يُعد برنامج التحويلات النقدية التابع لصندوق المعونة الوطنية الأردني مثالاً بارزاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باعتباره برنامجاً فعالاً يساعد على تحسين الأحوال المعيشية وتوفيرٍ فرصٍ أفضل للمستفيدين منه. وبفضل المساندة التي قدمها البنك الدولي وشركاء آخرون، قام البرنامج بتوسيع مظلة تغطيته وزيادة مستوى فاعليته. واليوم، يُنظر إلى هذا البرنامج على أنه يمثل أفضل الممارسات لما تضمنه من تأثير إنمائي وابتكار وتعاون مشترك انتهى بإطلاقه.
ووفقاً لتقرير أصدره البنك الدولي عام 2021 تم تحديد برنامج التحويلات النقدية الموحدة في الأردن ضمن البرامج الأوسع تأثيراً فيما يتعلق بإعادة توزيع الدخل والأكثر فاعلية من حيث التكلفة، حيث تشير التقديرات إلى أنه أدى إلى الحد من عدم المساواة بواقع 0.7 نقطة مئوية، ومن معدلات الفقر بواقع 1.4 نقطة مئوية. وتسلط هذه الأرقام الضوء على الأثر الكبير الذي أحدثه البرنامج في معالجة التفاوتات الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية للمستفيدين من الفئات الأكثر احتياجاً.
توسيع نطاق تغطية البرنامج وزيادة فاعليته
زادت الحكومة الأردنية بين عامي 2019 و2023، وبمساندة من البنك الدولي وشركاء دوليين آخرين، ميزانية برنامج التحويلات النقدية المتكررة الذي ينفذه صندوق المعونة الوطنية لأكثر من الضعف، من 100 مليون دينار أردني إلى 240 مليون دينار أردني. وأتاحت هذه الزيادة توسيع نطاق تغطية البرنامج، ليقدم دعماً شهرياً إلى 220 ألف أسرة في عام 2023، بعد أن كانت 97 ألف أسرة في عام 2018. ومع وصول نسبة تغطية البرنامج المقدرة إلى 62% من الفقراء في عام 2021، يتميز برنامج التحويلات النقدية في الأردن الآن بكونه الأكبر في المنطقة من حيث تغطية الأفراد المنتمين للفئات الأشد فقراً.
وأدى البرنامج دوراً محورياً في مساندة الأسر، لا سيما في أوقات الأزمات. على سبيل المثال، وفي أثناء تفشي جائحة كورونا، أطلقت الحكومة مبادرات التحويلات النقدية الطارئة في عامي 2020 و2021 على التوالي، حيث قدمت الدعم الذي تشتد الحاجة إليه إلى عمال المياومة ممن فقدوا مصادر دخلهم.
وفي هذا الشأن قالت إحدى المستفيدات من البرنامج وتدعى "ندى الرماحي": "استفدت من الدعم النقدي الذي غطى احتياجات أطفالي...وقبل تلقي هذا الدعم، كان أطفالي بحاجة إلى أشياء كثيرة، مثل دفع الإيجار ومصاريف الدراسة وفواتير استهلاك المياه والكهرباء. والآن، والحمد لله، يغطي هذا الدعم احتياجاتي واحتياجات أطفالي."
تمكين المستفيدين من البرنامج
يُستكمل برنامج التحويلات النقدية بجهود التمكين الاقتصادي التي تساعد المستفيدين على الالتحاق بسوق العمل عن طريق تحسين مهاراتهم وربطهم بفرص العمل، بالتعاون مع مختلف المؤسسات الوطنية وشركاء التنمية.
وفي عام 2021، أطلقت وزارة العمل البرنامج الوطني للتشغيل الذي يهدف إلى صقل مهارات 60 ألف شاب وتأهيلهم للالتحاق بسوق العمل الرسمي. ويحظى هذا البرنامج بمساندة من البنك الدولي، كما أن 7% من المستفيدين منه هم أيضاً مستفيدون من برامج صندوق المعونة الوطنية. وحتى عام 2024، نجح الصندوق ووزارة العمل في إلحاق 2,300 مستفيد بوظائف رسمية.
