عرض مرفق التخزين العائم فوق المنصة البعيدة © Jhon Henriano/Shutterstock.com
عرض مرفق التخزين العائم فوق المنصة البعيدة © Jhon Henriano/Shutterstock.com
آفاق الاقتصاد العالمي عام 2019 تصبح قاتمة.
التجارة والاستثمار يشهدان تراجعًا على الصعيد العالمي. ومازالت التوترات التجارية مرتفعة. وتعرّض العديد من الأسواق الناشئة الضخمة لضغوط مالية شديدة في العام الماضي.
على هذه الخلفية التي تنطوي على تحديات جسيمة، من المتوقع أن يظل النمو في الأسواق الناشئة والبلدان النامية ثابتا عام 2019. وتشير التوقعات أيضًا إلى أن وتيرة الانتعاش الذي شهدته البلدان التي تعتمد إلى حد كبير على صادرات السلع الأولية ستزداد تراجعا عن المستوى المنشود. ومن المرتقب أن يتراجع معدل النمو في العديد من البلدان الأخرى.
ويشير عدد يناير/كانون الثاني 2019 من تقرير البنك الدولي "الآفاق الاقتصادية العالمية" إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، تتزايد مخاطر أن يسجل النمو معدلا أضعف من المتوقع.
ومن الجدير بالذكر . بالإضافة إلى ذلك، قد تتصاعد الخلافات التجارية التي تغلي تحت السطح. وقد أدى ارتفاع مستويات الدين ببعض البلدان، ولاسيما الفقيرة منها، إلى أن أصبحت أكثر ضعفا أمام أسعار الفائدة العالمية الآخذة في الارتفاع، أو تغيّر ثقة المستثمرين، أو تقلّب أسعار الصرف.
فضلا عن ذلك، تثير الأحداث المناخية الأكثر تكرارًا احتمال حدوث تقلبات كبيرة في أسعار الأغذية، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة معدلات الفقر. ولأن النمو المنصف لازم لتخفيف حدة الفقر وزيادة الرخاء المشترك، يجب على الأسواق الناشئة والبلدان النامية أن تواجه هذا المناخ الاقتصادي العسير باتخاذ خطوات للحفاظ على الزخم الاقتصادي، وإعداد نفسها لمواجهة الاضطراب، وتعزيز النمو على المدى الطويل. ومن الوسائل المهمة للقيام بكل ذلك إعادة بناء الموازنة واحتياطيات البنوك المركزية، وتعزيز رأس المال البشري، وتدعيم التكامل التجاري، والتصدي للتحديات التي تفرضها القطاعات غير الرسمية الكبيرة في بعض الأحيان.
و. ويُعد تعزيز النمو الاقتصادي المنصف والمستدام من صميم هدفي البنك الدولي المتمثلين في إنهاء الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك. ويقدم تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية معلومات قيمة لدعم تحقيق هذين الهدفين، وهو مصدر يحظى بثقة البلدان المتعاملة، والأطراف المعنية، والمنظمات المدنية، والباحثين.
يلوح ارتفاع مستويات الديون في الأفق بوصفه مصدر قلق له متنامي الأهمية.
ففي السنوات الأخيرة، تمكن العديد من البلدان المنخفضة الدخل من الحصول على مصادر تمويل جديدة، بما في ذلك المصادر الخاصة والدائنين خارج نادي باريس للبلدان الدائنة الرئيسية. وأتاح ذلك الأمر للبلدان المعنية تمويل احتياجات التنمية المهمة. ومع ذلك، فقد أسهم أيضًا في زيادة الدين العام.
. وتستخدم البلدان المنخفضة الدخل نسبة متزايدة من الإيرادات الحكومية لسداد مدفوعات الفائدة. وسوف تزداد ضغوط خدمة الدين هذه على نحو أكبر إذا ارتفعت تكاليف الاقتراض كما هو متوقع في السنوات القادمة.
