الإحصائيات
للخوض في خلفية هذا الأمر، يُعد معدل مشاركة النساء في القوى العاملة في إقليم كردستان العراق من أدنى المعدلات في العالم بنسبة 14% (حسب إحصائيات عام 2015). وقد تأثرت النساء في هذا الإقليم بشدة من جراء الأزمة المالية، وعدم الاستقرار السياسي، والصراع الدائر في المناطق المجاورة. وزاد معدل البطالة زيادة كبيرة في عام 2015، ولاسيما فيما بين الشابات، ليصل إلى 69% بين من تقل أعمارهن عن 24 عامًا (مقارنة بنسبة 24% بين الرجال) و36% بين النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25-34 عامًا (مقابل 11% بين الرجال). ومن بين النساء العاطلات عن العمل، تحمل أكثر من ثلثهن درجات ما بعد المرحلة الثانوية، مقارنة بنسبة 25% من الرجال العاطلين عن العمل.
ومن بين النساء اللاتي لديهن وظائف، يعمل ما يقرب من 80% منهن في القطاع العام، مع وجود نحو امرأة واحدة فقط من بين كل 100 امرأة في سن العمل تعمل في القطاع الخاص. ويرغب أكثر من نصف النساء غير العاملات (54%) في الحصول على عمل. وقد سبق لنحو 10% من النساء العمل، إلا أن العديد منهن توقفن عن العمل بسبب تسريحهن.
إذن، ما هي المعوقات التي تحول دون انضمام النساء إلى القوى العاملة والحصول على المزيد من الوظائف في القطاع الخاص؟ يسود العديد من الافتراضات في منطقة الشرق الأوسط التي ترى أن الأعراف الاجتماعية هي معوقات قوية تمنع النساء من العمل، ولاسيما في القطاع الخاص حيث تشكل أمور مثل الاختلاط بالرجال، والتعرض للتحرش، وطول ساعات العمل عوائق وموانع أمام النساء. وقد أطلق البنك الدولي برنامجًا تجريبيًا في عام 2017 من أجل فهم أفضل للمعوقات القانونية والمجتمعية والفردية التي تؤثر في مشاركة المرأة في القوى العاملة.
المجتمع يدعم عمل النساء في القطاع الخاص
أجرى الفريق المعني دراسة استقصائية للأسر المعيشية للوصول إلى فهم أفضل للمعتقدات الشخصية والأعراف الاجتماعية التي تؤثر في رغبة المرأة في العمل في القطاع الخاص وقدرتها على ذلك. وذكر أكثر من 70% من النساء والرجال الذين شملهم استطلاع الرأي أنه من المقبول أن تعمل النساء في القطاع الخاص. وأعرب أكثر من نصف النساء غير العاملات حاليًا اللاتي شملهن الاستطلاع عن رغبتهن في العمل. وعندما سئلن عن الاختلاط في أماكن العمل، رأى أكثر من ثلثيهن أنه من المقبول أن تعمل النساء في مكان مع عدد كبير من الرجال. ويرى عدد قليل للغاية من المشاركين (6.5 %) أن النساء العاملات يخاطرن بسمعتهن بانضمامهن للعمل.
القيود على التوظيف
يتمثل أحد القيود الرئيسية التي تم تحديدها في المشروع في عدم وجود دعم لرعاية الأطفال. في الواقع، كان نسبة لا تتعدى 7.4% من النساء العاملات اللاتي شملهن استطلاع الرأي يحصلن على رعاية لأطفالهن في أماكن العمل. بالإضافة إلى ذلك، كان من المتوقع عودة غالبية النساء العاملات (85%) إلى منازلهن قبل الساعة الخامسة مساءً. ومع ضعف الحماية التي توفرها التشريعات للنساء والأسر في أماكن العمل، يجري استبعاد النساء على نحو منهجي من العمل في القطاع الخاص. وثمة قيد آخر هو ضمان الوظيفة بعد العودة من إجازة الوضع. فبعد انتهاء إجازة الوضع، ليس هناك من الناحية القانونية ما يضمن للمرأة عودتها إلى وظيفتها.
بالإضافة إلى ذلك، نظر مشروعنا التجريبي في تجربة البحث عن عمل لدى النساء اللاتي يبحثن عن عمل ووجد أنه بينما استغرقت النساء العاملات في المتوسط أكثر من سبعة أشهر للعثور على وظيفة، تخلت النساء غير العاملات عن بحثهن في غضون أقل من ثلاثة أشهر. وقد أظهرت النساء العاملات قدرًا أكبر من المثابرة، وربما استخدمن المزيد من القنوات الرسمية (مواقع الإنترنت، وشركات التوظيف، وما إلى ذلك) مقارنة بالنساء غير العاملات.
