ويشير التقرير إلى أن التحديات الاقتصادية الصعبة التي كان يواجهها اليمن قبل الصراع الحالي لا يمكن مقارنتها بالوضع شديد التردي الذي يواجهه اليوم. فقد بات اليمن موضعا لأسوأ أزمة إنسانية في العالم. وتأثرت واردات السلع الغذائية والوقود بشدة، وتراجعت صادرات الهيدروكربون المهمة، مما أدى إلى نقص العملة الأجنبية وتسارع وتيرة التضخم.
ويبلغ الوضع في اليمن حاليا مستوى حالة الطوارئ، مما أثار عن حق انزعاج المجتمع الدولي إزاء تردي الأوضاع الإنسانية السريع، والقلق من انقطاع الإمدادات الغذائية. ويعاني حوالي 17.8 مليون يمني، أي نحو 60% من السكان، من انعدام الأمن الغذائي ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وهناك حوالي 9.4 مليون شخص في أزمة ملحة بينما يقف أكثر من 8.4 مليون آخرين على شفا المجاعة.
يتناول التقرير الجديد الصادر بعنوان "تأمين واردات السلع الغذائية الضرورية إلى اليمن" العوائق المالية واللوجستية التي يواجهها القطاع الخاص في استيراد السلع الغذائية الأساسية، ومنها القمح والدقيق والأرز. ويطرح التقرير حلولا للمساعدة على تيسير استيراد المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى لتخفيف الأوضاع الإنسانية في اليمن.
يعتمد اليمن بشكل كامل تقريبا على الواردات لتلبية احتياجات السوق المحلية من السلع الغذائية الأساسية. ويؤمن القطاع الخاص هذه الواردات بالكامل تقريبا، حيث أبدى قدرة هائلة على الصمود والنجاح في الاستمرار في مد البلاد بهذه السلع. ومع هذا، فإن آليات السوق هذه، رغم ما أبدته من مقدرة حتى الآن، يمكن أن تفشل نتيجة ارتفاع التكلفة والمخاطر.
ووفقا للتقرير، فإن أكبر تحد للأمن الغذائي في اليمن يكمن في ضعف الطلب. وقد حدد مستوردو السلع الغذائية وتجار التجزئة والجملة انخفاض القوة الشرائية باعتباره تحديا رئيسيا لأعمالهم. وفقد أغلب السكان مصادر دخلهم، مما تسبب في أوضاع باتت قاب قوسين أو أدنى من المجاعة. وتغيرت الآليات التي يمكن أن تساعد جانبا كبيرا من السكان على التكيف نتيجة انخفاض القدرة الشرائية. واليوم، تتزايد أعداد المواطنين الذين يلجؤون إلى مستويات متزايدة من الاقتراض من أجل الاستهلاك الغذائي فضلا عن الاعتماد على دعم الدخل من المساعدات الإنسانية والتحويلات النقدية.
وبرزت إمكانية الحصول على النقد الأجنبي باعتبارها أحد العوائق الرئيسية أمام مستوردي السلع الغذائية، فيما شكل تعذر الحصول عليه وارتفاع التكاليف أكثر التحديات إلحاحا. بالإضافة إلى هذا، أدت صعوبة تحويل وسحب الأموال من البنوك إلى تآكل الثقة في الجهاز المصرفي، وإلى تزايد أهمية محلات الصرافة كمورد رئيسي للنقد الأجنبي- والذي يتم الحصول عليه بمخاطر وتكلفة أكبر. وأخيرا، يواجه مستوردو السلع الغذائية تحديات لوجستية تشمل صعوبة الوصول إلى الموانئ الرئيسية، وزيادة التكلفة نتيجة تأخر استخراج تصاريح تخليص الشحنات الواردة.
ويدعو التقرير المجتمع الدولي إلى توسيع إجراءات دعم الدخل لتخفيف الأعباء على المواطن اليمني. ويتضمن ذلك تكثيف الجهود الحالية لدعم مستويات الدخل (التحويلات النقدية) وتقديم المساعدات الغذائية للتصدي للآثار السلبية الناجمة عن تآكل مستويات الدخل. وينبغي تشجيع استئناف دفع الأجور للموظفين المدنيين وأصحاب المعاشات والمستفيدين من برامج الضمان الاجتماعي.
وأخيرا، يقدم التقرير توصيات حولي ما ينبغي أن يفعله المجتمع الدولي والسلطات اليمنية لتدعيم قدرة سلاسل القيمة الخاصة بواردات السلع الغذائية على الصمود أمام ارتفاع التكلفة والمخاطر، ومنها:
تيسير الحصول على النقد الأجنبي لتأمين واردات السلع الغذائية
- المعونة الخارجية- التي تعد أحد المصادر القليلة الباقية لتدفق النقد الأجنبي على اليمن- يمكن أن تستخدم للمساعدة في تغطية احتياجات واردات السلع الغذائية من النقد الأجنبي.
- يمكن للمانحين والسلطات والبنوك أن يتفقوا معا على استخدام المساعدات الخارجية لتغطية واردات السلع الغذائية باعتبارها أولوية، وذلك بالبناء على توافق في الآراء على أهمية استدامتها.
- تيسير الحصول على النقد الأجنبي لن يتصدى فقط للتحديات التي تواجه مستوردي السلع الغذائية في الحصول على النقد الأجنبي، بل سيساعد أيضا في تخفيض التكاليف العالية لتحويل النقد الأجنبي بسبب المخاطر التي تحيط بتحويل الأموال من خلال قنوات غير رسمية.
استعادة الثقة في النظام المالي
- إن إعادة السيولة للنظام المالي إجراء مهم للحد من تكلفة ومخاطر المعاملات والمدفوعات، ليس فقط لسلسلة القيمة الغذائية، بل أيضا للاقتصاد عامة.
- يجب أن يضع البنك المركزي اليمني خطة عمل مرحلية ذات جدول زمني محدد لاستعادة السيولة في النظام المالي. ويمكن أن يكون سداد الفوائد المتحصلة على أذون الخزانة لدى البنوك خطوة أولى لتخفيف ضغوط السيولة على قطاع البنوك.
تسهيل إجراءات تخليص شحنات الواردات الغذائية
- وضع إجراءات كفؤة ومعروفة للتخليص الجمركي تساعد في دخول الإمدادات الغذائية عبر جميع الموانئ المتاحة.
- كما يتوقع أن تؤدي إجراءات التدخل الموصى بها إلى تحسين جهود التعافي وفاعلية وتقديم الخدمات الإنسانية وإعادة الإعمار والتعافي.