تزيد المخاطر المتنامية الناجمة عن تغير المناخ من تكلفة التنمية لدى المدن سريعة النمو والبلدان النامية في العالم. والتمويل الحكومي وحده لن يكفي على الإطلاق لبناء القدرة على مواجهة جموح الطقس والتصدي للتهديدات والمخاطر التي تواجهها إمدادات الطاقة والمياه والغذاء- فلابد من مشاركة القطاع الخاص والمؤسسات الاستثمارية.
هنا يبدأ تدفق التمويل المبتكر في إحداث فرق. فالسندات الخضراء توفر التمويل لمشاريع الطاقة النظيفة والنقل الجماعي ومشاريع أخرى منخفضة الانبعاثات الكربونية يمكن أن تساعد البلدان على التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، في الوقت الذي تدر فيه عائدات أكيدة على المستثمرين.
قالت راشيل كايت، نائبة رئيس مجموعة البنك الدولي والمبعوث الخاص المعني بتغير المناخ، "السندات الخضراء تولد تدفقات جديدة لتمويل التنمية منخفضة الانبعاثات الكربونية. هذا شيء مهم. لكنها تفعل أكثر من ذلك- فلديها الإمكانية لتحريك محور التمويل في اتجاه أكثر نظافة، بعيدا عن الاستثمارات التقليدية في الوقود الأحفوري، وتوجيهه إلى المشاريع التي ستبني مستقبلنا منخفض الكربون."
هذه سوق شابة، لكنها تمتلك إمكانيات قوية، والتطورات الجديدة تبرز للمستثمرين قيمتها:
· دعا رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس إلى مضاعفة حجم السوق العالمية للسندات الخضراء إلى 20 مليار دولار بحلول سبتمبر/أيلول عندما تعقد الأمم المتحدة قمة رفيعة المستوى عن المناخ، لترتفع إلى 50 مليار دولار على الأقل عند انعقاد مفاوضات الأمم المتحدة حول المناخ في باريس في ديسمبر/كانون الأول 2015.
· وقد أظهر إصدار شركة EDF الفرنسية لسندات خضراء جديدة في ديسمبر/كانون الأول أن هناك حاليا اهتماما وقدرة على زيادة التمويل المتصل بالأنشطة المناخية أكثر من أي وقت مضى. وتجاوز عدد المكتتبين منذ البداية ضعفي قيمة السندات البالغة 1.4 مليار يورو.
· كما يتوقع أن تشجع المبادئ الجديدة للسندات الخضراء التي تضعها بنوك الاستثمار والبنوك التجارية الكبرى على جلب المزيد من المستثمرين.
استخدام عائدات السندات الخضراء للتصدي لتغير المناخ
لعب اثنان من مؤسسات مجموعة البنك الدولي- البنك الدولي للإنشاء والتعمير (البنك الدولي) ومؤسسة التمويل الدولية - دورا أساسيا في تطوير السوق العالمي للسندات، منذ الطرح الأول للبنك الدولي (e) عام 2008 إلى عمليتي البيع القياسيتين اللتين نفذتهما مؤسسة التمويل الدولية (e) العام الماضي بقيمة مليار دولار. ويجري استخدام هذه السندات في الاستثمارات التي تساعد على التصدي لتغير المناخ.
وفي تونس، (e) تساعد السندات الخضراء التي أصدرها البنك الدولي على تحسين الكفاءة في الري وإمدادات المياه المستمرة في المناطق الريفية حيث تتعرض موارد المياه الجوفية للإجهاد. وفي الصين،(e) تساعد هذه السندات على الحد من تعرض المجتمعات المحلية لآثار الكوارث الطبيعية من خلال إدارة مراقبة الفيضانات وأنظمة الإنذار. وفي كولومبيا والمكسيك، (e) تدعم هذه السندات وسائل النقل الجماعي التي تتسم بكفاءة استخدام الطاقة، وفي مناطق أخرى تعزز مشاريع الطاقة المتجددة.
وتدعم السندات التي تصدرها مؤسسة التمويل الدولية استثمارات القطاع الخاص في مجالي الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة. ويتضمن ذلك تنويع مصادر الكهرباء في جنوب أفريقيا (e) بعيدا عن الطاقة المستمدة من الفحم وذلك باستخدام الطاقة المولدة من المرايا التي تعكس وتركز أشعة الشمس، كما تساعد أحد البنوك في أرمينيا (e) على تقديم القروض من أجل الإسكان الذي يتسم بكفاءة استخدام الطاقة، وتقليص الطلب على الكهرباء، وتخفيض فواتير المرافق.
في حالة السندات الخضراء التي أصدرها البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، يستفيد المستثمرون من التصنيفات الممتازة Aaa/AAA لمصدري السندات وأيضا يساعدون على تعبئة تمويل الأنشطة المتعلقة بالمناخ الذي يحتاجه العالم بإلحاح لمواجهة التحديات الناجمة عن تغير المناخ. ويعيد المستثمرون الذين يتراوحون من صناديق التقاعد إلى الشركات العالمية لإدارة الأصول والشركات الكبرى والبنوك المركزية تركيزهم لاستراتيجياتهم لكي تتضمن اعتبارات المناخ.
فالسندات التي طرحت بمليار دولار في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 جذبت مجموعة جديدة من مستثمري السندات الخضراء من بينهم شركة فورد للسيارات، ومايكروسوفت، والبنوك المركزية في البرازيل وألمانيا. وجذب سند بسعر متغير للفائدة أصدره البنك الدولي في يناير/كانون الثاني 2014 مؤسسات استثمارية كبرى مثل بلاك روك و TIAA-Cref وشعبة إدارة الثروات الخاصة بغولدمان ساكس بالإضافة إلى صناديق أخرى للتقاعد ومستثمرين دائمين. وأعلنت شركة زيوريخ للتأمين مؤخرا عزمها استثمار مليار دولار في السندات الخضراء التي يصدرها البنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية، وبنوك إنمائية أخرى.
ومع تنامي طلب المستثمرين على السندات الخضراء، هناك أيضا أعداد متزايدة من مصدري السندات الخضراء في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا بصدد وضع برامج تلبي الطلب تتراوح من البنوك الإنمائية إلى السلطات المحلية فمؤسسات الأعمال، وشركات المرافق.