Skip to Main Navigation
موضوع رئيسي

كسر حلقة الأداء الضعيف بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا

04/14/2015



نقاط رئيسية
  • أوشكت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الوفاء بهدف تعميم التعليم والرعاية الصحية، إلا أن هناك استياء عاما من ضعف الخدمات.
  • مع قلة الآليات لمساءلة واضعي السياسات وموظفي الحكومة ومقدمي الخدمات على ضعف الأداء، ثمة القليل من الحوافز لتحسين جودة الخدمات.
  • يرصد تقرير مرتقب للبنك الدولي السبل الممكنة لكسر حلقة الأداء الضعيف من خلال الاستفادة من النجاحات المحلية التي تبرز أهمية بناء علاقات سليمة على المستويات الوطنية والمحلية من أجل تحسين الخدمات.

في رده على استطلاع للرأي على فيسبوك عن جودة الخدمات العامة في الأحياء، قال مهند الدوري، وهو أحد مواطني الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "أصعب شيء يمكن الحصول عليه هو جودة الرعاية."  لطالما تمتع مواطنو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتعميم التعليم المجاني والرعاية الصحية المجانية للجميع تقريبا.  ورغم أن هذا يمثل إنجازا، فإن شعور مهند بخيبة الأمل إزاء ضعف الخدمات هو أمر يشاطره فيه كثيرون. فالطلاب الذين يتخرجون من المدارس المحلية يكتشفون أنهم دون مستوى التأهل الكافي لاقتصاد القرن الحادي والعشرين، وكثيرا ما يجد من هم في حاجة إلى الرعاية الصحية العيادات خالية من الأطباء أو من الأدوية. وقد أصبح ضعف الخدمات مصدر استياء واسع النطاق. إذن ما الخطأ الذي حدث؟

بداية، تعدم المؤسسات المسؤولة عن تقديم الخدمات في المنطقة آليات المساءلة.  بمعنى آخر، ليس هناك أنظمة لقياس مدى تلبية هذه المؤسسات لاحتياجات المواطنين.  وهذا يعني أن الموظف العمومي يفتقد واحدا من أهم الحوافز على الأداء الجيد.  كما أن هذا يجعل النظام عرضة للتلاعب، مع توزيع الموارد على أساس العلاقات السياسية وليس على أساس الحاجة إليها. 

وقد سبب انعدام المساءلة مشكلة أخرى أكثر شيوعا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المناطق الأخرى، وهي أن العلاقات السياسية، وليس الكفاءة في الأداء، هي المؤهل الأهم للوظائف والترقي الوظيفي.  وفي عام 2014، وجد مسح بعنوان "الإدارة العامة والتنمية المحلية"، شمل قطاعات كبيرة من البلديات في الأردن، أن ما بين 60 و90 %  من إجمالي من استطلعت آراؤهم يجمعون على أن الواسطة هي الوسيلة الأساسية للحصول على وظيفة حكومية. ومن ثم فقد غصت الأجهزة الحكومية بأناس ليس لديهم الحافز أو الدافع لتقديم الخدمات الجيدة. 

وليست الخدمات الرديئة هي مجرد مصدر للامتعاض، بل إنها تدفع إلى فقد الثقة في الحكومات، وتحد من انخراط المواطن رسميا مع المؤسسات العامة. وفي المتوسط، "يرفض" 52 %  من المواطنين في الشرق الأوسط، أو "يرفضون بقوة"، مقولة أن حكوماتهم تفعل كل ما بوسعها لخدمتهم.  

وعلاوة على ذلك، فهناك قنوات محدودة لتقديم الشكاوى. ووفقا لاستطلاع أجراه معهد جالوب عام 2013، فإن 10 %  فقط من الأردنيين الذين شملهم الاستطلاع أدلوا برأيهم في أحد موظفي الحكومة خلال الشهر الماضي. الخيار الحقيقي الوحيد أمام الكثيرين هو العزوف واللجوء إلى  بدائل عادة ما تكون غير رسمية من أجل تلبية الاحتياجات.  على سبيل المثال، كشف نصف المغاربة الذين استطلعت آراؤهم لصالح تقرير مقياس الفساد العالمي لعام 2003 أنهم دفعوا رشوة للحصول على الرعاية الصحية.   في تونس، أشار ربع من استطلعت آراؤهم أنهم دفعوا مبالغ تحت الطاولة للحصول على احتياجات في التعليم.

