"أود أن أقول لكل امرأة، ليس في منطقة الجفر وحدها، وإنما في كل مكان: ركِّزي. فكَّري. حدِّدي ماذا تريدين عمله، وأين تريدين الذهاب... اعْرفي كيف تريدين تطوير حياتك وتنميتها، وكيف يمكنك توسيع آفاقك."
جاءت هذه الكلمات الملهمة على لسان حمده أبو تايه، وهي سيدة عجوز من قرية صغيرة في بادية الأردن - وهو اسم يُطلِقه الأردنيون على تلك المنطقة الصحراوية الشاسعة تكريما وإعزازا لها. حمد هي رئيسة جمعية سيدات الجفر التي تضم 42 عضوا وأفراد من مجتمعها المحلي، لاسيما النساء ذوات الاحتياجات الخاصة والأيتام. وأتاح المشروع لعشر نساء لم يكملن تعليمهن الثانوي أو واجهن عقبات كبيرة الفرصة لكسب الدخل. وقالت حمدة "إنه حقا نجاح هائل لنا." حمده هي نموذج مشرق ودليل على أن منح النساء في المناطق غير المتطورة الفرصة لتحسين سبل كسب عيشهن يؤدي في نهاية المطاف إلى مُضاعفة المكاسب في المجتمعات المحيطة بهن.
ينبض صوت حمده بالفخر والاعتزاز وهي تتحدث عن قدرتها على إدارة مشروع تجاري، وتوظيف الكثير من النساء على الرغم مما لاقته من عقبات كبيرة. "بالنسبة لامرأة مثلي أن تجد وظيفة مع أنها أمية لم تذهب قط إلى المدرسة ولم تقرأ أو تكتب شيئا لكنها وضعت لنفسها هدفا، واستطاعت تحقيقه؟.... أردتُ أن أمضي (بهذا النجاح) قدما."
كانت حمده شأنها شأن معظم النساء في قريتها المحافظة عاطلة عن العمل، وليس أمامها فرصة لكسب أي دخل. ولم تكن لديها خبرة في مجال الأعمال لكونها أمية لا تعرف القراءة أو الكتابة في مجتمع لا يُحبِّذ عمل النساء في أماكن عامة ولا يتقبَّل أن يكثرن الخروج والتنقل، لكنها أرادت أن تتغيَّر الأوضاع.
وهكذا استطاعت من خلال فكرة ميسورة الحصول على دعم نقدي وتدريب من مشروع البادية للحفاظ على النظم البيئية وسبل كسب العيش في الأردن بالاشتراك مع الصندوق الهاشمي لتنمية البادية. ومكَّنها هذا من إنشاء مشروع للحرف اليدوية مُوجَّه خصيصا للنساء ليعملن ويصنعن سلعا من داخل منازلهن.
أعطى مشروع البادية ،الذي نفَّذته الحكومة الأردنية بالاشتراك مع البنك الدولي، حمْده 14 ألف دينار أردني (19477 دولارا) لمساعدتها على تأسيس مشروعها. وموَّل المشروع أيضا دورات تدريبية لتمكين النساء من تأسيس مشروعات أعمالهن وتنميتها.
وقبل تنفيذ هذا المشروع في بادية الأردن، خلص مسح استقصائي للبنك الدولي إلى أن الأسر في المنطقة تكسب في الغالب رزقها من الأنشطة الرعوية التي تتناقص إنتاجيتها بسبب التدهور الكبير للأراضي من جراء تغيُّر المناخ. ومازال الرجال يتمسكون بهذه الحرفة التقليدية، لكن الشباب لا يولي اهتماما يُذكر بهذا المصدر لكسب الرزق.