قدَّم مشروع إدارة النفايات الصلبة في غزة خدمة حيوية لإدارة النفايات الصلبة إلى قرابة مليون شخص في جنوب ووسط قطاع غزة. وقبل هذا المشروع، كان يجري التخلُّص من جميع النفايات التي يتم إنتاجها في المنطقة في مكبين رسميين مشبعين في دير البلح والفخاري (صوفا) إلى جانب عدة مطامر عشوائية أخرى أصغر متناثرة في أنحاء قطاع غزة. وكانت مكبات النفايات ومطامر النفايات المنتشرة تُسبِّب مخاطر بيئية وصحية واجتماعية للسكان، وتُؤثِّر سلبياً على جودة الحياة في المنطقة.
اشتملت تدخلات مشروع إدارة النفايات الصلبة في غزة الذي تبلغ تكلفته 32 مليون دولار ويرعاه البنك الدولي وشركاء مانحون1 لحل مشكلة التخلص من النفايات في وسط وجنوب غزة بإنشاء مكب الفخاري (صوفا) الصحي الجديد، ومحطات لترحيل المخلفات، ومنشأة لمعالجة النفايات الطبية، وإعادة تأهيل ثلاثة مكبات رئيسية. وتم استكمال تحسينات البنية التحتية بتقديم دعم لتنمية القدرات إلى مجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة في محافظات خان يونس ورفح والوسطى (وهو مُقدِّم خدمات النفايات الصلبة في القطاع)، واشتمل الدعم على وضْع إجراءات تشغيل مُوحَّدة لمختلف الوظائف والخدمات المتصلة بالنفايات الصلبة، ودعم مالي مرتبط بالأداء يعتمد على تحسين الخدمات واسترداد التكاليف. وبالرغم من البيئة الهشة الحافلة بالتحديات2 التي يوجد فيها مواقع المشروع (أحدها على مسافة 50 متراً فقط من المنطقة الحدودية العازلة بين إسرائيل وغزة)، فإن أنشطة المشروع وتدخلاته وصلت ذروتها بتحقيق تحسينات كبيرة في خدمات الجمع الثانوي والتخلص من النفايات في جنوب ووسط غزة، حيث مستوى رضا المستفيدين 89% في نهاية المشروع.
حسب السيد/ يونس العمور -وهو مزارع بالقرب من بلدة الفخاري "الآن، يعمل مكب النفايات بنظام منضبط وحديث وله حدود معروفة. فالنفايات تُدفَن وتُغطَّى بطبقة من الطفلة الرملية بصورة يومية، وهو ما يمنع انتشار الذباب والحشرات. كما يٌغلق المكب في الليل أيضاً دون السماح لتواجد جامعي النفايات ، ووجود سياج محكم حول المكب يحول دون تواجد الكلاب الضالة."
مع أن للمشروع العديد من الآثار الإيجابية، فإن أبرز إسهاماته يتعلق بما يلي:
- الأثر البيئي: أسهم المشروع بدرجة كبيرة في تخفيف الآثار البيئية، إذ ساعد على إزالة التخلص العشوائي من المخلفات، والتخلص غير الصحي من النفايات الصلبة. وفي الوقت الحالي، يجري تجميع 96% من النفايات التي تُنتج في منطقة المشروع والتخلص منها في المكب الصحي، ويُقدَّر أن نحو 641,540 طناً من النفايات تم تحويلها من التخلص العشوائي إلى التخلص الصحي منذ بدء تشغيل مكب الفخاري (صوفا) الصحي في 2019. وعلى مدار عمر المكب، سيتم معالجة أكثر من 2 مليون طن من النفايات الصلبة في المرحلة الأولى، الأمر الذي سيكون له منافع بيئية كبيرة، منها منع وصول الملوثات إلى المياه الجوفية، وإزالة الروائح المنبعثة، ووضع حد لحرائق المكب وتحسين جودة الهواء، وإعادة تأهيل أكثر من 12.6 هكتاراً من الأراضي الملوثة في منطقة المشروع.
- الإسهامات في التصدي لتغيُّر المناخ: من المتوقع أن يؤدي التخلص الصحي من النفايات مع إغلاق مطامر النفايات الكبيرة في مكبي دير البلح وصوفا القديم إلى حجز 26,407 أطنان من انبعاثات غاز الميثان الأمر الذي سيُسهم في تدابير الحد من مخاطر تغير المناخ وآثاره.
- × الآثار الصحية والاجتماعية: لقد لوحظ أنَّ تحسينات كبيرة طرأت على صحة ورفاهة السكان بفضل انحسار عمليات حرق النفايات، والروائح المنبعثة، والآفات، والكلاب الضالة، والتي كانت تتسبب في انتشار الأمراض التنفسية وغيرها من الأمراض. وقد شكل مكب النمساوي المُغلق حالياً وأُعيد تأهيله خطراً متزايداً على الصحة والسلامة بسبب التخلص المتواصل من النفايات الخطيرة والمختلطة، فضلاً عن خطر انهياره بالكامل.
