تولي زمام الأمور
ثمة مؤسسات رائدة في القطاعين العام والخاص تدرك جيدا مزايا "تحقيق قصب السبق والريادة والتميز" في هذا المضمار، وتسعى لامتلاك الميزة التنافسية. ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
• شركة جوجل التي قامت مؤخرا بتشغيل إحدى أكبر مصفوفات الطاقة الشمسية في العالم - تضم 9200 لوح شمسي تغطي مقارها الرئيسية، كما استحوذت على شركة نيست (Nest) التي طورت أجهزة تنظيم درجة الحرارة الذكية في المنازل، وذلك في إطار مساعيها المتوقعة لتعزيز عملها في مجال المنتجات التي يمكنها خفض استخدام الطاقة بالمنازل. وتعتبر جوجل واحدة من العديد من الشركات التي تستخدم بالفعل سعرا افتراضيا على انبعاثاتها الكربونية من أجل التخطيط الاستراتيجي لأعمالها.
• شركة فيلبس التي بدأت في توفير خدمات الإنارة من خارج الشبكة العامة للكهرباء، وإنارة الشوارع باستخدام مصابيح الصمامات الثنائية المشعة للضوء (LED)، وقد حددت هدفا لها بزيادة كفاءة استخدام الطاقة في جميع منتجات الإنارة لديها بحوالي 50 في المائة بحلول عام 2015.
• بدأ المستثمرون في جني الثمار: إذ حققت الصناديق الاستثمارية المتداولة في البورصة في مجال الطاقة النظيفة عائدا بلغ نحو 140 في المائة العام الماضي.
وسيشارك ممثلون عن العديد من تلك المؤسسات الرائدة في المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث سيحضر زعماء العالم يوما كاملا، وسيتم عقد 23 جلسة تناقش المشكلات المتعلقة بالتغيرات المناخية، وبناء القدرة على تحمل آثار التغيرات المناخية والكوارث، والتنمية المستدامة من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ثمة عدد متنام من البلدان يتعامل بجدية مع هذه المشكلة، ويرى أن ثمة فرصا اقتصادية في التحرك:
• أنشأت المغرب وكالة مخصصة للطاقة الشمسية، وتقوم حاليا بتطوير "شبكة فائقة" يمكنها الجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وطاقة الكتلة الأحيائية. وقد بدأت أيضا، بدعم من مجموعة البنك الدولي، في الاستفادة من ثروة المنطقة من أشعة الشمس من خلال إقامة محطات للطاقة الشمسية المركزة.
• بدأت المكسيك، التي تستهدف زيادة استخدام الطاقة المتجددة بواقع 35 في المائة وتطبق ضريبة الكربون، في السماح لمستهلكي الكهرباء بربط مرافق توليد الطاقة المتجددة لديهم بالشبكة العامة لتخفيض فاتورة استهلاكهم من الكهرباء. وشجعت سياسات المكسيك المؤسسات المستهلكة للكهرباء، مثل وول مارت وكوكا كولا ومجموعة بيمبو على الاستثمار في مرافق توليد خاصة بها للطاقة المتجددة.
• أما الفلبين فتشعر بالفعل بتداعيات الظواهر المناخية الشديدة في وقت تعمل فيه على إعادة إعمار ما دمره الإعصار هايان. ولبلوغ أهدافها الطموحة في مجال الطاقة المتجددة، تقدم الحكومة حاليا حوافز مثل الإعفاءات الضريبية على الدخل والإهلاك المعجل والقياس الصافي بغرض السماح للمستهلكين بتوليد الكهرباء لإعادة بيعها للشبكة العامة.
وثمة تحرك مشجع نحو وضع أدوات لتسعير الكربون. فقد أطلقت الصين العام الماضي خمسة برامج تجريبية لتبادل حقوق إطلاق انبعاثات الكربون في المدن والأقاليم، وحددت هدفا طموحا بإنشاء سوق موحدة لتبادل حقوق إطلاق انبعاثات الكربون في عموم البلاد. ومن خلال "الشراكة من أجل تجهيز أسواق الكربون"، تعمل بلدان أخرى على تطوير وتنفيذ خيارات على صعيد السياسات، والجيل التالي من أدوات تسعير الكربون التي يمكنها تعزيز النمو والقدرة على المنافسة، وخفض الانبعاثات الكربونية.
