تعد جيبوتي، الواقعة عند مفترق طرق التجارة الرئيسية، في وضع جيد يؤهلها لأداء دور كبير في دعم خدمات الربط والتكامل، على المستوى الإقليمي في السنوات القادمة. وفي الوقت نفسه، تتصدى جيبوتي لكثير من التحديات، تتراوح بين البطالة بين الشباب، وتزايد آثار تغير المناخ. وتساعد محفظة مشروعات البنك الدولي في جيبوتي، من خلال المؤسسة الدولية للتنمية، بقيمة 400 مليون دولار، على التصدي لهذه التحديات، من خلال التركيز على القطاعات الحيوية؛ مثل الطاقة، والنقل، والتحول الرقمي، والتعليم، والصحة، ودعم المشروعات الصغيرة.
كما تساعد هذه الاستثمارات على تفعيل إستراتيجية رؤية جيبوتي 2035 للحد من الفقر، وتعزيز النمو الشامل للجميع، وبناء القدرة على الصمود في وجه الصدمات المستقبلية.
تحويل التحديات إلى فرص
تقع جيبوتي عند مفترق طرق بين أفريقيا والشرق الأوسط، وهي مركز حيوي للتجارة الإقليمية والعالمية، كما تحقق الموانئ إيرادات تزيد على 400 مليون دولار سنويا. ومع ذلك، تواجه جيبوتي تحديات كبيرة؛ منها محدودية الأراضي الصالحة للزراعة، وندرة الموارد المائية، والاعتماد الشديد على الواردات من أجل الغذاء. وعلى الرغم من موقعها الإستراتيجي، لا يزال اقتصاد جيبوتي قابلاً للتأثر بالصدمات الخارجية والتوترات الإقليمية التي تؤثر على آفاق النمو. وتواصل الحكومة التركيز على تحسين رأس المال البشري، والبنية التحتية، وتنويع النشاط الاقتصادي من خلال مبادرات التنمية الإستراتيجية.
ويساعد البنك الدولي جيبوتي على التصدي لهذه التحديات على نحو مباشر من خلال المؤسسة الدولية للتنمية. كما تدعم المؤسسة، وهي صندوق البنك الدولي لمساعدة البلدان منخفضة الدخل، انتقال جيبوتي إلى اقتصاد أكثر شمولاً وقدرة على الصمود من خلال الاستثمار في التعليم والبنية التحتية والحماية الاجتماعية. وهذه الأنشطة والبرامج بالغة الأهمية لتحقيق رؤية جيبوتي 2035 التي تركز على النمو المستدام وخلق فرص العمل والحد من الفقر.
ويأتي التعليم في صميم إستراتيجية التنمية في جيبوتي، مع التركيز بقوة على إعداد الجيل القادم لاقتصاد سريع التطور، وجدير بالذكر أن مشروع توسيع فرص التعلم هو مبادرة رئيسية لتعزيز فرص الحصول على التعليم، لاسيما للفئات السكانية الأكثر احتياجاً، مثل أطفال الأسر منخفضة الدخل واللاجئين. وفي إطار هذا الجهد، التحق بالمدارس بالفعل أكثر من 23 ألف طفل كانوا غير ملتحقين بها، ومن المقرر أن يصل المشروع إلى 12 ألف طفل آخر بحلول عام 2025. ويشمل التزام الحكومة بالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة إنشاء 43 فصلا دراسياً جديداً في مرحلة رياض الأطفال، مما يتيح فرصا لتعليم 1075 طفلاً في مرحلة الطفولة المبكرة. ويهدف المشروع إلى توفير التعليم في دور رياض الأطفال والحضانة لمدة عام لكل طفل بحلول عام 2035.
ويركز هذا البرنامج أيضا على دمج اللاجئين، وضمان تكافؤ الفرص في حصول الأطفال اللاجئين على التعليم. ومن خلال هذه الجهود، تعمل جيبوتي على تعزيز النمو الشامل للجميع، وتحقيق تكافؤ الفرص لجميع الأطفال في التعليم، بغض النظر عن خلفيتهم أو وضعهم.
وحتى يتسنى تلبية الاحتياجات الفورية لمواطنيها الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية، تعمل جيبوتي على تعزيز نظام الحماية الاجتماعية، وقدم مشروع الاستجابة الطارئة للحماية الاجتماعية المساعدة لأكثر من 86 ألف شخص، من بينهم أكثر من 40 ألف امرأة، من خلال التحويلات النقدية والعينية. وتوفر هذه التحويلات للأسر الموارد اللازمة لتلبية احتياجاتها الأساسية، مما يحد من اعتمادها على المعونات الطارئة. وبالإضافة إلى ذلك، تم ربط 60% من المستفيدين في المناطق الريفية بمؤسسات مالية رسمية، مما عزز الشمول المالي والقدرة على الصمود على المدى الطويل.