حلول تجريبية
لمواجهة جميع هذه التحديات، ساعد فريق البنك الدولي حكومة إقليم كردستان العراق في إطلاق المسابقة الأولى من نوعها لشركات القطاع الخاص لوضع سياسات مراعية لأوضاع الأسرة. ولأن الإصلاحات التشريعية تستغرق بعض الوقت، فقد تم تصميم الإجراء التدخلي لزيادة وعي هذه الشركات وتحفيزها على تبني سياسات مراعية لأوضاع الأسرة. وأجرت لجنة اختيار - تتألف من أكاديميين وخبراء في سوق العمل والنوع - تقييمًا لطلبات التقدم للعمل ومنحت 7 شركات جوائز تقديرًا للجهود التي تبذلها لتبني تلك السياسات. وتم تنفيذ هذا النوع من الحوافز في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، بما فيها المملكة المتحدة، وأستراليا، والإمارات العربية المتحدة. وحقق هذا الأمر نجاحًا في العديد من البلدان حيث لا تستطيع النساء العمل في قطاع معين أو صناعة معينة. وتتنوع الجوائز عادة ما بين جوائز مالية إلى تقدير اجتماعي.
ودخل البنك الدولي أيضًا في شراكة مع مؤسسة روانغا التي لديها بوابة للوظائف على الإنترنت لإقليم كردستان العراق، وتقدم تدريبًا مباشرًا للباحثين عن عمل عن كيفية البحث. وجرى اجتذاب الطلاب وغيرهم من الباحثين عن عمل من الجامعات ومعارض التوظيف للتسجيل في هذه البوابة (التي تسمى بوابة روانغا لفرص العمل)، ووجهت الدعوة لأصحاب العمل في إقليم كردستان العراق للإعلان عن فرص عمل جديدة كل شهر. وتألف هذا النشاط من توفير الدعم التدريبي عبر الهاتف للباحثات عن عمل لمدة ستة أسابيع.
وفي حين كان معدل التسرب مرتفعا، بذل أولئك الذين شاركوا في أنشطة التدريب مزيدًا من الجهد في بحثهم عن عمل. وقضى الباحثون عن عمل الذين شاركوا في ثلاث محاضرات تدريبية أو أكثر أربع ساعات إضافية في كل أسبوع في بحثهم عن وظائف. ولا يزال الباحثون عن عمل لا يستخدمون قنوات البحث الرسمية عن الوظائف - مثل بوابة الوظائف عبر الإنترنت، ومراكز التوظيف - على نطاق واسع. ويستمر الكثيرون في الاعتماد على المعارف (العائلة والأصدقاء) للعثور على وظيفة، مما يحد من خياراتهم إلى مجموعة أصغر بكثير.
المُضيّ قُدُماً
تلتزم حكومة إقليم كردستان العراق بدمج المرأة في النشاط الاقتصادي. ويحدد أحدث إطار للإصلاح وضعته الحكومة، ورؤية حكومة إقليم كردستان العراق لعام 2020، العديد من السياسات لتعزيز مشاركة المرأة في الاقتصاد ودعم تعليم الفتيات. واشتملت هذه السياسات على: توسيع نطاق فرص الأعمال للنساء عن طريق تمكين برامج العمل من المنزل، وتعزيز مراكز رعاية الأطفال، وضمان تكافؤ الفرص بموجب القانون. كما تدعو رؤية إقليم كردستان العراق 2020 إلى ضمان أن يأخذ وسطاء سوق العمل (الذين يضمنون التدريب، والمساعدة، و البرامج المالية) الأمور التي تخص النساء في الاعتبار.
ويقدم مشروع البنك الدولي التجريبي في إقليم كردستان العراق أيضًا 15 توصية قابلة للتنفيذ للحد من هذه المعوقات، من بينها تحديث مشروع قانون العمل وسنّه، وضمان التنفيذ الفاعل للقوانين، وتكرار منح جائزة سنوية للشركات، وزيادة وجود المرأة في القطاع الخاص من خلال حملات الاتصال، وإنشاء برنامج لدعم رعاية الأطفال، ودعم توسيع نطاق قنوات العمل الرسمية وتعزيزها، ودعم وسطاء سوق العمل.