على مدى السنوات العديدة الماضية، اتخذت العاصمة المصرية القاهرة إجراءاتٍ ملموسة لمعالجة الاختناقات المرورية المشهورة عنها وتزويد السكان بوسائل نقل أسرع وأنظف وبأسعار معقولة لتسهيل حركتهم وتنقلهم من مكان لآخر.
إن تحديث قطاع النقل في حاضرة مترامية الأطراف مثل القاهرة يمثل تحديًا معقدًا، وسيتطلب إجراءات تدخلية على الكثير من الجبهات. فما هي الخطوة الكبيرة التالية؟ إنها تجربة استخدام أحدث جيل من الأتوبيسات الكهربائية، بدءًا بأسطول يضم حوالي مائة أتوبيس كهربائي.
ووفقًا لنيكولاس بلتييه-ثيبيرج، المدير العالمي لقطاع النقل بالبنك الدولي، فإن هذا المشروع يمثل اختبارًا مهمًا لاستخدام الأتوبيسات الكهربائية، وخطوةً أولى رئيسية في التحول نحو شبكة حديثة ومستدامة للنقل العام بالقاهرة الكبرى.
وقال بلتييه-ثيبيرج "هدفنا هو المساعدة في تحفيز كهربة شبكة النقل الجماعي في القاهرة وتحديثها...لكننا نحتاج أولاً إلى معرفة كيف يمكن للأتوبيسات الكهربائية أن تعمل في بيئة حضرية مزدحمة، وأن نجعل الركاب مُقبلين على استخدام الأتوبيسات في تنقلاتهم، وتقييم استجابة روادها، ومعالجة التحديات غير المتوقعة، ومنها عندما يتعلق الأمر بشحن الأتوبيسات وصيانتها."
وتأتي هذه الأتوبيسات الكهربائية في إطار مشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ في القاهرة الكبرى بتمويلٍ من البنك الدولي، والذي يستهدف جعل القاهرة مدينة أكثر اخضرارًا وأكثر ملاءمة للحياة فيها. وستلعب وسائل النقل العام دورًا كبيرًا في تحقيق ذلك، نظراً لأن قطاع النقل يحل في المرتبة الثانية بعد قطاع الطاقة كأكبر مُنتِجٍ لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في مصر . ومن شأن الأتوبيسات الكهربائية الحديثة والموثوقة أن تشجع الركاب على التحول من استخدام السيارات الخاصة إلى الأتوبيسات، مما يقلل من انبعاثات قطاع النقل بشكل كبير.
في القاهرة، تزيد مستويات الجسيمات الدقيقة، التي تشكل أكبر خطر على صحة الإنسان، عدة مرات عن المستويات التي توصي بها منظمة الصحة العالمية. فتلوث الهواء يُعد أحد أكبر مشكلات الصحة البيئية في المدينة. وفي كل عام، يحصل ما يصل إلى مليوني مواطن على العلاج الطبي لأمراض الجهاز التنفسي الناتجة عن سوء نوعية الهواء في القاهرة. وتنطوي هذه المشكلات الصحية على تكاليف اقتصادية باهظة حيث تعادل نحو 1.4% من إجمالي الناتج المحلي لمصر سنويًا.