ألقت الأزمة الحالية في اليمن بضغوط هائلة على سكان البلاد. فمن بين كل خمسة أشخاص هناك أربعة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. وأصيب أكثر من مليون شخص بالكوليرا. ويعاني أكثر من 350 ألف طفل من سوء التغذية الحاد. ونزح أكثر من مليوني شخص داخليا بسبب القتال بينما أصبحت الحياة في غاية الصعوبة بالنسبة لملايين اليمنيين.
للمساعدة على التصدي لهذه الأزمة، أطلق البنك الدولي بدعم من المؤسسة الدولية للتنمية وبالاشتراك مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع مشروعا لمساعدة اليمنيين من خلال استعادة الخدمات الحضرية الضرورية. يستهدف المشروع الطارئ للخدمات الحضرية المتكاملة في اليمن، الذي تبلغ تكلفته 150 مليون دولار، عددا من المدن اليمنية الأشد تضررا من الصراع والتي تدهور فيها مستوى الخدمات بشدة، ويهدف إلى إعادة توفير الخدمات الأساسية، كالمياه والصرف الصحي والنقل والطاقة والخدمات البلدية وإدارة النفايات الصلبة.
تقول رجاء بن تاويت قطان، مدير مكتب البنك الدولي في اليمن: "يحتاج اليمنيون إلى دعمنا خلال هذه الأوقات الصعبة. واستعادة الخدمات الأساسية التي تتجاوز مجرد الاستجابة الطارئة هي أحد العناصر الرئيسية لعمل البنك الدولي في اليمن."
يعتبر اليمن من البلدان الهشة والمتضررة من الصراع، وعلى الرغم من بيئة العمل الصعبة للغاية، بدأ المشروع في تحقيق نتائج واعدة. فخلال الأسبوع الماضي، وبفضل الدعم الذي قدمه، تم استكمال مشروع لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية بالمستشفى الجمهوري ومركز علاج الأورام المجاور له في العاصمة صنعاء. وبسبب الصراع، كان المستشفى يعاني من انقطاع الكهرباء الذي كان يحول دون علاج المرضى بالشكل المناسب. ولمواجهة تقطع إمدادات الكهرباء من الشبكة الرئيسية، كان المستشفى يعتمد على توليد الكهرباء بالديزل، وهو ما لم يكن مكلفا فقط، بل أيضا معرضا للتوقف بسبب نقص الوقود في البلاد.
يقول د. نصر القدسي، مدير المستشفى الجمهوري في صنعاء: "هناك نحو أربعة آلاف يمني يستفيدون من خدمات المستشفى الجمهوري يوميا. ويشكل نقص إمدادات الكهرباء تحديا كبيرا يؤثر على عملياتنا. والحل الذي قدمه البنك اعتمادا على الطاقة الشمسية لتوفير إمدادات ثابتة من الكهرباء سيزيد قدرة المستشفى على تقديم الخدمات التي يعتمد عليها الكثير من اليمنيين."
وفي مواجهة ذلك الوضع، عمل البنك الدولي مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع لتركيب ألواح شمسية على سطح المستشفى واستبدال ستة آلاف مصباح داخلي بمصابيح ليد أكثر توفيرا للطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تم تركيب خمسة سخانات شمسية للمياه للحد من الاعتماد على المولدات التي تعمل بالديزل. كما سعى الفريق إلى تحسين الوضع الأمني حول المستشفى بتركيب إنارة أفضل للشوارع والمنطقة المحيطة بالمستشفى. وهذه المساهمة من شأنها المساعدة في الحد من اعتماد المستشفى على مولدات الكهرباء التي تعمل بالديزل.
قال طاهر أكبر، أخصائي أول إدارة مخاطر الكوارث بالبنك الدولي ورئيس فريق المشروع: "يجمع المشروع العديد من القطاعات معا لتقديم حلول متكاملة. فبالإضافة إلى الكهرباء، يدعم المشروع أيضا استعادة خدمات المياه في المنطقة وإعادة تأهيل الطرق."
ومن أجل تنفيذ المشروع، أكد كل من البنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع على التنسيق الوثيق مع شركاء التنمية الآخرين. وتقوم كل من منظمة الصحة العالمية واليونيسف بشكل خاص بالمساعدة في تحديد المرافق الصحية المهمة التي تحتاج إلى حلول للطاقة المتجددة. وهذا المشروع يكمل المشروع الطارئ للصحة والتغذية الذي تموله مجموعة البنك الدولي لدعم قطاع الصحة باليمن. إن الهدف الأسمى لهذا الجهد المشترك هي مساعدة المستشفى على مواصلة العمل ليلا ونهارا، ومساعدة الأطباء والممرضات على أداء مهامهم بكفاءة.