خلال السنوات الخمس الماضية، طالب المواطنون في شتى أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتعزيز تكافؤ الفرص الاقتصادية والمزيد من التنمية، وبمساحة أكبر من المشاركة في القرارات الحكومية، وبقطاع عام أكثر فعالية واستجابة لاحتياجات المنطقة، وبوضع حد للفساد.
واستجابة لذلك، عملت فرق البنك الدولي مع حكومات المنطقة لتحسين الشفافية والمشاركة والمساءلة الاجتماعية. ويعود هذا إلى أن هناك ثلاث ركائز لنظم الإدارة الرشيدة والحوكمة الناجحة والفعالة، وهي: تحقيق أعلى جودة بأفضل سعر، تحسين تقديم الخدمات العامة، وخلق بيئة تساعد على النمو بقيادة القطاع الخاص. وفي هذا السياق، تشكل المشتريات الحكومية، من خلال ارتباطها بهذه الركائز، عنصرا أساسيا وشاملا لكافة القطاعات لإصلاح نظم الإدارة الرشيدة والحوكمة.
قال نادر محمد، مدير إدارة دول مجلس التعاون الخليجي بالبنك الدولي، "الأنظمة الجيدة للمشتريات ضرورية لدول الخليج في وقت تبحث فيه تنويع اقتصاداتها وتعزيز القطاع الخاص. ومن شأن تبادل المعرفة بين الدول العربية التي تواجه تحديات مماثلة أن يساعد على تمكين واضعي السياسات كل في بلده."
قدم فريق المشتريات التابع لمكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دورته التدريبية الأولى عن الاتجاهات الحالية في إصلاح أنظمة المشتريات الحكومية بمركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط بالكويت في وقت سابق من هذا العام، حيث استعرض خبراته في المشتريات الإقليمية والدولية أمام 30 مسؤولا حكوميا رفيع المستوى يمثلون 11 بلدا في المنطقة.
وقال مدير مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط أسامة كنعان، "نعتبر هذه الدورة إحدى دورات التدريب الرئيسية للمركز الرامية إلى ضمان جودة نظم الإدارة الرشيدة والحوكمة في البلدان العربية والتي تشكل عنصرا أساسيا للتنمية الاقتصادية الدائمة والشاملة للجميع. ويأتي التدريب العملي والميداني المقدم في إطار هذه الدورة، والذي يعد استكمالا للمناقشات حول وضع إطار عمل متصور وقوي لأفضل الممارسات في سياسات المشتريات الحكومية، قوبل بشكل جيد من قبل المشاركين."
تشكل المشتريات الحكومية ما بين 15 إلى 20 % من إجمالي الناتج المحلي، ولذا فإن الأنظمة الشفافة لديها القدرة على تحفيز القطاع الخاص وتشجيع النمو الاقتصادي بفتح آفاق الفرص أمام المزيد من الناس لممارسة أنشطة الأعمال، وبشكل عام تحسين البيئة المحلية المواتية للاستثمار والأعمال والتنافس والقدرة على المنافسة.
كذلك، فإن إصلاح وتحديث نظم المشتريات الحكومية هو إحدى السبل الكفيلة بمساعدة الناس على السعي إلى تحقيق طموحاتهم من خلال وضع أنظمة جيدة تتسم بالشفافية والخضوع للمساءلة ومشاركة المعنيين.
وأشارت يولندا تيلور، مدير إدارة المشتريات بمكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى البنك الدولي، إلى "أن تبادل المعرفة على هذا النحو يساعد على التمكين لعمليات إصلاح نظم المشتريات التي تحدث في كل أنحاء المنطقة وتأتي بنتائج فعلية."
وبدلا من أن تستعرض "كيفية ممارسة المشتريات"، تناولت الدورة التدريبية "كيفية تحسين المشتريات "من خلال إصلاحات عالية المستوى للارتقاء بالأداء. وعرض المسئولون العديد من دراسات الحالات، والتي تضمنت عملية الإصلاح في المغرب، وأنظمة المشتريات في تونس والمغرب، ومبادرات فريق عمل مراكش، كتجربة لبنان. واستعرضت تجربة المغرب أهمية الإرادة السياسية القوية والتعاون الدولي لمواصلة الإصلاح.
وتكمل عملية التعلم من النظراء مبادرة الشبكة الإقليمية لخبراء المشتريات في مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي يدعمها البنك، والتي جمعت بين ممثلي القطاع للتعلم من الدروس التي استفادوها من بعضهم بعضا وطرح المبادرات، كإنشاء بوابة إلكترونية إقليمية للمشتريات، والخروج باستراتيجية لبناء القدرات وبرنامج لتدريب الشركات الصغيرة والمتوسطة لتعزيز مشاركتها في أسواق المشتريات الحكومية.
وتبادل المشاركون ما يعرفونه عن عوامل التمكين، فضلا عن التحديات والتوجهات المصممة خصيصا لإصلاح نظم المشتريات في إطار كل بلد على حده. وركزت مناقشاتهم على: تحديث القوانين والمؤسسات؛ والإجراءات المبتكرة؛ والممارسات والسياسات المستدامة والمراعية للظروف البيئية؛ وإضفاء الصبغة المهنية على نظم المشتريات من خلال التدريب والنزاهة، وجهود مكافحة الفساد، وقياس نتائج وأداء المشتريات.
إن سوء الإدارة الحكومية للمشتريات يحول الاستثمارات العامة إلى التزامات سياسية واقتصادية كبيرة، ويعوق الأهداف الإنمائية، ويؤدي إلى زيادة التكاليف وتبديد الأموال العامة. من ناحية أخرى، لا غنى عن وجود نظام متقدم للمشتريات الحكومية من أجل التحسين، فضلا عن كونه أداة رئيسية لتشجيع التنمية المستدامة.