وبإنشاء منصة تمويل التعليم بالتشاور مع صندوق النقد الدولي، واليونسكو، ولجنة التعليم، والشراكة العالمية من أجل التعليم، ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، فإنها تسعى لإيجاد أدوات وبناء قاعدة أدلة وتقديم الدعم الفني من أجل ضمان تمويل أنظمة التعليم على نحو كافٍ واستخدام الأموال بإنصاف وكفاءة. بالإضافة إلى ذلك، ستحشد المنصة الخبراء، بمن فيهم الخبراء في سياسات المالية العامة والإدارة المالية، للعمل مع وزارتي التعليم والمالية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
من جانبه، قال ديفيد كودي، المدير المساعد لإدارة شؤون المالية العامة في صندوق النقد الدولي: "إن هذه المنصة بالغة الأهمية لجعل الجهات الفاعلة الرئيسية تعمل معًا لضمان أن يكون لدى البلدان نهج أكثر تكاملًا تجاه تمويل التنمية." وأضاف: "نحن بحاجة إلى توجيه النقاش حيث تلتقي بالفعل المعرفة بأفضل الممارسات والواقع في البلدان المعنية."
وقال خايمي سافيدرا، رئيس قطاع الممارسات العالمية للتعليم في البنك الدولي: "لدينا كوكبان، من حيث الإنفاق على التعليم." فبينما تضاعف إنفاق البلدان المنخفضة الدخل إلى 200 دولار لكل طفل سنويًا منذ أواخر التسعينيات، يتضاءل هذا الرقم مقارنة بمبلغ 8000 دولار التي تنفقها البلدان المرتفعة الدخل. وأضاف: "يجب إنفاق هذا المال على نحو جيد، ولكن الفروق بين ما يجري استثماره في الأطفال في تلك البلدان كبيرة للغاية". في حين تكون المساعدة الإنمائية مهمة لبعض البلدان، يُعد حشد المزيد من الموارد المحلية واستخدامها على نحو أفضل أمرًا أساسيًا في التصدي لفقر التعلم.
في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يوجد أربعة ملايين طفل غير ملتحقين بالمدرسة، ويُعزى ذلك بصفة أساسية إلى أن الأسر لا تستطيع تحمل رسوم الدراسة. من جانبها، وفرت الحكومة التعليم الأساسي المجاني، وأدخلت زيادات في رواتب المعلمين. إلا أن ويلي باكونغا ويليما، وزير التعليم الابتدائي والثانوي والفني قال: "نحن بحاجة إلى تدابير مالية قابلة للتطبيق ومستدامة."
أما باراغواي، فقد خصصت صندوق استئماني بقيمة مليار دولار بالاستعانة بالإيرادات المتصلة بالموارد الطبيعية لتعزيز البحث وتميز التعليم، وهي تضع خريطة طريق طموحة لإصلاح التعليم. وقال بنينو لوبيز وزير المالية في مقابلة: "إذا طلبنا من المجتمع تقديم المزيد من الأموال، فيجب علينا وضعه في نظام تعليمي أفضل." لتحقيق هذه الغاية، تسعى الحكومة إلى التركيز على نحو أكبر على البيانات، والتقييمات، والنتائج.
ومن بين التحديات الأخرى التي تواجه أنظمة التعليم وأنظمة تمويل التعليم السياسات غير المستدامة ماليًا أو غير المستندة إلى أدلة؛ الخدمات رديئة الجودة للبلدان المنخفضة الدخل، والمجتمعات المحلية الفقيرة داخل البلدان؛ والاستخدام غير الفعال للموارد بسبب نقص القدرات، وعوامل أخرى. وقالت أليس أولبرايت، المسؤول التنفيذي الأول للشراكة العالمية من أجل التعليم: "ما نشهده في التعليم هو أن الأدوات ليست كبيرة بقدر ما يجب أن تكون." وأضافت: "نحن بحاجة إلى الاعتماد على التمويل المبتكر."
