وفي عام 2015، كان لدى مصر أعلى معدل للإصابة بفيروس سي في العالم بلغت نحو 7% بين السكان البالغين. ووفقا لتقديرات البنك الدولي، فإن أكثر من واحد من بين كل خمسة مصريين تتراوح أعمارهم بين 50 و 59 عاماً كان مصاباً بفيروس سي، وأدى هذا إلى إنخفاض متوسط الإنتاجية بنسبة 7.5% بين المصابين، وانخفاض سنوي بنسبة 1.5% في إجمالي الناتج المحلي. وكان مرضى فيروس سي أكثر تعرضاً لمخاطر السقوط في براثن الفقر بنسبة خمسة أضعاف مقارنة بغيرهم لأنهم كانوا سينفقون مبالغ كبيرة على العلاج ولن يتمكنوا من العمل بسبب اعتلال صحتهم.
ولدعم مصر، وضع البنك الدولي نماذج لسيناريوهات متعددة لعلاج هذا الفيروس وأوضح تبعات وتكاليف الخيارات المختلفة. وبعد مراجعة هذه السيناريوهات، توصلت الحكومة إلى أن الخيار الأمثل هو القضاء على الفيروس تماماً، لأن الخيارات الأخرى لن تكون فعالة من حيث التكلفة ولن تساعد على تحسين صحة السكان على المدى الطويل. ونتيجة لذلك، تم إطلاق حملة "100 مليون صحة" في عام 2018. وتم تنفيذ حملة الفحص الشامل على مستوى الجمهورية على مراحل في تسعة أشهر. وبعد خمس سنوات، ساعدت هذه الحملة مصر على الحصول على «الشهادة الذهبية» على مسار القضاء على التهاب الكبد سي من منظمة الصحة العالمية.
وحصلت هذه الحملة على تمويل قدره 250 مليون دولار من البنك الدولي، في إطار مشروع تطوير نظام الرعاية الصحية في مصر بتكلفة بلغت 530 مليون دولار. وساند البنك الدولي مرحلة التخطيط للحملة من خلال عرض أمثلة ناجحة لحملات صحية عالمية أخرى كي تستفيد منها مصر.
ويرجع نجاح الحملة إلى حد كبير إلى أن عمليات الفحص والعلاج كانت متاحة وغير مكلفة ومريحة لجميع المواطنين. واستهدفت الحملة فحص جميع المصريين والمقيمين في جميع أنحاء مصر الذين تزيد أعمارهم على 18 عاماً على ثلاثة مراحل، وتضمنت كل مرحلة من 7 إلى 11 محافظة، باستخدام ما يقرب من 6000 موقع فحص ثابت وأكثر من 8000 فريق فحص متنقل في جميع أنحاء الجمهورية. وللوصول إلى 57% من المصريين الذين يعيشون في المناطق الريفية، تم نشر 1079 سيارة طبية مجهزة للوصول إلى المناطق النائية والتي تعاني من نقص الخدمات. وتم إنشاء مركز اتصال محترف للمتابعة اللازمة والرد على استفسارات المواطنين.
واستفادت مصر من الحملة من خلال فحص ضغط الدم ومستويات السكر في الدم ومؤشر كتلة الجسم لجميع المشاركين. وساعد ذلك على إنشاء قاعدة بيانات عن الأمراض غير السارية وخرائط بيانية عن الحالة الصحية للشعب المصري. وعلاوة على ذلك، أعدت وزارة الصحة والسكان المصرية لوحة بيانات إلكترونية لتتبع معدلات الفحص على الفور وتوجيه فرق الفحص للتحرك بشكل إستراتيجي إلى المناطق التي كانت معدلات الفحص فيها منخفضة. ووفرت لوحة البيانات الإلكترونية أيضا خدمات الإحالة التلقائية إلى مستويات أعلى من الرعاية إذا وُجد أن بيانات الفحص تستدعي ذلك.