وعلى سبيل المثال، تشجع هذه المبادرة تنمية المجتمعات المحلية من خلال إنشاء اتحادات ائتمانية قروية وخلق أنشطة مدرة للدخل، مما يحقق التمكين الاقتصادي للأسر الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية. وعلاوة على ذلك، يعمل المشروع على زيادة سبل الحصول على الخدمات الأساسية من خلال 80 مشروعاً للبنية التحتية، على مستوى القرى والمجتمعات المحلية، وهي مشروعات حيوية لبناء القدرة على الصمود وتقديم حلول مستدامة للسكان المحليين. وفي معرض حديثها تقول، فطومة وهي أم تعيش في منطقةتاجورة: "بفضل هذا الدعم، تمكنت من شراء الطعام لأطفالي ودفع تكاليف العلاج الطبي لزوجي، ولولا هذا البرنامج لكنا نمر بمعاناة ".
ويعتمد مستقبل جيبوتي الاقتصادي على ربطها بالأسواق الإقليمية والعالمية، ومن خلال مبادرة القرن الأفريقي: مشروع الممر الاقتصادي الإقليمي في جيبوتي، تساعد المؤسسة في رفع كفاءة البنية التحتية الرئيسية، والحد من الحواجز التجارية، وتعزيز التكامل الإقليمي. ومن المتوقع أن تؤدي هذه التحسينات إلى خفض تكاليف النقل، وتحسين سبل وصول المزارعين والشركات المحلية إلى الأسواق، وخلق فرص العمل، وتعزيز الموقع الإستراتيجي لجيبوتي كمركز رئيسي للخدمات اللوجستية في شرق أفريقيا. ويعد قطاعا الطاقة والاقتصاد الرقمي في جيبوتي في غاية الأهمية لتنويع اقتصادها، ويساعد المشروع الثاني لربط شبكة الكهرباء بين جيبوتي وإثيوبيا، على زيادة اعتماد جيبوتي على مصادر الطاقة المتجددة. كما يدعم هذا المشروع، إلى جانب برنامج الكهربة المستدامة، هدف جيبوتي المتمثل في توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول عام 2035.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن مشروع الأسس الرقمية يمثل الركيزة الأساسية لتقديم خدمات إنترنت عالي السرعة بأسعار معقولة، وبالتالي إتاحة فرص الابتكار في التعليم والرعاية الصحية والقطاعات الأخرى.
ولقد كانت جيبوتي منذ أمد بعيد ملاذا للاجئين، ولهذا السبب تدعمها المؤسسة لتلبية احتياجاتهم واحتياجات المجتمعات المضيفة. وجدير بالذكر أن مشروع الاستجابة الإنمائية لتأثيرات النزوح قد حقق منافع لأكثر من 135830 شخصاً، من خلال تحسين فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية والكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
وفي بلدات مثل علي صبيح، يتقاسم اللاجئون والمجتمعات المضيفة الفصول والقاعات الدراسية والموارد، مما يعزز التماسك الاجتماعي وتحقيق النمو للجميع. وتسلط هذه المبادرات الضوء على التزام جيبوتي بتعزيز المجتمعات الشاملة للجميع والقادرة على الصمود، حتى في مواجهة الضغوط الخارجية.
سبيل للمضي قدماً: بناء القدرة على الصمود وتحقيق النمو المستدام
مع تقدم جيبوتي نحو تحقيق رؤيتها 2035، يؤدي الدعم المقدم من المؤسسة الدولية للتنمية إلى إحداث فرق كبير، لا سيما وأن قيمة تمويل المشروعات القائمة تزيد على 400 مليون دولار، وتستهدف التصدي للتحديات الرئيسية، وبناء القدرة على الصمود، وإطلاق الطاقات الكامنة لدولة جيبوتي بهدف تحقيق النمو الشامل للجميع. ومن تدعيم أنظمة التعليم إلى تحسين البنية التحتية للطاقة، تساعد المؤسسة جيبوتي على إرساء الأساس لمستقبل أكثر إشراقاً واستدامة.
ومن خلال التركيز على تنمية رأس المال البشري ومشروعات البنية التحتية والحماية الاجتماعية، تقدم جيبوتي نموذجاً يحتذى به في القدرة على الصمود في المنطقة. ومع مواصلة البناء على هذه الإنجازات، يصبح الطريق إلى النمو المستدام والرخاء أكثر وضوحاً، مما يدل على كيف يمكن للاستثمارات الإستراتيجية أن تحول التحديات إلى فرص لإحداث تغيير دائم.