تقوم الشراكة العالمية للأمن المائي وخدمات الصرف الصحي باستعراض ما قامت به من أعمال خلال السنة المالية الماضية ودورها في إبراز قضية المياه مع التزام العالم ببذل المزيد من الجهود بصورة مجددة لمعالجة أزمة المياه العالمية.
وتأتي المياه في بؤرة تحديات المناخ والتنمية اليوم: فهي إما كثيرة للغاية أو شحيحة للغاية أو ملوثة للغاية، وبالتالي فالعواقب وخيمة، ونتيجة لذلك تتصاعد مخاطر الصراعات الناجمة عن المياه. وإذا واصلنا المضي في مسارنا الحالي، فبحلول عام 2030، قد يواجه 700 مليون شخص خطر النزوح والتشرد بسبب الجفاف.
وكان عام 2023 عاما محوريا أدرك فيه العالم الضرورة الملحة لمعالجة أزمة المياه العالمية وإعادتنا إلى المسار الصحيح لتحقيق الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة وهو إتاحة المياه النظيفة والصرف الصحي للجميع بحلول عام 2030. والشراكة العالمية للأمن المائي وخدمات الصرف الصحي التابعة للبنك الدولي ملتزمة بتسريع وتيرة المساندة للبلدان في إطار سعيها نحو تحقيق الأمن المائي على مستوى العالم.
وهذه الشراكة هي منبر للتعاون ودعم أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه. وتعمل الشراكة على تغيير السياسات، وبناء القدرات، وتحقيق النتائج المرجوة على نطاق واسع. وفي السنة المالية 2023 ، كان لدى الشراكة محفظة مشروعات جارية تضمنت 216 نشاطا وعملية في جميع أنحاء العالم. ومن خلال ما قامت به هذه الشراكة من أنشطة وأعمال، توفرت معلومات ذات قيمة لمشروعات جديدة للبنك الدولي بقيمة 13.5 مليار دولار، وساندت مشروعات أتاحت الحصول على خدمات المياه أو الصرف الصحي لما يقرب من 30 مليون نسمة.
وفي تقريرها السنوي الأخير، تستعرض الشراكة ما قامت به من أعمال لمعالجة مشكلات المياه الكبرى. وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي تحققه الشراكة، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.
الوفاء بالاحتياجات الملحة والمتجددة المتعلقة بتوفير خدمات المياه والصرف الصحي للجميع
من الملاحظ أن العالم لا يسير على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه بحلول عام 2030. وفي عام 2022، لا يزال 2.2 مليار شخص لا يحصلون على مياه الشرب الآمنة، وسيُحرم 3.5 مليار شخص من خدمات الصرف الصحي الآمنة، كما سيُحرم مليارا شخص من مرافق النظافة الصحية الأساسية.
وتساعد الشراكة مشروعات المياه والصرف الصحي التابعة للبنك الدولي على تحقيق النتائج المرجوة من خلال توفير الأدوات والمساعدة الفنية وتقديم المشورة بشأن السياسات. وفي السنة المالية 2023، ساعد التمويل المقدم من الشراكة في توفير المعلومات اللازمة للعديد من عناصر التصاميم المبتكرة لبرنامج بقيمة 1.25 مليار دولار لتعزيز خدمات المياه والصرف الصحي بشكل كبير في جمهورية الكونغو الديمقراطية. فعلى سبيل المثال، استنادا إلى دراسة ممولة من الشراكة عن الحوافز المالية لشراء المراحيض، سيوفر البرنامج للأسر المعيشية في المناطق شبه الحضرية قسيمة إلكترونية، عبر تطبيق على الهاتف المحمول، لشراء مرحاض عالي الجودة بتكلفة مخفضة. وتهدف المرحلة الأولى من البرنامج إلى تزويد 2.9 مليون شخص بخدمات مياه الشرب الأساسية ومليوني شخص بخدمات الصرف الصحي الأساسية في 4 مقاطعات تعاني من نقص الخدمات.
الربط بين خدمات المياه والمناخ والاقتصاد
يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تعطيل الأنظمة الهيدرولوجية (المائية) وزيادة حدوث الأحوال الجوية بالغة الشدة، مما يؤدي إلى زيادة شح المياه وعدم القدرة على التنبؤ بأحوال الجو والتلوث. وتقود الشراكة الجهود العالمية لزيادة الوعي بأهمية المياه واستيعاب هذه الأهمية في حوارات المناخ والتنمية الاقتصادية.
