قالت أمل زكي "لم أكن أعلم أنني مصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي "سي"... فأنا لم أكن أشكو من أي علة صحية، لكنني لاحظت فقط أنني أنام أكثر من المعتاد." أمل هي واحدة من ملايين المصريين الذين استفادوا من حملة " 100 مليون صحة " لمكافحة الالتهاب الكبدي "سي" وحملة الكشف عن الأمراض غير المعدية.
كشف التشخيص أن هذه الشابة الأم لطفلين مصابة بالالتهاب الكبدي "سي". ولانها واحدة من المستفيدين من الحملة، تحصل أمل على العلاج مجانا من أحد المستشفيات المخصصة لهذا الغرض. وأضافت أمل "العلاج مكلف، ولم أكن لأستطع تحمله لولا هذه الحملة."
ظلت مصر على مدى سنوات تواجه تحديات صحية. ففي عام 2015، بلغ تفشي الالتهاب الكبدي "سي" في مصر أعلى مستوى له على مستوى العالم، إذ بلغ عدد المصابين 5% من السكان البالغين. وكان لارتفاع معدلات الإصابة آثار اقتصادية كبيرة، منها انخفاض سنوي في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1.5%. كما كانت نسبة سقوط مرضى الالتهاب الكبدي في براثن الفقر أعلى بخمسة أمثال غيرهم. وبالتوازي مع ذلك، كانت البلاد تواجه أيضا عبئا متزايدا ناجما عن مخاطر الإصابة بالأمراض غير المعدية (ارتفاع مستويات ضغط الدم والسكر وزيادة وزن الجسم) المسؤولة عن نحو 92% من جميع الوفيات و 67% من الوفيات المبكرة. وساهم التقاعس عن التشخيص المبكر للأعراض في ارتفاع معدلات الوفاة الناجمة عن الإصابة بهذه الأمراض. وأثرت هذه التحديات تأثيرا سلبيا هائلا على رفاهة المصريين وحدت من قدرتهم على أن يحيوا حياة صحية منتجة.
وللقضاء على هذه المخاطر المتزايدة، مضت مصر سريعا بمجموعة من المبادرات الموجهة لحماية صحة المصريين وإعادة توجيه النظام الصحي نحو توفير رعاية صحية شاملة ومنصفة وأعلى جودة. وتضمنت هذه المبادرات إطلاق نظام التأمين الصحي الشامل، وتحسين مستوى الرعاية الصحية في المستشفيات العامة واستهداف أمراض معينة كأولويات وطنية.
ومع تصدر الالتهاب الكبدي "سي" والأمراض غير المعدية للمخاطر التي تهدد صحة المصريين، أطلقت حملة 100 مليون صحة للفحص في عام 2018 على مستوى البلاد- لتصبح الأكبر من نوعها على مستوى العالم. ويشي عنوان الحملة بهدفها المتمثل في تحسين الصحة لدى كل المصريين.
وتوفر هذه الحملة التي أطلقت على مستوى البلاد الفحص بهدف الكشف عن الإصابة بالالتهاب الكبدي والأمراض غير المعدية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق النائية والمحرومة من التنمية. ويخضع المواطنون للفحص، سواء في مستشفيات مخصصة لذلك أو في سيارات الفحص المتجولة التابعة للحملة. وتشمل عوامل خطر الإصابة بالأمراض غير المعدية التي يتم الفحص للكشف عنها مؤشر كتلة الجسم، والسكري، وضغط الدم. ويُحال المستفيدون من الحملة الذين تم تشخيصهم كمصابين بالالتهاب الكبدي إلى المستشفيات المخصصة لذلك لتلقي العلاج مجانا. وتهدف الحملة إلى فحص 53 مليون مواطن ومقيم، كما ترمي إلى علاج 2.2 مليون مريض بالالتهاب الكبدي "سي" مجانا.
قال كريم سعد البالغ من العمر 21 عاما "إنه شعور سيء ومؤلم أن تكتشف إصابتك بالالتهاب الكبدي سي في هذه السن الصغيرة... ففي الماضي، شُخص أبي كمصاب بالالتهاب الكبدي سي. كان أبي على دراية بالأعراض، ولذلك عندما رآني دائم النعاس، طلب مني الذهاب للفحص. ولم أتوقع أبدا أن أكون حاملا للفيروس بسبب صغر سني." أفاد كريم أيضا بأن عملية الفحص والإحالة إلى العلاج كانت سهلة وسلسة للغاية. وقال بارتياح "الآن أنا في الجرعة الأخيرة، وهي إجراء احترازي أكثر منه علاجي." مضيفا أيضا أن العملية العلاجية كانت أكثر سهولة وأقل كلفة من أبيه الذي أنفق، وفقا لكريم، أكثر من 120 ألف جنيه مصري (نحو 7 آلاف دولار تقريبا) على علاجه وأنهك كثيرا خلال هذه العملية.
وتأتي مساندة البنك الدولي للحملة في إطار مشروع تطوير نظام الرعاية الصحية في مصر الذي يتكلف 530 مليون دولار والذي أُطلق عام 2018 لدعم الجهود الجارية لتحسين منظومة الرعاية الصحية المصرية وبناء رأس المال البشري كأحد ركائز النمو والرخاء.