في المغرب، بدأ الأمر في أوائل العقد الثاني من القرن الحالي بإنشاء وكالة مخصصة مملوكة للدولة (الوكالة المغربية للطاقة المستدامة - مازن) سعياً إلى إعطاء دفعة قوية لعملية تطوير توليد الطاقة المتجددة على نطاق واسع، مما أدى، في الوقت المناسب، إلى الحصول على مساندة البنك الدولي في تعبئة مصادر متعددة للتمويل الميسر وغير الميسر لتوسيع نطاق استخدام الطاقة الشمسية. ثم قام القطاع الخاص بعد ذلك بالاستثمار في مئات الميغاواط من توليد الطاقة الشمسية منخفضة التكلفة في هذا البلد المتميز بوفرة أشعة الشمس، والذي يسعى في الآونة الحالية إلى الاستثمار في توليد الطاقة الريحية براً وبحراً أيضاً.
نقاط رئيسية
- تواجه البلدان النامية عقوبة ثلاثية عند التحول إلى استخدام الطاقة النظيفة: غالباً ما تدفع أموالاً أكثر مقابل الكهرباء، ولا يمكنها النفاذ إلى مشروعات الطاقة النظيفة، كما تبقى رهينة للاعتماد على الوقود الأحفوري.
- يحدد الإطار الجديد للبنك الدولي المُسَمَّى: "Scaling Up to Phase Down - تمويل أنشطة التحول نحو استخدام الطاقة النظيفة في قطاع الكهرباء" كيفية التغلب على الحواجز التي تعرقل التحول في مجال الطاقة، والذي تم اختصاره في "حلقة حميدة" تتألف من ست خطوات للاستثمار في الطاقة النظيفة.
- يتطلب توسيع نطاق الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة كميات أكبر من مصادر التمويل ميسور التكلفة - بشروط ميسرة في الغالب - لتحفيز هذه العملية وتقوية أسس القطاع التي يمكنها حينئذٍ اجتذاب مستويات غير مسبوقة من التمويل الخاص المطلوب.
لقد وصلنا إلى هدفنا الأصلي المتمثل في توليد 40% من الباقة الطاقية استناداً إلى مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2021، وكانت أول 40% الأكثر إيلاماً - وسيكون الوصول إلى 10% القادمة أسهل.
وتشير تقديرات الوزيرة ليلى بنعلي إلى أن المرحلة التالية من التحول في مجال الطاقة في المغرب ستكلف البلاد نحو مليار دولار من الاستثمار المتواصل، يأتي معظمه من القطاع الخاص.
وتنعكس قصص النجاح مثل المغرب في حلقة تتألف من 6 خطوات حددتها دراسة جديدة للبنك الدولي تحت عنوان: "Scaling Up to Phase Down - تمويل أنشطة التحول نحو استخدام الطاقة النظيفة في قطاع الكهرباء" التي تهدف إلى تضييق هوة التفاهم بين البلدان النامية والشركاء الدوليين بشأن التحديات التي تواجهها هذه البلدان لتوسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة والخفض التدريجي لعمليات توليد الكهرباء باستخدام الفحم.
حلقة حميدة تتألف من6 خطوات لتسريع وتيرة التحول في استخدام الطاقة
من شأن المساندة الواضحة والمنسقة للتحول نحو الطاقة النظيفة والواردة في الدراسة أن تساعد البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل على التغلب على العقبات الرئيسية التي تحول دون عملية التحول. إن حجم هذ العقبات غير مسبوق، حيث تشير التقديرات إلى أن البلدان النامية تحتاج إلى استثمارات تُقدر بنحو تريليون دولار سنوياً لقطاع الكهرباء فقط من أجل الوفاء بالأهداف المناخية. وتحاول هذه البلدان في الوقت نفسه تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، والقيام بذلك على نحو موثوق به وبتكلفة معقولة وآمنة.
ويتسبب الارتفاع في تكلفة رأس المال في تعثر هذا التحول، مع ما يترتب على ذلك من آثارٍ ترتد عبر منظومة الطاقة بأكملها. وتعقيباً على ذلك، قال ديميتريوس باباثاناسيو، المدير العام لقطاع الممارسات العالمية للطاقة والصناعات الاستخراجية بالبنك الدولي: "إن البلدانَ الأفقرَ عالقةٌ في حلقة مفرغة حيث تدفع أموالاً أكثر مقابل الكهرباء؛ فهي لا تستطيع تحمل التكلفة الأولية المرتفعة للطاقة النظيفة؛ وتبقى رهينة لمشاريع الوقود الأحفوري. وهي في واقع الأمر تدفع عقوبة ثلاثية لسعيها للتحول في استخدام الطاقة... لقد أصبح شرك الفقر شركاً للطاقة والذي يتحول بدوره إلى شركٍ مناخي."