وصاحب ذلك حملة توعية واسعة النطاق من خلال إعلانات تلفزيونية وإذاعية وكوادر صحية محلية تواصلت شخصياً مع سكان المناطق الريفية والمناطق التي تعاني من ضعف معدلات التنمية لضمان معرفة المواطنين في جميع أنحاء البلاد بالحملة وتشجيعهم على الاستفادة منها. وتم إرسال الكوادر الصحية إلى مناطق التجمعات الجماهيرية مثل المصانع، والمساجد، والكنائس والساحات العامة.
وركزت هذه الحملة الإعلامية على تعريف الجمهور بفيروس سي وأخطاره، وعدم الخجل من إجراء الفحص والتشخيص، بل وضرورة القيام بذلك. وكانت الرسائل الرئيسية للحملة هي تشجيع الناس على عدم استخدام الأشياء الشخصية التي تخص الآخرين، والتأكيد على أنه لا ضرر من مخالطة مرضى التهاب الكبد الوبائي سي؛ وإيضاح أن الحبوب أكثر أمانا من الحقن؛ وتشجيع الجمهور على استشارة الطبيب وإجراء فحص فيروس سي؛ وطمأنة الجماهير بأن العلاج متاح وفعال.
وساند هذه الجهود قدرة مصر التفاوضية على شراء مستلزمات الفحص والعلاج بأقل الأسعار، وقد ساعد ذلك على علاج المرضى مجاناً. وكانت العلاجات المضادة للفيروسات المباشرة المفعول المصنعة محليا عاملا رئيسيا في النجاح الملحوظ للحملة - حيث بلغ معدل الشفاء 98.5% بين الأشخاص الذين تلقوا العلاج. وكانت هذه العلاجات بمثابة منفعة عامة عالمية مما ترتب عليه خفض أسعار الأدوية في جميع أنحاء العالم. وقبل الحملة التي أطلقتها مصر، كان سعر العلاج اللازم لعلاج شخص لمدة ثلاثة أشهر في حدود 900 دولار في البلدان منخفضة الدخل ونحو 100 ألف دولار في البلدان مرتفعة الدخل. وفي مصر، كان السعر 58 دولاراً فقط!
ومن جانبه يقول الشاب سعد كريم البالغ من العمر 21 عاماً الذي استفاد من هذه الحملة "لقد شعرت بانكسار شديد وكرب لما علمت أني مصاب بالتهاب الكبد الوبائي سي في هذه السن المبكرة، "ومنذ سنوات، أُصيب أبي بالفيروس، وكان أبي على دراية بالأعراض، ولذلك عندما رآني دائم النعاس، طلب مني الذهاب للفحص. ولم أتوقع أبدا أن أكون حاملا للفيروس بسبب صغر سني."
وأفاد كريم أيضا بأن عملية الفحص والإحالة التلقائية إلى العلاج كانت سهلة وسلسة للغاية. وقال بارتياح "الآن أنا في الجرعات الأخيرة، وهي إجراء احترازي أكثر منه علاجي."
وأضاف أيضاً أن العملية العلاجية كانت أكثر أريحية وأقل كلفة من أبيه الذي أنفق، وفقاً لكريم، مبلغاً كبيراً للغاية على علاجه وأُنهك كثيرا خلال هذه العملية.
ولا تزال خدمات الرعاية الصحية من ضمن أهم أولويات البنك الدولي في مصر. ويركز المحور الرئيسي الثاني لإطار الشراكة الإستراتيجية بين البنك الدولي ومصر للسنوات المالية 2023-2027 تحت عنوان "تعزيز نواتج رأس المال البشري،" على المشروعات والعمل التحليلي الذي يساند المصريين كي يعيشوا حياة صحية منتجة ومزدهرة. تعرف على المزيد من المعلومات عن المشروعات والتقارير الخاصة بهذه الموضوعات، مثل مشروع تطوير نظام الرعاية الصحية في مصر، ومشروع التأمين الصحي الشامل، وتقرير برنامج الفيروس الكبدي الوبائي المصري - الأعباء والإستجابة- تحليل إقتصادي.