خمسة مجالات للعمل
تركز مجموعة البنك الدولي حاليا على خمسة مجالات أساسية يمكنها المساعدة في تحديد الأسعار المناسبة، والحصول على تدفقات التمويل، وتحقيق التقدم حيثما تشتد الحاجة إليه.
وتستهدف الجهود الرامية إلى بناء مدن منخفضة الانبعاثات الكربونية وقادرة على التكيف مع المناخ، وخاصة من خلال المساعدة في تخطيط خفض الانبعاثات، وتقييمات كفاءة استخدام الطاقة، وتأمين التمويل المناطق الحضرية سريعة النمو التي تتسبب في 70 في المائة من الانبعاثات العالمية. وسيؤدي إحراز تقدم على صعيد الزراعة المراعية للاعتبارات المناخية إلى زيادة حجم المحاصيل حتى يتسنى توفير الغذاء لسكان العالم الآخذين في النمو، والحد من الانبعاثات، وتحسين تخزين الكربون. علاوة على ذلك، سيساعد تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتسريع الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة في تحول العالم بعيدا عن استخدام أنواع الوقود الأحفوري مرتفع الانبعاثات الكربونية. وتساند مجموعة البنك الدولي أيضا الجهود الرامية إلى إلغاء دعم الوقود الأحفوري، وتطوير تسعير الكربون بغرض تصحيح أسعار الانبعاثات.
وثمة خطوة مهمة أخرى يمكنها إحداث تغيير إيجابي بسرعة: فمن خلال خفض ملوثات المناخ قصيرة الأجل، مثل السخام المنبعث من النيران والعربات التي تعمل بالديزل، وغاز الميثان المنبعث من المدافن الصحية والصناعات الاستخراجية، يمكن للبلدان أن تضاعف مكاسبها من الحد من تأثير التلوث على الجليد والجبال الجليدية، وخفض الأعباء الواقعة على صحة الإنسان والمحاصيل الزراعية.
الطريق إلى باريس
ومازال علينا أن نفعل الكثير.
ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أثناء مؤتمر المناخ العالمي في وارسو، وافقت حكومات البلدان المشاركة على ابرام اتفاق دولي جديد بحلول عام 2015 يسري على كافة البلدان، وأن تبدأ في خفض انبعاثات غازات الدفيئة في العالم. ونحن ندرك أن التعهدات الحالية بخفض الانبعاثات ليست كافية لمنع ارتفاع درجة حرارة الأرض بواقع درجتين مئويتين، بل يمكنها أن تؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة بواقع 4 درجات بحلول عام 2010، أو ربما قبل ذلك.
وطوال هذا العام والعام التالي، سيعمل البنك الدولي بصورة وثيقة مع الحكومات لتوفير البيانات والشواهد والدراسات التحليلية اللازمة لكل منها لتحديد أهداف وطنية فعالة لخفض مستوى الانبعاثات، وللبلدان المتقدمة لتوفير التكنولوجيا والتمويل ومساندة بناء القدرات التي تحتاج إليها البلدان النامية للبدء في السير على مسار النمو النظيف.
وستعقد القمة الكبرى التالية في سبتمبر/أيلول عندما يجمع الأمين العام للأمم المتحدة قادة العالم من الحكومات ومؤسسات الأعمال والمجتمعات معا. وتُعتبر هذه القمة حاسمة الأهمية في حفز الأطراف المعنية على سرعة التحرك، وبناء الزخم السياسي من أجل النجاح في إبرام اتفاق عالمي في عام 2015.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس كيم "خلال 20 عاما، سيُطرح علينا السؤال التالي "ماذا فعلنا لمكافحة التغيرات المناخية". وبوسع قادة العالم المجتمعين هنا في دافوس، من القطاع الخاص ومن الحكومات، أن يتحركوا على نحو مجد وفعال. لقد حان وقت العمل واتخاذ ما يلزم من أجل أجيال المستقبل قبل فوات الأوان".