولي الطموح الخاص بالعمليات في البلدان التي تتسم بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف، فإن المؤسسة الدولية للتنمية "ستظل مشاركة" بجهودها في اليمن أثناء الصراع، وذلك عبر تقديم مساندة مستدامة للمساعدة في تقديم الخدمات الحيوية، وحماية رأس المال البشري، والحفاظ على المؤسسات اليمنية. وفي جميع السيناريوهات الممكنة، سيكون العمل على المستوى المحلي من خلال نهج لامركزي أمراً بالغ الأهمية للتخفيف من الاضطرابات السياسية أو المؤسسية المحتملة.
وفي ظل السياق المحلي سريع التطور، سترتكز العملية العشرون لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية على منصات قابلة للتوسع تضم مشاريع مصممة على نحو يتسم بالمرونة والتكيف قادر على الاستجابة للصدمات، والتي يمكنها جلب التمويل من شركاء التنمية الآخرين. وتسترشد قرارات تحديد أولويات المشاريع وتخصيص الاعتمادات بالمبادئ الرئيسية التالية: (1) التكامل وتضافر الجهود؛ (2) المرونة والقدرة على التكيف. ومن أجل زيادة الأثر، سيقوم البنك الدولي في المقام الأول بتوسيع نطاق العمليات القائمة وتعديلها سعياً إلى تحقيق نتائج ملموسة، وذلك من خلال الاستعانة بتمويل إضافي. وستُعطى الأولوية للنُهُج المتكاملة متعددة القطاعات وحزم الإجراءات التدخلية الموجهة جغرافياً لضمان تحقيق أوجه التآزر في جميع جوانب محفظة مشاريعنا وتعظيم فرص الخروج بنتائج طيبة. وبالعمل عن كثب مع شركاء التنمية الآخرين، سيعمل البنك في سياق يتسم بالمرونة لتوسيع نطاق أنشطته بغرض الاستجابة للأزمات الناشئة، واغتنام الفرص المتاحة من أجل تحقيق السلام، وتصحيح المسار على نحو استباقي عند الحاجة.
في سياق يسوده تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، حيث لا يمكن للإجراءات التدخلية قصيرة الأجل وحدها أن تقدم حلولاً مستدامة، وحيث يُتوقع أن تؤثر الحرب في أوكرانيا تأثيراً هائلاً على أسعار الغذاء، سيقوم البنك الدولي بتجربة نهج جديد قائم على "استمرارية المساندة"، حيث يدمج البرامج قصيرة ومتوسطة الأجل في استجابته لتحقيق الأمن الغذائي. ويتمثل الهدف الرئيسي في محاولة كسر حلقة الاعتماد على الغير، والحد من اتكال الأسر على المساعدات الإنسانية، والمساعدة في تعزيز الأنشطة المدرة للدخل،والمحفزة على بناء القدرة على الصمود. وينطوي ذلك على تفعيل حزم الإجراءات التدخلية الموجهة جغرافياً التي تلبي الاحتياجات الفورية للأسر، مع تعزيز قدرتها على الصمود أمام انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في الأجل المتوسط. وتستهدف الإجراءات التدخلية المجمعة المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بصورة مزمنة (المرفق 2). وسيبحث البنك الدولي أيضاً في الفرص المتاحة لتعجيل مساندته للأمن الغذائي في اليمن وتوسيع نطاقها في سياق الحرب الدائرة في أوكرانيا.