وهذا هو المجال الذي يمكن لمنصة تمويل التعليم المساعدة فيه. وسوف ينظم حول أربع ركائز هي: مطابقة التمويل المستدام للاحتياجات؛ وتحسين الكفاءة والإنصاف والإدارة المالية؛ وتعزيز المساءلة ببيانات ورصد أفضل؛ وبناء القدرات والمعرفة. في البداية، ستتلقى البلدان الدعم من أجل وضع استراتيجيات تمويل ذات مصداقية لتحقيق أهداف التعليم الوطنية والحد من فقر التعلم. (يتمثل هدف البنك الدولي الجديد في خفض نسبة الأطفال في سن العاشرة الذين لا يستطيعون القراءة إلى النصف على الأقل بحلول عام 2030) وسيكون أحد العناصر الرئيسية في منصة تمويل التعليم هو تحديد التكلفة التي سيتحملها كل بلد لتجميع حزمة دنيا من الخدمات لإنجاز هذا الأمر. وستستحدث المنصة أيضًا مجموعة أدوات يمكن لصناع السياسات استخدامها لتعزيز أنظمة تمويل التعليم في بلدانهم.
وستروج أيضًا لطرق أكثر فعالية لرصد أفضل البيانات عن الإنفاق وجمعها من عن طريق دعم وضع حسابات للتعليم الوطني ونشر تقرير سنوي عن التمويل العالمي للتعليم. وتوافق باربرا برونز، زميلة زائرة في مركز التنمية العالمية، على فكرة أن "توافر بيانات وأدلة أفضل يُعد أمرًا أساسيًا لتمويل أكثر فعالية." وقد سبق لها العمل مع بيرو وبلدان أخرى لتعزيز مخرجات التعلم على أساس تحليل بيانات الطلاب والمعلمين والتمويل على المستوى المحلي ومستوى المدارس. وقالت: "هذه هي اللبنات الأساسية التي تتيح للحكومات جعل التمويل أكثر إنصافًا، وإيجاد حوافز للأداء، وتقييم فعالية تكاليف البرامج الجديدة." وأضافت: "إن الإنفاق الأكثر ذكاءً يعني إحداث أثر أكبر على التعلم."
وتقدم بيرو مثالًا على الكيفية التي يمكن أن تؤدي بها إصلاحات تمويل التعليم - كتلك الإصلاحات التي تجري في إطار منصة تمويل التعليم - إلى مخرجات تعليمية أفضل. فقد زاد هذا البلد حجم التمويل واستحدث نظام وضع ميزانية مستندة إلى النتائج في التعليم، ومن ثم تحسنت نتائج الاختبارات الدولية والوطنية. وأوضحت وزيرة المالية ماريا أنتونييتا ألفا أن التعاون الوثيق بين وزارتي المالية والتعليم ساهم في نجاح بيرو. وقالت: "في وزارة المالية، نقوم ببناء برامج قائمة على الأداء من أجل التعليم. كما نضع تقييمات مستقلة ونساعد في إنشاء البيانات."
من جانبه، قال سيريل بيير، نائب مدير عام العولمة في فرنسا، إن منصة تمويل التعليم سوف تساعد أصحاب المصلحة على تغيير وجهة نظرهم بشأن تمويل التعليم على أنه إنفاق إلى كونه "استثمار له أثر على المدى الطويل" وعدم التركيز على كم الخدمات التعليمية فحسب، بل على جودتها. ودعا ماثيو ريكروفت، الوزير الدائم لوزارة التنمية الدولية البريطانية، إلى تركيز الإصلاحات على ثلاثة مجالات هي: ضمان الزيادة الكبيرة في التمويل اللازم؛ وتوجيه الأموال حيثما تقتضي الحاجة إلى بلدان محددة، واتباع الأدلة. وقال: "التمويل هو جزء كبير من حجم التحدي." والسؤال الذي يحتاج إجابة هو: "ماذا الذي يحقق النجاح في التعليم بتكلفة منخفضة وفعالية عالية."