تظهر أحدث بيانات الأقمار الصناعية التي نشرتها الإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي والمبادرة العالمية لخفض حرق الغاز أن حرق الغاز في العراق قد زاد بدرجة كبيرة. فمنذ أربع سنوات فقط، كان العراق يحرق نحو 12 مليار متر مكعب من الغاز سنويا. لكنه أحرق في عام 2015 ما يقرب من 16 مليار متر مكعب، مما يجعله ثاني أكبر بلد حارق للغاز في العالم.
بدراسة التأثيرات الاقتصادية المترتبة على حرق الغاز يتبين أن هناك الكثير من المكاسب التي يمكن تحقيقها بتضافر الجهود الرامية إلى التحكم فيه.
فحجم الغاز الذي يُحرق حاليا يكبّد العراق خسائر اقتصادية تقدر بنحو 2.5 مليار دولار سنويا تكفي للوفاء بأغلب احتياجات البلاد التي لا تُلبى حاليا من توليد الكهرباء بالغاز. وتكفي كميات الغاز التي تُحرق حاليا لتوليد كمية من الكهرباء الإضافية تصل إلى 8.5 جيجا واط. ويتسم هذا بأهمية كبيرة في ظل النقص الشديد في الكهرباء والذي يكلف العراق نحو 40 مليار دولار سنويا (تقرير الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة 2013). وأدى نقص الغاز الطبيعي أيضا إلى استخدام الوقود المُكلّف، وأحيانا المستورد، الذي يكلف البلاد ما بين ستة وثمانية مليارات دولار سنويا.
ومع هذا، يعكف العراق منذ سنوات عديدة على خفض حرق الغاز. انضم العراق عام 2011 إلى المبادرة العالمية لخفض حرق الغاز وأنشأ شركة غاز البصرة عام 2013 من خلال الشراكة بين شركة غاز الجنوب المملوكة للدولة، وشركة شل وميتسوبيشي، من أجل تجميع ومعالجة الغاز المصاحب للنفط وبيعه وذلك من حقوله الجنوبية العملاقة. هذا المشروع يمكن أن يصبح في النهاية أكبر مشروع لخفض حرق الغاز في العالم. بالإضافة إلى هذا، تم افتتاح منشأة جديدة لمعالجة الغاز المصاحب من اثنين من أهم حقول النفط في وقت سابق من هذا العام.
تعتمد جهود العراق في الحد من حرق الغاز بدرجة كبيرة على زيادة سعة المعالجة في محيط مركز استخراج نفط البصرة في الجنوب، حيث تطلق أكبر خمسة حقول للنفط 65% من الغاز المحروق حاليا.
ويحتوي الغاز المصاحب في العراق على نسبة كبيرة من الغاز النفطي المسال الذي يمكن ضغطه وتعبئته في اسطوانات كغاز البروبين والبوتاجاز اللذين يستخدمان في الطهي والتدفئة بالمنازل. ونتيجة لزيادة قدرة شركة غاز البصرة على معالجة الغاز، وبعد التعرض لنقص حاد في الغاز النفطي المسال حتى وقت قريب، أصبح لدى العراق القدرة على البدء مجددا في تصدير مكثفات الغاز الطبيعي والغاز النفطي المسال عام 2016، مما زاد من الإيرادات المطلوبة بشدة.
هناك أيضا الأضرار البيئية الناجمة عن حرق الغاز في العراق. تقدر الانبعاثات التي يطلقها العراق حاليا من غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو 140 مليون طن سنويا. ومن شأن الحد من حرق الغاز، والإحلال المكافئ في توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي عوضا عن زيت الوقود الثقيل وزيت الديزل أن يقلص انبعاثات العراق من غاز ثاني أكسيد الكربون بملايين الأطنان سنويا.
قال بيورن هامسو مدير برنامج الشراكة العالمية للحد من إحراق الغاز "نظرا للمشاكل الأمنية المستمرة في العراق، فمن المستحب أن تخطط الحكومة لمستقبل يخلو من الحرق التلقائي وأن يكون لديها الرغبة في التعهد بتبني مبادرة "التوقف التام عن الحرق التلقائي للغاز بحلول عام 2030". وإذا كان العراق قادرا على الالتزام بإنهاء هذا التبديد، فمن باب أولى أن يتمكن الآخرون من ذلك أيضا."