"مبادرة إيصال أصوات مواطني منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا Connecting Voices " ، هي مبادرة إقليمية جديدة للبنك الدولي تهدف إلى تعزيز نظام الإدارة العامة، والشفافية، والمساءلة، وممارسات الإدارة المالية السليمة في كل من القطاعين العام والخاص.
وفي إطار ذلك، عقدت المبادرة مؤخراً منتداها السنوي الأول بعنوان "التبادل" في أبوظبي. وكان الغرض من هذا الحدث هو بدء محادثة بين المهنيين في مجال الإدارة المالية حول أفضل السبل لتعزيز الممارسات المالية الجيدة في بلدان المنطقة
وحضر الاجتماعات أكثر من 150 من ممثلي الحكومات، والمؤسسات العليا لمراجعة الحسابات، والمحاكم، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام من مختلف أنحاء المنطقة، حيث تم بحث العديد من القضايا المشتركة بين عدة قطاعات بهدف بناء أنظمة إدارة مالية عامة أكثر كفاءة وشفافية.
لم يكن الهدف من المنتدى هو مجرد الحديث عن توصيل الأصوات! بل ظهرت رسالة واضحة ومدوية من خلال المناقشات: تحقيق قدر أكبر من الشفافية في إدارة الميزانية ليس فقط مجرد مطلب عام، ولكنه أيضا ضرورة للحكومات من أجل أداء أفضل.
أهمية الشفافية في مجال المالية العامة
لقد وضعت التحولات السياسية والاقتصادية الأخيرة، التي تعيشها مختلف بلدان المنطقة، إلى جانب الحاجة المتزايدة لخلق وظائف أكثر وأفضل في ظل بطؤ الاقتصاد العالمي، ضغطاً كبيراً على الحكومات العربية. فهذه الحكومات تعطى أولوية لتقديم منافع اقتصادية لمواطنيها.
ولكن، إلى جانب الطلب على الفرص الاقتصادية الأفضل، فإن المواطنين العرب يطالبون بمزيد من الشفافية والقيام بدور فاعل في عملية صنع القرار في حد ذاتها. وخلال الاحتجاجات التي اجتاحت المنطقة، كان الفساد وسوء استخدام الأموال العامة موضع شكوى كبيرة، مع مطالب بأن تضمن الحكومات المقبلة مشاركة المواطنين في ثمار الازدهار بالتساوي.
وقد أظهر عدد من الأمثلة الدولية أن شفافية الميزانية يمكن أن تعزز الاحتواء وكفاءة البرامج الحكومية على حد سواء. وعلاوة على ذلك، فإنها يمكن أن تساعد أيضا الحكومات على تحقيق الاستفادة المثلى من الموارد المحدودة والعامة من أجل تحقيق أقصى قدر من نتائج التنمية وتحقيق فوائد ملموسة لمواطنيها.
وفي هذا السياق، فإن دور المؤسسات العليا لمراجعة الحسابات، التي تقوم بالتدقيق الخارجي على الإنفاق الحكومي، إلى جانب هيئات الرقابة المالية، ضرورية لإظهار أي مخالفات مالية. وهذه المؤسسات جزء لا يتجزأ من إدارة وتحديد أولويات استخدام الأموال العامة وفقاً لممارسات نظام الإدارة العامة السليم.
وإدارة الميزانية أمر حيوي. ومع ذلك، وعلى نفس القدر من الأهمية تأتي الحاجة إلى الكشف العلني عن البيانات المالية الحكومية، والتي غالباً ما يتم نشرها من خلال بوابات الحكومة الإلكترونية. وفي جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، فقد كان الكشف عن تخصيص الأموال العامة يعتبر من المحرمات لسنوات طويلة. ومع زيادة طلب الجمهور للشفافية والمساءلة الحكومية فإن ذلك في حاجة إلى أن يتغير. ويجب الآن أن يتم النظر إلى المواطنين باعتبارهم لاعبين فاعلين يمثلون جزءا لا يتجزأ من الإشراف على السياسات العامة، والرقابة عليها، وتقييمها.
وفي هذا الصدد ، يتبادر إلى الذهن أمر مثير للاهتمام كانت السيدة صوماي كيدامبي، وهي من شراكة الموازنة الدولية، قد طرحته على المشاركين في المنتدى. فبينما كانت تشارك السيدة كيدامبي في جلسة استماع علنية تم تنظيمها في قرية نائية في الهند، سأل ممثلو الهيئات العامة سيدة مسنة كانت في الغرفة عن سبب أهمية حضورها للاجتماع. وأجابت السيدة بأنها عندما تعطي ابنها مبلغاً محدداً من المال لشراء أصناف البقالة، فإنها تطلب منه عندما يعود من السوق أن يقدم لها كشفاً تفصيلياً عن كيفية إنفاق هذا المبلغ.
وعلى نطاق أوسع، فإن جميع المواطنين يريدون نفس المساءلة والمشاركة الفعالة بشأن الطريقة التي يتم بها إنفاق الأموال العامة.
وبالتالي، فإن الخطوة الأولى في بناء مزيد من الشفافية والمساءلة هي مساعدة الحكومات على نشر ميزانيات مبسطة وسهلة القراءة للشخص العادي، بشكل ربع سنوي، لإطلاع الجمهور على مخصصات الميزانية. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لفت المغرب الانتباه بسبب الجهود التي قام بها لإعطاء المواطنين فرصة للوصول إلى والإطلاع على البيانات المتعلقة بالميزانية. وبفضل "الميزانيات المعدة للمواطن" بطريقة سهلة القراءة والفهم والتي دأب على نشرها كل عام منذ عام 2011، تمكن المغرب من مضاعفة ترتيبه في آخر مسح للموازنة المفتوحة.