وساعدت مبادرة التمكين الاقتصادي هذه "فادية الحناوي" على اكتساب المهارات اللازمة للعمل على تحقيق حلمها في بدء مشروع خاص في صناعة الحلوى. وعلقت "فادية" بقولها: "عندما نتلقى تدريباً يوفره صندوق المعونة الوطنية، فإنه يوفر لنا فرص العمل أيضاً."
تسخير التكنولوجيا لتحقيق الشفافية والكفاءة والأثر الإنمائي
بالإضافة إلى ما سبق، اعتمد برنامج التحويلات النقدية التابع لصندوق المعونة الوطنية التقنيات الرقمية من أجل تحديث عملياته وتبسيطها، حيث طور منصة حديثة تعمل على ميكنة الإجراءات وضمان الشفافية والمساءلة. كما يقوم البرنامج بتقديم الدعم عن طريق الفرق ومراكز التسجيل المتنقلة، لتوفير إمكانية الاشتراك في خدمات البرنامج بشكل عادل لجميع الفئات، ومنهم كبار السن والأشخاص ذوو الإعاقة.
ويتمثل أحد الإنجازات المهمة لبرنامج التحويلات النقدية الذي ينفذه صندوق المعونة الوطنية، في توفير أساليب الدفع الرقمية للمستفيدين، مثل الحسابات المصرفية الأساسية والمحافظ الإلكترونية. ولم تسهم هذه الرقمنة في الحد من الأخطاء فحسب، بل أيضاً في تحسين إمكانية الحصول على مبالغ المدفوعات واتساع نطاق الشمول المالي. بل إن نجاح البرنامج في تشجيع المدفوعات الرقمية أدى إلى قيام البنك المركزي الأردني بتوسيع نطاق الحسابات المصرفية الأساسية على المستوى الوطني، الأمر الذي زاد من مظلة الشمول المالي للأردنيين.
وضع أسس الحماية الاجتماعية الشاملة
يقر البنك الدولي بأهمية توفير الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية الشاملة الذي يهيئ لكل شخص الدعمَ الذي يحتاج إليه متى احتاج إليه، ويسهم في الحد من الفقر وتعزيز الرخاء المشترك. ويتجلى التزام الحكومة الأردنية بتوفير هذا الحد بوضوح في إستراتيجيتها الوطنية للحماية الاجتماعية.
قامت الحكومة الأردنية بإنشاء السجل الوطني الموحد الذي يتسم بالكفاءة ويربط أكثر من 30 مؤسسة حكومية. ويتيح هذا السجل تصنيف المتقدمين بطلبات التسجيل في برامج الحماية الاجتماعية بناءً على مستويات فقرهم، وبالتالي تحسين مستوى عملية الاستهداف وتبسيطها. وكان لهذا السجل دور فعال في توسيع نطاق تغطية برنامج التحويلات النقدية التابع لصندوق المعونة الوطنية وتنفيذه، بما في ذلك الاستجابة الطارئة لجائحة كورونا. وفي عام 2024، وافقت الحكومة على خطة للتوسع في استخدام السجل الوطني الموحد ليشمل تقديم خمس خدمات إضافية للحماية الاجتماعية للفقراء، منها التأمين الصحي ودعم الطاقة ومساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يتيح منصة قوية لتوسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية، ويمهد الطريق لتحقيق التغطية الشاملة.
الاتحاد من أجل التقدم: شراكة تعاونية لتدعيم المعونة الوطنية
تعاون البنك الدولي بشكل وثيق مع الحكومة الأردنية لتدعيم تصميم برنامج التحويلات النقدية، وتعزيز فاعليته في مواجهة الفقر، وبناء القدرة على الصمود، وخلق مستقبل أكثر إشراقاً. وقام البنك وغيره من شركاء التنمية بمساندة صندوق المعونة الوطنية، عن طريق العديد من المشروعات ومبادرات المساعدة الفنية، في تحسين آليات الاستهداف، وتعزيز الكفاءة التشغيلية، والنهوض بفاعلية شبكات الأمان.
إن برنامج التحويلات النقدية في الأردن بات يمثل مصدر إلهام لغيره من البلدان التي تسعى إلى توفير أنظمة حماية اجتماعية فعالة للفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً داخل المنطقة وخارجها.