وفي السنة المالية 2023، استمرت الشراكة في إصدار أحدث البحوث والتحليلات التي تشكل السياسات، وتدعم عملية صنع القرار، وتقدم المعلومات اللازمة لمشروعات البنك الدولي. على سبيل المثال، يوضح تقرير الثروة المخفية للأمم: اقتصاديات المياه الجوفية في زمن تغيُر المناخ، أن المياه الجوفية هي بمثابة تأمين من الطبيعة لمواجهة المخاطر المتعددة كما تلعب دورًا أساسيًا للحد من الفقر وبناء القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ والتكيف معه.
ويسلط تقرير جديد بعنوان: ما الذي يخبئه المستقبل بين طياته: نموذج جديد لتخزين المياه، الضوء على أهمية تخزين المياه للتكيف مع تغير المناخ ويقدم نهجا متكاملا متعدد القطاعات لتطوير حلول تخزين المياه. ومنذ إطلاق هذا التقرير، تم إدراج نتائجه في أكثر من 30 مشروعا للبنك الدولي.
تشجيع مشاركة القطاع الخاص بصورة أقوى في قطاع المياه
لتحقيق الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة، يجب زيادة الاستثمارات بنحو 6 أضعاف عن المستويات الحالية بحلول عام 2030. وسيتطلب تعظيم تمويل التنمية تحقيق الاستدامة المالية لشركات تقديم خدمات المياه من القطاع العام، فضلا عن تحقيق الجدارة الائتمانية لها، والاستعانة بمؤسسات الإقراض والمستثمرين من القطاع الخاص لزيادة إجمالي التمويل المقدم ونقل المعرفة.
وفي السنة المالية 2023، ساندت الشراكة البنك الدولي، وهو أكبر مستثمر في مجال خدمات المياه في الأسواق الصاعدة، في جهوده الرامية إلى إيضاح كيفية قيام القطاع الخاص بالاستثمارات في مجال المياه وحتمية ذلك. ففي تونس، على سبيل المثال، قامت الشراكة بتقديم برنامج تدريبي لموظفي المرفق الوطني للمياه المستعملة على كيفية إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال تجميع مياه المستعملة ومعالجتها. ويستهدف مشروع البنك الدولي تدعيم المرفق الوطني للمياه المستعملة في تقديم خدمات محسنة لأكثر من مليوني مستفيد بحلول عام 2030 من خلال هذه الشراكات.
ولتحسين كفاءة مرافق المياه، أطلقت الشراكة دورة تدريبية عبر الإنترنت عن الجدارة الائتمانية لمرافق المياه مع الفريق المعني بتنمية الهياكل الأساسية للقطاع الخاص في السنة المالية 2023. ويجري بذل الجهود حتى تتسق هذه الدورة التدريبية مع عمليات الإصلاح القائمة في إثيوبيا وغانا وإندونيسيا وكينيا وفييتنام وزامبيا.
تمهيد الطريق للمرفق العالمي للتعاون في مجال المياه العابرة للحدود
نظرًا لأن ما يقرب من نصف أنهار العالم تتدفق إلى خارج الحدود الوطنية، فإن التعاون عبر الحدود غاية في الأهمية لبناء القدرة على الصمود في مواجهة مخاطر المناخ، وتحسين الأمن المائي، وتحقيق السلام والاستقرار. وفي السنة المالية 2023، أنشأت الشراكة المرفق العالمي للتعاون في مجال المياه العابرة للحدود، الذي يجمع بين الشركاء والمؤسسات الرئيسية لمساعدة البلدان على فهم المشكلات العابرة للحدود، وتحديد الحلول، وتشجيع إبرام الاتفاقيات ذات الصلة، وتحفيز الاستثمار لدعم الأمن المائي. ويوفر هذا المرفق منبرا للشركاء لتبادل الخبرات العالمية، وتحديد الفجوات والفرص لتقديم المزيد من الدعم والمساندة، والتعلم من بعضهم بعض.
التقرير السنوي الكامل للشراكة العالمية للأمن المائي وخدمات الصرف الصحي لعام 2023 متاح للتحميل هنا.