تبدأ هذه الحلقة بقيادة الحكومة، التي تُترجمُ إلى بيئة تنظيمية داعمة، ومؤسسات ذات قدرات متزايدة، وأدوات للحد من المخاطر، يليها تخصيص للمشاريع يتسم بالشفافية والتنافسية، والذي يمكن أن يوفر الطاقة المتجددة التي تلبي الاحتياجات العاجلة، بما في ذلك أمن الطاقة، والقدرة على تحمل تكاليف الطاقة، وفرص العمل.
الالتزام الحكومي ركيزة أساسية
لبدء الحلقة الحميدة، تحتاج الحكومات إلى مساندة تمويل مناخي منخفض التكلفة بشروط ميسرة للتحضير لعملية التحول، وتدعيم مرافقها وشبكاتها الكهربائية، ثم تنفيذ مجموعة من الاستثمارات ميسورة التكلفة في مجال الطاقة النظيفة. وتُعدُ المراحل الأولية للحلقة الحميدة بالغةَ الأهمية، حيث تعطي الإشارة الصحيحة للمستثمرين إلى أن البلاد مستعدة لاستقبال تدفقات أكبر من رأس المال الخاص للحفاظ على توسيع نطاق مشروعات الطاقة النظيفة.
إن وجود قطاع عام قوي سيؤدي إلى خلق قطاع خاص قوي - وهما يسيران جنبا إلى جنب. فعندما تكون لديك بيئة مواتية بدرجة أكبر، فإن ذلك يقلل من تكلفة رأس المال ويسهل على القطاع الخاص النفاذ إليها.
وفي العديد من البلدان المتعاملة مع البنك الدولي، تتعرض عملية التحول في مجال الطاقة للشلل بسبب ضعف نظم الحوكمة، وتوجيه الدعم لغير المستحقين، وعدم كفاية القدرات والتخطيط. ويصوغ التقرير توسيعَ نطاق استخدام الطاقة النظيفة في إطار الحل، حيث يمكن للطاقة النظيفة أن تنأى بالمرافق عن تقلبات الأسعار وأن تزيل الحاجة إلى إعانات الدعم المُفتَقِر إلى الكفاءة، مما يساعد على إحداث التحول المنشود في هذا القطاع وخلق حيز في المالية العامة.
الخفض التدريجي لاستخدام الفحم يتوقف على توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة
يُقر نهج "Scaling Up to Phase Down - تمويل أنشطة التحول نحو استخدام الطاقة النظيفة في قطاع الكهرباء" بأن الإلغاء التدريجي لتوليد الكهرباء باستخدام الفحم لن يكون مجدياً من الناحية السياسية والمالية إلا بالتوسع في توفير طاقة نظيفة ميسورة التكلفة وقادرة على الصمود. ويحدد هذا النهج أيضاً حلولاً مثل إعادة تمويل التزامات المحطات التي تعمل بالفحم للتبكير بتواريخ إيقاف تشغيلها، والحد من مخاطر الأصول المتقادمة وإدارتها من خلال التخطيط والسياسات الواضحة، وأهمية إعداد أطر انتقالية عادلة للعمال والمجتمعات المحلية التي ستتأثر بالتحول في قطاع الكهرباء.
إن الإخفاق في التحرك على وجه السرعة ينذر برهن العالم في مسارٍ له عواقب خطيرة على المناخ والتنمية. ويجب أن يتكاتف الجميع لتقديم يد العون للبلدان النامية خلال عملية تحولها في استخدام الطاقة.
وفيما يتعلق بالمغرب، قالت الوزيرة ليلى بنعلي إنها واثقة من أن بلادها ستحقق هدفها المتمثل في توليد 52% من الباقة الطاقية استناداً إلى مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 لأن المشروعات الناجحة تدفع إلى استثمارات جديدة - وهذا هو جوهر الحلقة الحميدة.
وأضافت الوزيرة بقولها: "إن التحول في استخدام الطاقة ليس ترفاً، بل إنه ضرورة ملحة." إن التحول إلى الطاقة النظيفة يُعد مساراً طويلاً ومعقداً، لكن منافعه يمكن تحقيقها بشكل تدريجي.