وفي ظل هذه الظروف، إذا كان هناك تشديد في شروط التمويل على نحو مفاجئ، فقد تشهد البلدان تدفقات مفاجئة لرؤوس الأموال إلى خارجها وتضطر إلى أن تكافح لإعادة تمويل الدين.
ولعل الوضع الأمثل هو أنه يجب أن يكون الدين العام مستدامًا يمكن تحمّل خدمته في ظل نطاق واسع من الظروف بتكلفة ميسورة. ومن خلال زيادة فعالية تعبئة الموارد والإنفاق العام، بالإضافة إلى تعزيز إدارة الديون والشفافية، يمكن للبلدان المنخفضة الدخل أن تحد من احتمال حدوث ضغوط مكلفة بسبب الديون، ودعم تنمية القطاع المالي، والحد من تقلبات الاقتصاد الكلي.
قد يكمن سبيل آخر نحو تحقيق أداء اقتصادي أكثر قوة في مواجهة التحديات المرتبطة بوجود قطاع ضخم غير رسمي.
ففي هذا السياق، ينتشر التوظيف وأنشطة الأعمال خارج الهياكل التنظيمية والقانونية والمالية على نطاق واسع في العديد من الأسواق الناشئة والبلدان النامية.
وفي بعض البلدان بأفريقيا جنوب الصحراء، تمثل العمالة غير الرسمية ما يربو على 90% من إجمالي العمالة، وينتج القطاع غير الرسمي ما يصل إلى 62% من إجمالي الناتج المحلي. وتعتمد سبل عيش الفقراء في معظم الأحيان على النشاط غير الرسمي.
وتجدر الإشارة إلى أن القطاع غير الرسمي يزدهر في بيئات معينة، إذ يرتبط بانخفاض التنمية الاقتصادية، وارتفاع الضرائب، واللوائح التنظيمية المتشددة، والفساد، وعدم الكفاءة البيروقراطية. ومع ذلك، ففي حين يوفر القطاع غير الرسمي الضخم في بعض الأحيان مزايا من حيث المرونة والتوظيف، فإنه غالبًا ما يرتبط بقلة الإنتاجية، وانخفاض العائدات الضريبية، وزيادة الفقر، وعدم المساواة.
ويزيد أجر العمال في الاقتصاد الرسمي 19% في المتوسط عمّا يكسبه من يعملون في الاقتصاد غير الرسمي. وتحقق البلدان التي لديها أكبر القطاعات غير الرسمية إيرادات حكومية أقل مما تحققه البلدان التي لديها أقل مستويات من القطاعات غير الرسمية بنسبة تتراوح من 5 إلى 10 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي.
والحقيقة أنه يمكن لصناع السياسات أن يضعوا استراتيجيات تنمية شاملة من شأنها، كفائدة غير مباشرة، أن تحد من الطابع غير الرسمي لأنشطة الأعمال. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليهم الانتباه إلى تجنب دفع العمال، عن غير قصد، إلى الانتقال إلى العمل في القطاع غير الرسمي.
ومن شأن وجود مزيج صحيح من السياسات أن يحقق التوازن بين الإصلاحات مثل تحسين الإدارة الضريبية، وزيادة مرونة سوق العمل، وتعزيز تنفيذ اللوائح التنظيمية من خلال تحسين توفّر سلع وخدمات النفع العام إلى جانب توفير أنظمة ضمان اجتماعي أكثر قوة.
قد يتطلب السعي إلى حماية السكان الضعفاء من ارتفاع أسعار الغذاء تحولًا فيما تؤكد عليه السياسات بعيدًا عن السياسات التجارية.
وقد سبق للسلطات أن تدخلت في الماضي بتدابير تجارية لتخفيف أثر التقلبات في أسعار السلع الغذائية الأساسية، بما في ذلك الأرز والقمح والذرة.
