مشروع ضخ القدرات في القطاع العام هو نهج مشترك لبناء القدرات في الصومال. ويتيح المشروع الذي يديره البنك الدولي من خلال صندوق متعدد المانحين، للحكومة سد الفجوات في قطاع الخدمة المدنية. ومن عناصره الأساسية توظيف الأفراد المهرة والمؤهلين للوظائف الحكومية العامة.
منذ نوفمبر تشرين الثاني 2015، ينشط مشروع تعزيز القدرات في بونتلاند الواقعة على الطرف الشمالي من الصومال. ومنذ بدايته، تم شغل 54 وظيفة في المؤسسات الحكومية الرئيسية، كمكتب الرئاسة، ووزارة المالية، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي.
شُغلت جميع هذه الوظائف من خلال عملية توظيف شفافة وتنافسية، مع خضوع المتقدمين لاختبارات فنية في التخصص المطلوب ولمقابلات شخصية.
تحدثنا إلى بعض المعينين الذين نجحوا في الحصول على وظائف في الخدمة المدنية عن الاختلافات في عملية التعيين، وعن تشجيع المرأة في العمل، وما الذي يمكن أن ينصحوا به مواطنيهم من حيث العثور على عمل في الصومال اليوم.
فرحية عبد الناصر محمود، مدير قسم المتابعة والتقييم لدى مفوضية الخدمة المدنية في بونتلاند
تخرجت فرحية عام 2014 بعد حصولها على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة بونتلاند الحكومية. وفي الجامعة، تطوعت كمساعد إداري بإحدى منظمات المجتمع المدني المحلية. وقالت "كنت تقريبا أدير طاقما مساعدا من الموظفين والمهام الإدارية في المكتب. وبعد أن تخرجت، حصلت على فرصة للتطوع لدى لجنة الخدمة المدنية في بونتلاند، حيث كنت أعمل في جمع البيانات. كان هذا أول تعامل لي مع قسم المتابعة والتقييم."
بينما كانت تتطوع في قسم المتابعة والتقييم في جاروي، العاصمة الإدارية لبونتلاند، كانت الوزارات قد شرعت في تنفيذ مشروع بناء القدرات، وكانت بونتلاند تنسق مع البنك لرصد وتقييم الفجوات بالحكومة. مشروع تعزيز القدرات ينفذه المتلقون، بمعنى أن الحكومة هي التي تضطلع بتصميم المشروع وتنفيذه. وما يفعله البنك هو مجرد تقديم الدعم الفني لها.
حالما تم تدشين المشروع في أواخر عام 2015، بدأت وسائل الإعلام المحلية تمتلئ بالإعلانات عن فرص العمل. قالت فرحية "أتذكر أنني رأيت العديد من الوظائف في بداية عام 2016. ومع هذا لم أكن مؤهلة لشغل العديد منها." ولكن في يوليو تموز من عام 2016، تم نشر وظيفة مناسبة: رئيس قسم المتابعة والتقييم بمفوضية الخدمة المدنية في بونتلاند.
رأت فرحية إعلان الوظيفة وقررت أن تتقدم لها.
إجراءات جديدة للحصول على وظيفة
بالنسبة لشغل أي وظيفة بالخدمة المدنية، ينبغي اتباع 20 إجراء لضمان عدالة عملية التوظيف. الخطوات تتضمن تقديم السيرة الذاتية، والخضوع لاختبار فني، وإجراء مقابلة مع لجنة محايدة، وتدريب الناجحين على الوظيفة الجديدة. هذه العملية تطبق في بونتلاند، وولايات فيدرالية أخرى بالصومال، كما تطبقها الحكومة الفيدرالية للصومال في مقديشو جنوبي الصومال.
نجحت فرحية في الحصول على الوظيفة التي تقدمت لها. وهي على ثقة في أن الخبرة التي حصلت عليها كمتطوعة هناك هي التي منحتها الأفضلية- "الميزة العليا"، كما وصفتها.
تجلت التغييرات التي أحدثتها فرحية في المفوضية بالفعل بعد شهور قليلة فقط من بدء عملها في سبتمبر أيلول 2016: "لم تكن وظيفتي موجودة من قبل، ولذا لم يكن هناك شخص مكرس لقياس التأثير الذي حققه عملي. والآن، يتلقى زملائي ورؤسائي تقريرا شهريا عن المشاريع التي ننفذها، ومن ثم يمكننا بسهولة قياس وتقييم عملنا."
الجزء الرئيسي من النصيحة التي تسديها فرحية للآخرين من الراغبين في الحصول على وظيفة هي ضرورة إبداء الاهتمام من خلال اقتناص فرص التدريب أو التطوع. وتقول، "قد لا يرى الشباب فوائد للتطوع في البداية، لكنني أستطيع أن أضمن لكم أن التجربة والمشاركة ستفيدهم على المدى البعيد."
أحمد عبد القادر عمر، رئيس قسم بإدارة الموارد البشرية في وزارة العمل والشباب والرياضة
سلك أحمد مسارا مماثلا لفرحية. فقد انضم إلى وزارة العمل والشباب والرياضة في فبراير شباط 2013 كمتدرب في إدارة الموارد البشرية. يعتقد أحمد أن "من النادر أن يحصل الشباب على وظائف جيدة تعكس خلفياتهم الأكاديمية بدون الحصول على قدر من التدريب."
حصل أحمد على درجة البكالوريوس في إدارة الموارد البشرية والقيادة من إحدى الجامعات الإثيوبية في أديس أبابا. وقبل أن يصبح رئيسا للقسم في وزارة الرياضة، شغل عددا من الوظائف، من متدرب وحتى مستشار فني للموارد البشرية. كما أنه يتمتع بخبرة استشارية لدى المنظمات الدولية في مجال وضع سياسات وبرامج تدريبية للخدمة المدنية في بونتلاند. "انتهى عقدي كمستشار في أوائل عام 2016، وأنا أعلم أن الحكومة ستعلن قريبا عن وظائف شاغرة من خلال مشروع تعزيز القدرات."
حالما تم الإعلان عن الوظيفة، تقدم أحمد ونجح في الحصول عليها. وانضم إليها كرئيس للقسم في مايو أيار 2016. يقول، "كانت الاختبارات بالذات مبادرة جيدة. الحكومة تتبنى هذا النسق، ونحن نرى أن الأفراد المؤهلين يرتفعون بمستوى الوزارات بقدر كبير."
من خلال عمله في إدارة الموارد البشرية، يدرك أحمد تماما الحاجة إلى آليات لممارسات التوظيف. وقال، "كانت المحسوبية شائعة من قبل. أعلم كيف يشعر المرء العاطل عن العمل في بونتلاند. إن توظيف الناس بشكل جائر يثير الشعور بالإحباط." بعد نجاح مشروع تعزيز القدرات عام 2016، ستقوم بونتلاند بتعيين نحو 80 موظفا مدنيا بتسع مؤسسات حكومية عام 2017.
تأكيد المشروع على عنصر الشفافية يرمي إلى القضاء على التعيينات غير العادلة. وقد وضع أحمد أنظمة موحدة لدفع المرتبات لمراقبة من يحصلون على الرواتب وإطلاع الوزير على أسباب الحصول على هذا الراتب. وقد غير هذا من توجه من يبحثون عن عمل. وقال، "ألتقى بالمزيد من الشباب ]خلال العمل هنا[ ببساطة لأنهم يعرفون أن أمامهم الفرصة للتوظيف."