في العديد من مناطق العالم، لا يحتاج الناس إلى التفكير في تأمين ملكية أراضيهم. فهذه الحقوق ببساطة أمر مسلم به، سواء لصاحب العقار أو للمستأجر. ومع ذلك، فبالنسية لغالبية فقراء العالم، يعد تأمين حقوق الملكية العقارية ترف نادر.
وفقا لما تم بحثه في مؤتمر الأرض والفقر 2017، فإن تأمين حقوق حيازة الأراضي أمر مهم للحد من الفقر ولتعزيز الرخاء المشترك على مستوى البلد والمجتمع المحلي والأسرة. إن حقوق ملكية الأراضي أمر أساسي لتحفيز الاستثمار والنمو، لاسيما في مجالي الزراعة والبنية التحتية؛ ولدعم البلدان وشعوبها في بناء القدرة على الصمود من خلال منع الاستيلاء على الأراضي والحد من الهجرة القسرية.
قال إيدي إيجاز فاسكيز، المدير الأول لمجموعة الممارسات العالمية للتنمية الاجتماعية والمدنية والريفية بمجموعة البنك الدولي، "التصدي لمسألة ملكية الأراضي يقع في الصميم من بناء المجتمعات المستدامة- تحتاج البلدان والمناطق والمدن والقرى إلى تأمين الحقوق، وحدود واضحة، ومرافق للأراضي من أجل النمو الاقتصادي. فالسلطات تحتاج إلى معلومات دقيقة عن المواقع من أجل تخطيط الطرق، والخدمات العامة، والبنية التحتية، وخلق الوظائف."
على مستوى البلد، على سبيل المثال، لم تكن نسبة الوحدات السكنية المسجلة في جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة عام 2005 تتجاوز الثلث. فالناس ببساطة لم تكن تعرف حقوقها، وإذا حاولوا معرفتها، لم يكن لدى الأجهزة معلومات دقيقة. ومن خلال مشروع السجل العقاري والتسجيل، ساعد البنك الدولي الحكومة على تغيير قوانين العقارات واللوائح المنظمة لها في مقدونيا.
وساند المشروع على إنشاء قطاع المساحين الخاص، الذي أتاح لهيئة السجل العقاري الارتقاء بمهام مراقبة الجودة والإشراف. في عام 2005، كان هناك 14 مساحا مرخصا من القطاع الخاص بالبلاد دون وجود أي شركة. بنهاية المشروع عام 2015، ارتفع عدد المساحين المرخصين إلى 249 مساحا وأصبح هناك 152 شركة. علاوة على ذلك، أصبحت الخدمات عبر الإنترنت متاحة على نطاق واسع وعلى جميع الأجهزة الإلكترونية، بما فيها الهواتف الذكية، باللغتين المحلية والإنجليزية، وذلك لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلاد.
ونتيجة لذلك، زادت معدلات المسح للأراضي من 43% إلى 99% من كل أراضي البلاد خلال عشر سنوات. وبعد أن كان تسجيل بيع أو رهن العقار يستغرق نحو الشهرين أصبح الآن لا يستغرق أكثر من يوم أو يومين. وقد أدى هذا إلى زيادة الاستثمارات الخاصة. في الحقيقة، ارتفعت قيمة الرهون العقارية من 450 مليون يورو إلى 3.4 مليار يورو.
قالت مايا ديميتريفسكا، وهي سيدة أعمال من سكوبي، "الفارق واضح. فقد أصبح بوسعي الآن تحويل العقار الذي أملكه إلى رأس مال لتمويل النشاط الذي أمارسه، الأمر الذي يساعد كثيرا في السوق النشيطة التي نعمل فيها."
لكن حقوق ملكية الأراضي والعقارات لا تخدم فقط مصلحة النمو ومناخ الاستثمار في البلاد. فهي مهمة كثيرا للاشتمال الاجتماعي، خاصة في المجتمعات المحرومة على مر التاريخ، مثل السكان الأصليين.
في نيكاراجوا، لم يكن هناك اعتراف بحقوق السكان الأصليين. ومع هذا، فبداية من عام 2002، وبدعم من البنك الدولي، شرعت الحكومة في إجراء إصلاحات رئيسية للقوانين والسياسات والمؤسسات. وبالمضي سريعا على مدى 15 عاما، تمكنت نيكاراجوا من وضع خرائط وصياغة عقود ملكية للمناطق الثلاث والعشرين التي ورثها أحفاد السكان الأصليين في منطقة الكاريبي. تمثل هذه الأراضي أكثر من 30% من مساحة البلاد.