ومع عزوف المواطن، يقل الطلب على الخدمات العامة الجيدة كما يقل الضغط على الدولة للمطالبة بالمساءلة.  ويفضي ذلك إلى المزيد من التردي في الخدمات. كما يشكل دائرة مفرغة من ضعف الأداء. ويجلب ضعف الأداء خسائر اقتصادية عندما يطالب المواطن بدفع نفقات "إضافية" من جيبه الخاص للحصول على الرعاية الأساسية الجيدة، كما يشكل عبئا ثقيلا على كاهل الفقير. ومع غياب البدائل أمام المواطن، فإن الخيار الوحيد أمام الفقراء هو التغاضي عن الرعاية المطلوبة.       

كما أكد الاستياء الواسع من رداءة الخدمات على نداء الكرامة الذي ترددت أصداؤه خلال الربيع العربي من 2010 إلى 2011.ومع مصارعة الكثير من أنحاء المنطقة مع التحولات الجارية والصراعات والهشاشة، فإن إعادة بناء الثقة بين المواطن والحكومة سيكون ركيزة أساسية للاستقرار على المدى الطويل.  وستكون استعادة ثقة المواطن في حكومته لتقديم الخدمات بكفاءة خطوة أولى مهمة، ويقتضي ذلك كسر الدائرة المفرغة لضعف الأداء. 



" إن القيادة الوطنية والمحلية، وبناء علاقات مبنية على المساءلة حول أهداف مشتركة، هي التي تحدث أثرا- فهي الأساس لإطلاق الإمكانات الكاملة للقدرات البشرية الضخمة في المنطقة. "


وقد تم العثور على حلول من داخل المنطقة رصدها تقرير سيصدر قريبا عن البنك الدولي بعنوان الثقة ،الصوت ، والحوافز: التعلم من قصص نجاح محلية عن  تقديم الخدمات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويحدد التقرير سلسلة من النجاحات المحلية في تقديم الخدمات العامة الجيدة في الأردن والمغرب والأراضي الفلسطينية. وتظهر الأمثلة أن الموارد ليست هي العامل الفيصل. وعن ذلك تقول هانا بريكسي، رئيسة القطاع المعني بالخدمات العامة في البنك الدولي والمؤلفة الرئيسية للتقرير "إن القيادة الوطنية والمحلية، وبناء علاقات مبنية على المساءلة حول الأهداف المشتركة هي التي تحدث أثرا.  فهي الأساس لإطلاق الإمكانيات الكاملة للقدرات البشرية الضخمة في المنطقة."

فنجاح مدرسة ثانوية للفتيات على مشارف جنين بالضفة الغربية يعزى إلى القيادة المحلية، لاسيما قدرة مديرة المدرسة على إشراك أولياء الأمور، وتحفيز المدرسين، وصياغة إطار عمل من التعاون مع المديرية على أساس من الثقة المتبادلة.  ومرة أخرى، ينبع نجاح مدرسة عامة أخرى – هذه المرة في المجتمع الأردني المغرق في التقاليد – بسبب جهود الإدارة التعليمية التي تتألف من مندوبين عن المجتمع المحلي وعن عشر مدارس في المنطقة لتشكيل هياكل قوى جديدة تعمل من خلالها المدارس والمجتمع المحلي معا لاتخاذ القرارات وإيجاد الحلول للمشاكل المحلية.   وعن هذه النتائج تقول جمانة العارف، عضو فريق البنك الدولي الذي زار المدرسة في إطار البحث المطلوب للتقرير "أصبح أداء الطلاب في الاختبارات الوطنية مصدرا لاعتبار المجتمع وافتخاره."   وأضافت أن "التصدي للمشاكل، كتزويد المدارس بالكهرباء، بات مسؤولية مشتركة." 

هذه الأمثلة تقدم دروسا قيمة، أكثرها إلحاحا خلال هذه الأوقات العصيبة، تتعلق بكيفية إعادة بناء المؤسسات والمشاركة مع القيادات المحلية والمواطنين في وضع الحلول.  ومن شأن تحسين نوعية الخدمات الصحية والتعليمية، وزيادة رضا المواطن وثقته ومشاركته أن يجعل المجتمعات في كل أنحاء المنطقة أكثر استقرارا من الناحية السياسية وأكثر عدلا من الناحية الاقتصادية.  لكن يتعين أولا كسر حلقة الأداء الضعيف ، واستبداله بالسلاسل المتداخلة من الأعراف والمساءلة التي ترسخ تقديم الخدمات بشكل جيد وتعزز ثقة المواطن في المؤسسات العامة والمشاركة مع الدولة.     



Api
Api

أهلا بك