يتمتع الأردن اليوم بحد كبير من المساواة بين الجنسين في مجالي الصحة والتعليم. ورغم التحسن الملحوظ في معدل العمر المأمول للمرأة ونسبة تعليمها على كافة المستويات، إلا أنه لم ينعكس بعد في مشاركتها في الأنشطة الاقتصادية وولايتها على نفسها.
تقرير جديد صادر عن مجموعة البنك الدولي بشأن المساواة بين الجنسين في الأردن بعنوان "المشاركة الاقتصادية والولاية والوصول إلى العدالة" يتناول هذا السؤال المحوري. ويجد التقرير أن التحسن الذي طرأ على التنمية البشرية لم يؤدِ بعد إلى تحسن في مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية وولايتها على نفسها. وقد سلطت المشاركات في ورش العمل، التي نُظمت لبحث نتائج التقرير، الضوء على العوائق أمام حصول المرأة على عمل.
الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة الأردنية أسمى خضر قالت خلال الورشة إن "رسوم الحضانات باهظة للغاية، وتوظيف عمال منزليين مكلف أيضاً، كما لا تتوفر خدمات النقل العام، ضف إلى ذلك أن الحد الأدنى للأجور هو 190 دينار بالشهر (270 دولار أميركي). لذا من الطبيعي أن تشعر المرأة أنه من الأجدى مادياً أن تبقى في البيت"
وأشارت مشاركات أخريات إلى أن هذه القيود دفعت المرأة إلى إدارة مشروعات غير رسمية من المنزل، مما يترك بعض الآثار الاقتصادية السلبية على الأردن حيث أن هذه الأنشطة لا يدفع عنها ضرائب.
هذه ليست سوى بعض المشاكل التي تثبط عمل المرأة في الاقتصاد الرسمي. فالمشاركة الاقتصادية للمرأة الأردنية مازالت ضعيفة رغم الجهود الرامية إلى تحسينها. كما أن نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة لا تتجاوز 22 في المائة مقابل 87 في المائة للرجال، وفي عام 2011 لم يتجاوز نصيب المرأة من إجمالي القوى العاملة 20 في المائة.
ومن غير المرجح أن تشارك المرأة المتزوجة في القوى العاملة، في حين تواجه الفتيات والمتعلمات الجاهزات للانضمام إلى القوى العاملة معدلات كبيرة من البطالة. ويضر التحيز للرجال في البنية الاقتصادية للعمالة بمشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية.
ففي سوق العمل الأردني الذي يتسم بدرجة عالية من التجزؤ، تتمركز الفرص المحدودة المتاحة للنساء في جهاز الخدمة المدنية وبالأخص في قطاعي الصحة والتعليم. ومما يزيد الوضع سوءاً أن هذين القطاعين لم يشهدا زيادة كبيرة في الوظائف الجديدة خلال العقود الماضية. كذلك لم تستفد المرأة من ارتفاع معدلات النمو في البلاد بشكل عام.
ويبدو أن العوائق التي تقف حائلاً دون مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي تبدأ من تحصيلها العليمي، ويزداد تأثيرها السلبي بفعل تدني الحوافز الاقتصادية، فضلاً عن قيود الأعراف الاجتماعية. ويظل هناك فصل واضح بين المهارات والتعليم اللذين عادة ما تكتسبهما المرأة واللذين يطلبهما أصحاب الأعمال، لاسيما في القطاع الخاص.
وفي هذا الصدد تقول الدكتورة آمنة الخصاونة، مديرة مركز الأميرة بسمة لدراسات المرأة الأردنية في جامعة اليرموك بمحافظة إربد الشمالية، والتي استضافت ورشة عمل عن هذه المسألة، إن "نسبة التعليم بين الأردنيات وصلت إلى 99 في المائة وهي الأعلى في المنطقة. لكن المشكلة الرئيسية التي تواجه توظيف المرأة هي عدم التوفيق بين التعليم واحتياجات سوق العمل."
وأضافت أنه "لا يوجد نقص في الدراسات أو الاستبيانات التي توضح كيفية تحسين اندماج المرأة في الاقتصاد، لكن لم يتم بعد تجميعها في استراتيجية شاملة. وكانت اللجنة الوطنية للمرأة الأردنية قامت بوضع مسودة استراتيجية لإعادة صياغة القوانين وخاصة قانون الأحوال المدنية وذلك لتعزيز حقوق المرأة. لكن الحكومة لم تخصص ميزانية لتنفيذ ذلك."