تعمل دول مجلس التعاون الخليجي على تمكين المرأة من دخول سوق العمل عن طريق تنفيذ إصلاحات ستحفزها وتوفر لها الحماية. ووفقاً لتقرير البنك الدولي الصادر بعنوان "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون" الذي تم نشره، تشمل هذه الإصلاحات: منع التمييز على أساس النوع في التوظيف والحصول على الائتمان، وفصل النساء الحوامل من العمل. وبفضل الكثير من الإصلاحات على مدى السنوات العديدة الماضية، لم تزد نسبة توظيف المرأة فحسب، بل باتت أكثر قبولاً في القطاعات التقنية التي يهيمن عليها الذكور في العادة.
في هذا العام، يركز احتفال الأمم المتحدة باليوم الدولي للمرأة على موضوع إشراك الجميع رقمياً: الابتكار والتقنية لتحقيق المساواة بين الجنسين." ومع استمرار البنك الدولي في دعم الشمول الاقتصادي للمرأة في جميع أنحاء المنطقة، أجرينا حوارات مع ثلاث نساء من دول مجلس التعاون الخليجي تمكَّن من تحقيق النجاح، ويمثلن قدوة للنساء في جميع أنحاء العالم العربي بدخولهن مجال العمل في القطاع الرقمي:
تشغل ياسمين آل شرف منصب مدير وحدة التكنولوجيا المالية والابتكار في مصرف البحرين المركزي. وقالت إنه نظراً إلى أن قطاع التكنولوجيا المالية يُعد قطاعاً جديداً نسبياً، فإنه يتيح فرصة عظيمة للتخلص من القوالب النمطية القديمة لأدوار الجنسين، ويجعل دمج المرأة في هذا المجال من الأمور الطبيعية. وتضيف: "بصفتي امرأة، أشعر بالحماس بأن أكون جزءاً من قطاع التكنولوجيا المالية سريع التطور والنمو، ومن دواعي سروري أن أتمكن من أن أثبت للنساء الأخريات أنه يمكن القيام بذلك."
وقد أمضت ياسمين نحو 11 عاماً في إدارة التراخيص منذ التحاقها بالعمل في مصرف البحرين المركزي. وأصبح لديها اهتمام بالتكنولوجيا المالية عندما شهدت ما تحدثه قوة التكنولوجيا من تحول جذري في الخدمات المالية. وكان تمتعها بتفكير مستقبلي وملكة القيادة التقدمية أيضاً دافعاً لها ألا تقنع بالوضع الراهن، وأن تتبني التغيير. ومن ثم، طُلب منها في عام 2017 أن تقود عملية إنشاء وحدة التكنولوجيا المالية والابتكار في مصرف البحرين المركزي، وهي المبادرة الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
إن القطاع الرقمي يتيح للمرأة مزيداً من المرونة للعمل عن بُعد واكتساب المزيد من القدرة على تحقيق التوازن بين العمل والحياة والأسرة. ولكن كما تقول آل الشرف: "من أجل تحقيق التكافؤ بين الجنسين في القطاع الرقمي، يجب على الشركات وضع إستراتيجياتها على أساس مفهوم التنوع. ويتعين عليها الاستثمار في تنمية مهارات الموظفين لضمان التكافؤ في حصول النساء على فرص التعلَّم والتدريب، بالإضافة إلى إكسابهن مزيداً من المهارات التقنية الأساسية، مثل مهارات الترميز. باختصار، يجب تشجيع النساء على اكتساب هذه المهارات واستخدامها كنقطة انطلاق لدخول هذه الصناعة."
ويتمثل هدف ياسمين المستقبلي في أن تضطلع بدور قيادي في تحقيق رسالة البحرين الوطنية أن ترسخ موقعها بوصفها مركزاً رائداً للتكنولوجيا المالية على الخريطة العالمية. وهي تعتقد أن المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي تصبح اليوم أكثر نشاطاً في جميع المجالات. وقالت: "لقد بدأنا نرى المزيد من القيادات النسائية في المجال العام - وتُعد الزيادة الأخيرة في تمثيل المرأة البحرينية في مجلس الوزراء شهادة على ذلك."
سارة وصل الله الثبيتي، طالبة دكتوراه تقوم بإعداد مكتبة للحمض النووي لاستخدامها في دراسة عن تطوير نظام ذكاء اصطناعي يمكنه الكشف عن الجينات التي تحفز نمو الأورام. وتقوم سارة بتحليل كيفية استخدام المفاهيم الطبية الحيوية في التنبؤ باحتمالية بقاء مرضى السرطان على قيد الحياة، وذلك لأنواع مختلفة من السرطان. وهي تدرس علوم الحاسب الآلي في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.