ولكن في حين يمكن للبلدان المختلفة النجاح كل على حدة على المدى القصير في حماية الأسواق المحلية من تقلبات الأسعار، فإن العمل الجماعي حول العالم يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التقلبات في أسعار الغذاء ودفعها إلى مزيد من الارتفاع - مما يلحق الضرر بمن لديهم أدنى هامش للأمن الغذائي. وقد تكون السياسات التي نُفذت في 2010-2011 مسؤولة عن 40% من الزيادة التي طرأت على الأسعار العالمية للقمح، وربع زيادة سعر الذرة. وتشير التقديرات إلى أن القفزة التي شهدتها أسعار الغذاء في تلك الفترة دفعت 8.3 مليون شخص إلى وهدة الفقر.
وارتفع عدد من يعانون سوء التغذية بنسبة 5% إلى 821 مليون شخص خلال تلك الفترة، كما اعترفت مجموعة العشرين مؤخرًا بالتحديات الماثلة أمام الأمن الغذائي بوصفها أولوية ملحة.
ﻋﻼوة ﻋﻟﯽ ذﻟك، قد يتكرر حدوث زيادات كبيرة ﻓﻲ أﺳﻌﺎر الغذاء على غرار الزيادات التي حدثت ﻓﻲ 2010-2011 إذ ﺗزﯾد التغيرات المناخية الحادة من احتمال ﺗﻌطﯾل إﻧﺗﺎج اﻟﻐذاء.
وبدلًا من تنفيذ إجراءات تدخلية مثل حظر التصدير أو تخفيض رسوم الاستيراد، فإن الأساليب الفعالة لتخفيف أثر ارتفاع أسعار المواد الغذائية تشمل وجود شبكات أمان أفضل مثل التحويلات النقدية والغذائية، وبرامج التغذية المدرسية، وبرامج الأشغال العامة. ومن الأهمية بمكان أن يكون لدى مختلف البلدان استراتيجية لمواجهة الأزمات الغذائية وتوفير الموارد الكافية لهذه البرامج.
حتى مع سعي صناع السياسات وأنصارهم للحفاظ على وتيرة النمو وتسريعها في فترة من تراجع الزخم، فإنه لا يمكنهم أن يسلّموا جدلا بسمة لعبت دورًا مهمًا في تحفيز النشاط في السنوات الأخيرة، وهي وجود فترة طويلة من التضخم المنخفض والمستقر.
وعلى الرغم من وجود بعض الاستثناءات المهمة، حققت الأسواق الناشئة والبلدان النامية إنجازًا ملحوظًا يتمثل في خفض التضخم من أكثر من 9% في حقبة السبعينيات إلى نحو 3.5% عام 2018.
على الرغم من ذلك، فإن الإبقاء على معدل التضخم منخفضا أمر غير مضمون، وقد يتضافر عدد من العوامل لزيادة التضخم في السنوات المقبلة. وبعد مضي عشر سنوات على الأزمة المالية العالمية، يعمل العديد من البلدان بكامل طاقة التوظيف أو ما يقرب من ذلك. ويمكن أن تتراجع وتيرة التكامل الاقتصادي العالمي أو ينعكس اتجاهها. وقد يتآكل استقلال البنوك المركزية وشفافيتها اللذين تحققا بصعوبة، وذلك في مواجهة الضغوط من أجل تمويل الحكومات. ويمكن أن تؤدي الديون الآخذة في الازدياد إلى إضعاف الالتزام بالنظم المالية والنقدية القوية.
وإذا ارتفعت الضغوط التضخمية العالمية، فيمكن لصناع السياسات حماية مناصريهم من خلال مضاعفة دعمهم مرة أخرى لاستقلال البنوك المركزية، وإنشاء أطر مالية لضمان القدرة على تحمل الديون والحفاظ على احتياطيات كافية لتحمّل فترة الركود الاقتصادي.
يمكن الحصول على إرشادات توجيهية في بيئة تتزايد فيها التحديات من دروس الماضي فيما يتعلق بالديون، والثقة في المؤسسات العامة، وتحقيق الأمن الغذائي، واستقرار الأسعار.