يبعث سوء الحالة التغذوية للسكان الفلسطينيين على القلق في ظل تفشي حالات نقص المغذيات الدقيقة بصورة كبيرة ضمن فئات تكتسب التغذية الجيدة بالنسبة لها أهمية خاصة، مثل الأطفال دون سن الخامسة والحوامل والنساء في مرحلة ما بعد الولادة.
وهناك أسباب كثيرة وراء ذلك ومنها: تفاقم انعدام الأمن الغذائي في الضفة الغربية وقطاع غزة يساهم في نقص كمية المغذيات الدقيقة المتناولة ومحدودية فرص حصول الأسر المعيشية الفقيرة خاصة على الأطعمة الغنية بالمغذيات الدقيقة كاللحوم الحمراء والخضراوات الطازجة والحليب.
وثمة عوامل أخرى كالحواجز المادية التي تحد من سبل الحصول على الخدمات الصحية وكذلك انعدام الأمن لفترات طويلة، تحول دون أن يكون هناك تأثير كبير لما يتم اتخاذه من مبادرات عديدة للتصدي لنقص المغذيات الدقيقة. ومن المرجح أن تنتج عن استمرار تفشي حالات نقص المغذيات الدقيقة بشكل كبير عواقب وخيمة على صحة الإنسان والتنمية الاقتصادية إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة.
وينتج نقص المغذيات الدقيقة عن ضعف المدخول الغذائي وسوء امتصاص المغذيات الدقيقة أو عن كليهما، وتزايد الحاجة إلى تلك المغذيات (نتيجة النمو في مرحلة الطفولة أو الإصابة بمرض مزمن)، ووجود عدوى تسبّبها الطفيليات أو الجراثيم أو الفيروسات وعوامل المخاطر البيئية الأخرى. ويرتبط نقص المغذيات الدقيقة لدى النساء والأطفال بزيادة معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات. ولا يؤدي ذلك إلى عواقب صحية خطيرة فحسب، بل يخفض أيضاً من النواتج التعليمية وإنتاجية العمل.
نقص المغذيات الدقيقة يهدد الصحة العامة
فقر الدم هو افتقار الجسم إلى العدد الكافي من خلايا الدم الحمراء السليمة المسؤولة عن حمل الأكسجين إلى الأنسجة، وقد ينتج عن نقص الحديد والمغذيات الدقيقة الأخرى. وفي غزة، يعتبر فقر الدم من مشكلات الصحة العامة شديدة الخطورة. ووفقاً لوزارة الصحة واستقصاءات التغذية التي أُجريت على الصعيد الوطني خلال عامي 2018 و2020، يعاني من فقر الدم أكثرُ من نصف النساء الحوامل والنسبة نفسها من الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و23 شهراً. أما في الضفة الغربية، فيعتبر فقر الدم من مشكلات الصحة العامة متوسطة الخطورة، إذ يعاني منه أكثر من ربع النساء الحوامل، وتنسحب تلك النسبة على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و23 شهراً.
وتعاني نسبة عالية من السكان الفلسطينيين أيضاً من نقص في فيتامينات "أ" و"د" و"هـ"، والتي تلعب دوراً رئيسياً في المحافظة على النظر وصحة العظام والجهاز المناعي.