ودائماً ما أبدت سارة اهتماماً بالقطاع الرقمي. وقالت: "كان جيلي في طليعة من خاضوا تجربة عصر التقدم التكنولوجي. لقد سحرتني كل هذه التطورات التقنية وأنا طفلة وجعلتني دائمة التفكير؛ وغالباً ما كنت أطرح على والدتي أسئلة عن مبادئ بنائها وتشغيلها، وكانت نظرات الحيرة تعلو وجهي. وأدى ذلك إلى تطور حبي للتكنولوجيا."
وقد أتاح لها مجال علوم الحاسب الآلي الفرصة لمتابعة مجالي شغفها، وهما حل المشكلات وإيجاد تجارب جذابة. وأضافت: "يمكنني التوصل إلى أفكار من خلال الترميز، وإيجاد حلول محتملة ووضع تصور لها، ثم وضعها موضع التنفيذ لمعالجة المشكلات الخاصة بالمستخدم."
ووجدت سارة في النساء اللاتي تفوقن في المجال الرقمي مصدر إلهام لها. وقد أخبرتنا قائلة: "إذا نظرنا إلى التاريخ، فسنرى عشرات من العالمات اللاتي ظهرن في مجال علوم الحاسب الآلي، وربما أبرزهن هي آدا لوفلايس التي تُعد أول مبرمجة كمبيوتر، وحملت أول لغة برمجة اسمها."
واليوم، تُجري سارة أبحاثها باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي وتطوير أساليب قائمة على التعلُّم الآلي لعلوم الحياة المختلفة، مثل الطب، وعلى وجه الخصوص، العمل على التنبؤ بالجينات المرشحة المحفزة لأنواع مختلفة من السرطان.
خولة حمّاد هي المديرة التنفيذية لتطبيق "تكلَّم" (Takalam)، وهو تطبيق لعلم النفس على الإنترنت. بعد عودتها من الولايات المتحدة حيث كانت تتلقى دراستها، واجهت الاختيار بين الحصول على وظيفة أو السعي لتحقيق حلمها بإنشاء عمل يحل مشكلة واقعية ويحدث تأثيراً اجتماعياً؛ وهو تطبيق لمساعدة الأشخاص على الحفاظ على صحتهم النفسية. وتطبيق "تكلَّم" هو منصة رقمية للصحة النفسية تتيح الحصول على حلول للصحة النفسية بصفة شخصية ومريحة وتتسم بالخصوصية. قالت خولة: "كان من الصعب مقاومة الراحة والأمان اللذين يوفرهما "التوظُّف"، لكنني قررت المخاطرة ومعرفة إلى أين ستأخذني، واتضح لي أنه أفضل قرار اتخذته في حياتي."
وقد أتتها فكرة تطبيق "تكلَّم" من تجربتها الشخصية عندما واجهت صعوبة في العثور على مثل هذه الخدمة. وأضافت: "لذلك، قررت إيجاد حل، ليس لتلبية احتياجاتي الشخصية فحسب، ولكن أيضاً لتلبية احتياجات أكثر من 100 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذين، وفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، يعانون الاكتئاب أو القلق من نقص فرص الحصول على خدمات رعاية الصحة النفسية بسبب وصمة العار، أو عدم القدرة على تحمل التكاليف، أو القيود اللوجستية."
وأشارت أيضاً إلى مقاومة المجتمع المحلي فكرة خدمات الصحة النفسية بسبب وصمة العار المحيطة بها. إلا أن ما جعل التطبيق الذي أطلقته ينجح هو الاهتمام الذي حظيت به الصحة النفسية في بداية جائحة كورونا. فقد أطلقت الحكومات والشركات والمجتمعات المحلية مبادرات للتوعية، ووفرت سبلاً للمواطنين للتعامل مع الصعوبات النفسية الناجمة عن الجائحة وعمليات الإغلاق. لقد كانت فرصة ذهبية لتسريع وتيرة هذه التكنولوجيا والخدمة الهادفة وإطلاقهما.
يتمثل هدف خولة في منصة "تكلَّم" لتصبح تطبيقاً على الهاتف المحمول للصحة النفسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها. وقالت: "سنغير طريقة تقديم العلاج النفسي، في حين نكمل مشاريعنا للبحث والتطوير، ونطلق نظام فحص شامل مدعوم بالذكاء الاصطناعي يتيح الحصول على نتائج أسرع وأكثر دقة في تشخيص أعراض الاكتئاب أو القلق."
This site uses cookies to optimize functionality and give you the best possible experience. If you continue to navigate this website beyond this page, cookies will be placed on your browser. To learn more about cookies, click here.