- استرداد التكاليف، والاقتصاد في التكاليف، والتقدم نحو تحقيق الاستدامة المالية: من خلال التطبيق الناجح لبرنامج الحوافز المرتبطة بالنتائج والمقدمة من الشراكة العالمية للنُهُج المرتبطة بالنتائج، ساعدت تدخلات المشروع على تحقيق تحسينات كبيرة في جهود مجلس الخدمات المشتركة لإدارة النفايات الصلبة لاسترداد التكاليف، وبلغت نسبة استرداد التكاليف 71% عند إقفال المشروع من خط أساس قدره 15% في بداية المشروع. علاوةً على ذلك، انخفض متوسط تكلفة معالجة النفايات الطبية من 2.87 دولاراً للكيلوجرام في 2018 إلى 0.29 دولاراً للكيلوجرام في 2022.
- التعزيز المؤسسي ودعم بناء القدرات: كان المشروع رائداً في تطبيق نظام معلومات إدارة النفايات الذي ساعد مجلس الخدمات المشتركة لإدارة النفايات على مراقبة العمليات اليومية، وتحديد المناطق ذات الاحتياجات الطارئة والاستجابة لها، وتقييم الأداء وتخطيط خدماته بطريقة أكثر كفاءة وفعالية.
- دمج العمالة غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي وخلق فرص العمل: ساند المشروع 16 من جامعي القمامة والمخلفات الذين حصلوا على وظائف رسمية. علاوةً على ذلك، ساعد المشروع على توفير فرص عمل إضافية مؤقتة بلغت نحو 40 ألف يوم عمل للشخص الواحد (أي ما يعادل عمل 133 شخصاً سنوياً/لكل سنة من سنوات المشروع) من خلال أنشطة المشروع المختلفة.
- التفاعل مع المواطنين من خلال حملات التوعية: ساند المشروع تدخلات مُنظَّمة تنظيماً جيداً لإشراك المواطنين بقصد التوعية بالمشروع وتحسين ممارسات التخلص من النفايات بوجه عام. وخلصت عدة مسوح استقصائية إلى أن مستوى رضا المواطنين تحسَّن من خط أساس قدره 55% في بداية المشروع إلى 89% بنهاية المشروع.
وقال ستيفان إمبلاد المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة: "ساعد مشروع إدارة النفايات الصلبة في غزة على إحداث تحوُّل في تقديم الخدمات للسكان على الرغم من البيئة التي تتسم بالهشاشة والقيود الشديدة. ويجب تكرار هذه الجهود لأن أعداد السكان الفلسطينيين مستمرة في الازدياد والنفايات الصلبة لا تزال خطراً محتملاً على الصحة العامة إلا إذا تمت إدارتها إدارةً آمنة وحكيمة."
يشير التنفيذ الناجح للمشروع إلى عدد من الدروس المهمة المستفادة وهي: (1) يُعد التنسيق بين الجهات الفاعلة والتصميم المرن والفعال للمشروع عاملين رئيسيين لمواصلة التركيز على النتائج الإيجابية للسكان المُستهدفين في سياقات هشة وحافلة بالتحديات؛ و(2) تكامل التدخلات المادية لإدارة النفايات الصلبة بالتعزيز المؤسسي وبناء القدرات (مثل وضع إجراءات تشغيل موحدة، ونظام معلومات إدارة النفايات) على تعزيز استدامة نتائج المشروع؛ و(3) المساهمة الفعالة لأنظمة التمويل المرتبط بالنتائج ذات التصميم الملائماللحوافز في تشجيع مُقدِّم الخدمات على بذل مزيدٍ من الجهد لمساندة تحسينات في المجالات المحدَّدة، بما في ذلك جودة الخدمات واسترداد التكاليف؛ و(4) عدم كفاية التدخلات التي تُركِّز على مرحلة واحدة فقط من مراحل إدارة النفايات الصلبة. بدلاً من ذلك، يتيح اتباع نهج شامل ومتكامل من معالجة الدورة الكاملة لإدارة النفايات الصلبة (إنتاج النفايات- الاسترجاع/إعادة التدوير-التجميع-الترحيل-التخلص) مما يحعل النهج الشامل إطاراً سليماً لتطوير قطاع إدارة النفايات الصلبة على نطاق واسع..
وسيكون من الضروري أن تبذل المؤسسات الحكومية وشركاء التنمية والمواطنون جهوداً مُنسَّقة لإحداث تحوُّل في قطاع إدارة النفايات الصلبة من أجل تفادي الأخطار البيئية، والإسهام في تخفيف آثار تغيُّر المناخ، وتحسين الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني ومستوى رفاهيته.
1 يبلغ التمويل المُقدَّم من البنك الدولي (مع منحة من الصندوق الاستئماني الخاص بقطاع غزة والضفة الغربية ومنحة من الصندوق الاستئماني الذي تموله الشراكة العالمية للنُهج المرتبطة بالنتائج) 13.25 مليون دولار، ويشمل المانحون الآخرون الذين شاركوا في التمويل أو قدَّموا تمويلاً موازياً: الوكالة الفرنسية للتنمية، والاتحاد الأوروبي، والبنك الإسلامي للتنمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
2 حدثت ثلاث جولات تصعيد كبيرة وصراعات متكررة في أثناء تنفيذ المشروع (2014-2022).