وفرضت هذه الجائحة قيوداً متعددة على الموارد المحدودة لوزارة الصحة. وتعيَّن على الوزارة التعامل مع أزمة صحية غير مسبوقة والتحرُّك بسرعة وبشكل استباقي لإدارة الجوانب المختلفة لهذه الجائحة، بدءاً من علاج المصابين بهذا الفيروس وصولاً إلى زيادة المراقبة الوبائية. ونظراً لاتساع نطاق هذا التحدي، فقد خشي كثيرون من انهيار النظام الصحي.
لكن في مواجهة هذه التحديات، أظهرت وزارة الصحة قدرتها على التصدي من خلال الاستجابة لهذا الوضع الطارئ، وإعداد مجموعة من البروتوكولات الطبية لعلاج المصابين بهذا الفيروس، وتزويد المستشفيات في عموم البلاد بالمستلزمات الطبية ومواد الحماية الشخصية إلى جانب التحرُّك بسرعة لزيادة عدد الأسرِّة ووحدات العناية المركزة بالمستشفيات. وبالإضافة إلى ذلك، تعيَّن على الوزارة تكثيف جهودها الإعلامية بتقديم بيانات يومية عن آخر تطورات الوضع الوبائي بناءً على نظام معلومات إلكتروني تتم تغذيته بنتائج فحوصات المختبرات بانتظام، مما يتيح الإبلاغ بشكل لحظي عن معدل تفشي هذه الجائحة واتخاذ القرارات على أساس الأدلة والشواهد.
وبعد مضي أكثر من ثلاثة شهور على حدوث هذه الأزمة، يسجِّل المغرب حالياً واحداً من أدنى معدلات الوفيات (الوفيات بالنسبة إلى إجمالي الإصابات) في العالم (أقل من 2.6%)، وتم بالفعل شفاء 90% من الحالات. ومن خلال فرض قواعد الإغلاق الصارمة، تمكَّن المغرب من احتواء تفشي هذه الجائحة على نطاق أوسع، مما جنَّب الأطباء العاملين بالقطاع العام، وعددهم 9200، التعرَّض لضغوط شديدة.
البنك الدولي يعزز مساندته للحكومة المغربية
مع القيام بتخفيف تدابير الإغلاق تدريجياً في مختلف أنحاء المغرب، بدأت التفاعلات الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية في البلاد تعود شيئاً فشيئاً إلى شبه ما كانت عليه. ولا يزال خطر هذا الفيروس قائماً وبشدة، مما يتطلب اهتماماً وثيقاً من السلطات العامة لتجنُّب حدوث موجة ثانية لهذه الجائحة. وحتى 5 يونيو/حزيران الجاري، أكدَّت وزارة الصحة تسجيل أكثر من 8 آلاف حالة إصابة بفيروس كورونا وأنها ستستمر في تطبيق مراقبة صارمة للوضع الوبائي من خلال توسيع نطاق عمل الفحوصات. وفي هذه المرحلة الحرجة، ستكون هناك حاجة إلى إجراء فحوصات شاملة خاصة بهذا الفيروس لضمان استمرار وقف صعود منحنى الإصابات، مما يسمح بإعادة فتح الاقتصاد والمساهمة في احتواء حدوث موجات تفش في المستقبل.
ورغم تعبئة جزء من التمويل علي المستوى الوطني للتصدي للمراحل الأولى من هذه الأزمة، فإن وزارة الصحة ستحتاج إلى موارد إضافية لإدارة المرحلة المقبلة. ولذلك، خصص البنك الدولي تمويلاً جديداً في إطار برنامج قائم للرعاية الصحية الأولية في المغرب، كما أعاد تخصيص 13.01 مليون دولار من الأموال غير المنصرفة من هذا البرنامج وتعبئة 35 مليون دولار من التسهيل سريع الصرف لمكافحة فيروس كورونا التابع لمجموعة البنك الدولي.
وسيدعم هذا التمويل الإضافي تعزيز قدرات الكشف عن الإصابة من خلال توفير الخبرات الفنية ومعدات المختبرات والأنظمة اللازمة لضمان سرعة اكتشاف الحالات المصابة وتتبُّع المخالطين لها. ويهدف هذا التمويل أيضا إلى دعم المغرب في حشد قدرات الاستجابة السريعة من خلال تدريب الأطقم الصحية العاملة في الخطوط الأمامية وتجهيزها تجهيزاً جيداً.
وقال جيسكو هنتشِل المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي بالبنك الدولي "تهدف هذه المساندة للجهود التي تبذلها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا إلى الحد من تفشيه، وبالتالي الحد من المصاعب الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن هذه الجائحة. وستساعد مساهمات البرنامج في تحسين قدرات اكتشاف الحالات المصابة وعلاجها في الحد من الآثار السلبية لهذه الجائحة على الاقتصاد وتراكم رأس المال البشري".
وقال وزير الصحة المغربي خالد آيت طالب "نرحب بدعم البنك الدولي لمساعدة المغرب على مكافحة وباء كورونا. وسيعزز هذا الدعم بلا شك الجهود التي تبذلها بلادنا تحت إشراف جلالة الملك محمد السادس المتنور لاحتواء هذا الوباء علي المستوى الصحي والاقتصادي والاجتماعي".