تتجلى آثار التوترات في كل مكان. فرت برناديت تاهيسيو، 43 عاما، إلى الأحراش مع أسرتها عندما وصل القتال إلى قريتهم الساحلية في غوادالكنال عام 2001. وعندما أبرمت معاهدة دولية للسلام في جزر سليمان بعد عامين من هذا التاريخ، عادت لتجد منازلهم الأسمنتية قد دمرها المسلحون فيما احترقت قريتهم وسويت بالأرض.
تقول، "لم نتعاف جيدا بعد. المبالغ التي نحصل عليها الآن تكفي فقط لإطعام أسرتنا. لم نحصل بعد على أموال لإعادة بنائها.
يعيش نحو ربع سكان جزر سليمان تقريبا تحت خط الفقر.(1) برناديت وزوجها ليوك العاطلان عن العمل واللذان لم ينالا قسطا من التعليم ولديهما تسعة أطفال لا يستطيعان أكثر من إرسال أطفالهما ممن هم في سن المرحلة الثانوية إلى المدرسة، رغم أن رسوم المدرسة الابتدائية لا تتجاوز 50 دولارا سولوموني (مايعادل 6.43 دولار أمريكي) للفصل الدراسي الواحد.
تقول برناديت عن أطفالها، "سيكون من الصعب الحصول على المال في المستقبل إذ أن أسعار السلع في المحلات ستكون مرتفعة. إذا لم يلتحقوا بعمل من أجل تدبير لقمة العيش، فسنحيا حياة شاقة."
رغم مرور أكثر من عقد على تحقيق السلام، مازال اقتصاد جزر سليمان ضعيفا، مع اعتماد النمو على مانحي المعونات واستخلاص الموارد الطبيعية. انهيار المنظومة الاجتماعية، وقصور التنمية في المناطق الريفية، وزيادة أعداد الشباب العاطلين والأميين يلقي بضغوط كبيرة على كاهل البلاد.
استجابة لمثل هذه الظروف الصعبة، يقدم مشروع التوظيف السريع الذي يموله البنك الدولي لصغار الشباب التدريب على المهارات الحياتية ودورات قصيرة من الخبرة الوظيفية من أجل زيادة جدارتهم بالتوظيف.
يقول باترسون سيكوا، البالغ من العمر 25 عاما والذي يشارك في المشروع، "المشروع يساعد الناس بتزويدهم ببعض المهارات الأساسية التي يمكنهم استخدامها؛ على سبيل المثال لبيع البضائع في الأسواق."
كمشارك في مشروع التوظيف السريع، أتم باترسون التدريب السابق على التوظيف ووقع عقدا لمدة 150 يوما لتنظيف الشوارع بالمدينة. كما أنه عضو في فرقة شبابية للدراما تستخدم العروض المجانية لتوعية طلاب المدارس والمجتمع الأوسع بالطرق الصحيحة للتخلص من النفايات.
يقول، "بالنسبة لي ولآخرين في الفرقة، ساعدت الدراما قليلا في توفير عمل. العروض لا تستمر طويلا، لكنها تمنحنا الخبرة التي يمكن أن تساعدنا في الحصول على فرصة عمل في مشاريع أخرى."
استطاع مشروع التوظيف السريع خلال ست سنوات تشغيل أكثر من 12 ألف شاب من الأوساط الفقيرة وخلق أكثر من 664 ألف يوم عمل وتقديم أجور بأكثر من 2.8 مليون دولار. وشهد بناء 34 مشروعا للبنية الأساسية في جزر سليمان، فضلا عن دعم أكثر من 1200 مشروع محلي آخر في شتى أنحاء هونيارا ومناطق أخرى. المشروع يستهدف فعليا الفئات الضعيفة، ومن بينهم النساء والشباب العاطلين عن العمل، حيث تشكل المرأة 60% من المشاركين فيه مقابل 53% من الشباب الّذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 29 عاما.
منذ بداية مشروع التوظيف السريع عام 2010، حققت جزر سليمان تقدما كبيرا في استعادة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. ومع هذا، تظل البلاد هشة أمام التحديات الإنمائية الهائلة التي تواجهها. بعض الضغوط التي ساهمت في التوترات يمكن أن تطل برأسها مرة أخرى.
أندرو فيوغا كان قائدا لقوة صقور مالايتا المتشددة بعد أن اختطف والده وعذب وقتل على أيدي متشددي غوادالكنال. وما لبث أن وقّع العديد من اتفاقات السلام وأمضى فترة في السجن، ووجد الآن بعض السلام الداخلي بعد أن استعاد رفات أبيه ودفنه في مالايتا.
اليوم، يدير أندرو مجموعة شبابية كنسية- تسمى فرقة أولاد هونيارا-ويبدي حماسا بشأن رعاية الشباب.
يقول أندرو، "أريد القيام بأفضل ما يمكن لهؤلاء الأولاد. الحياة فيها الشيء ونقيضه دوما. إن البلاد تحتاج إلى قيادات صالحة تولي التعليم الأولوية. عندما يغيب التعليم، ترى الكثير من التسرب المدرسي. وقد يمارس قطاع كبير من مواطنينا الشباب أشياء غير مقبولة بالمجتمع مثل القمار وشرب الخمور والمخدرات. ثم تأتي المزيد من المشاكل، مثل الجرائم. "
إن أكثر ما يؤرقه هو توفير فرص لابنه.
يقول أندرو، "إذا كان لي أن أستعد للمستقبل حتى يكون لديه شيء يفعله، شيء يمكن أن يبدأ به، فإن هذا سيكون عظيما."