تقرأ مارياما إلى والدتها في مدرستها في النيجر ، حيث قام البنك الدولي بتنفيذ مشروع دعم جودة التعليم الذي يعمل على تحسين جودة التعليم وبيئة التعلم. تقول مارياما: "أحب مدرستي لأنني تعلمت القراءة هنا". تصوير: © مسلم سيدي محمد / البنك الدولي
تقرأ مارياما إلى والدتها في مدرستها في النيجر ، حيث قام البنك الدولي بتنفيذ مشروع دعم جودة التعليم الذي يعمل على تحسين جودة التعليم وبيئة التعلم. تقول مارياما: "أحب مدرستي لأنني تعلمت القراءة هنا". تصوير: © مسلم سيدي محمد / البنك الدولي
في إحدى مدارس ملاوي، يستمتع الطلاب باللعب في وقت الاستراحة. لسوء الحظ، تستمر الاستراحة في بعض الأحيان طوال اليوم بسبب غياب المعلمين.
وفي أحد الفصول الدراسية في أرمينيا، يحصل الطلاب على علامات على قدرتهم على تكرار النصوص المحفوظة، حيث تهيمن المقررات المدرسية على عملية التعلم وليس توجيهات المعلمين والابتكار، مما يجعل الخريجين غير مستعدين لبيئة عمل تنافسية.
وفي بنغلاديش، على الرغم من التحسن في معدلات الالتحاق بالمدارس، لا تزال الفتيات أقل حظا في التعلم من الأولاد، ومعدلات التسرب بينهن مرتفعة - وتُعزى سنوات الدراسة الضائعة إلى زواج الأطفال والمسؤوليات الأسرية وعوامل أخرى.
تكشف الأدلة أننا في خضم أزمة تعلم عالمية تهدد جهود البلدان لبناء رأس المال البشري - المهارات والدراية اللازمة لوظائف المستقبل. إن تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) معرض للخطر أيضًا - بما في ذلك هدف القضاء على الفقر المدقع.
لتسليط الضوء على نطاق المشكلة، قدم البنك الدولي المفهوم الجديد لفقر التعلم، بالاعتماد على البيانات الجديدة التي تم تطويرها بالتنسيق مع معهد اليونسكو للإحصاء.
يجمع هذا المؤشر بين مؤشرات التعليم والتعلم: يبدأ بنسبة الأطفال الذين لم يحققوا الحد الأدنى من إتقان القراءة (كما تم قياسه في المدارس) ويقوم بتعديلها حسب نسبة الأطفال المتسربين من التعليم (ويفترض عدم إتقانهم للقراءة).
تشير البيانات الجديدة إلى أن ومعدل التقدم في الحد من فقر التعلم بطيء إلى درجة لا تلبي الطموحات الواردة في الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة لضمان جودة التعليم الشامل والعادل. وفي ظل معدل التحسن الحالي، وإذا قلصت البلدان من مستوى فقر التعلم بأسرع معدلات شهدناها حتى الآن في هذا القرن، فإن المعدل العالمي لفقر التعلم سينخفض إلى 28٪.
ويعتبر هذا المعدل المرتفع من فقر التعلم والتقدم البطيء نحو القضاء عليه في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل علامة إنذار مبكر على أن جميع المقاصد المحددة في الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة معرضة للخطر - بما في ذلك الهدف المتمثل في زيادة عدد الشباب والكبار الذين لديهم مهارات ذات صلة بالتوظيف والوظائف اللائقة وريادة الأعمال.
لتحفيز العمل من أجل تحقيق أهداف التعليم العالمية ومعالجة أزمة التعلم العالمية، أعلن رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس هدفا عالميا جديدا للتعلم في عمليات البنك، وذلك لخفض معدل فقر التعلم إلى النصف بحلول عام 2030. تظهر عمليات المحاكاة أن هذا الهدف، على الرغم من أنه طموح، قابل للتحقيق إذا نجحت جميع البلدان في تحسين التعلم كما فعلت البلدان صاحبة أفضل أداء في الفترة 2000-2015، وهذا يعني في المتوسط ما يقرب من ثلاثة أضعاف معدل التقدم العالمي.
تخفيض معدل فقر التعلم إلى النصف هو هدف وسيط. ويجب أن تحدد البلدان طريقها (والأهداف الوسيطة) من حيث تمويل وتنفيذ الإصلاحات للتأكد من أن جميع الأطفال يتمتعون بفرصة في الحياة. وفي الكثير من البلدان، قد يستغرق تحقيق هذا الهدف الإنمائي بعض الوقت، لكن يجب تصميم العقد الاجتماعي في البلد المعني بحيث يتسنى للجميع، بغض النظر عن خلفيتهم الاجتماعية والاقتصادية أو العرق أو الجنس، الحصول على تعليم جيد.
في المجتمعات المتعلمة حول العالم، كانت القراءة لعدة قرون تمثل صلب التعليم الرسمي. ويتفق أولياء الأمور والأطراف المعنية الأخرى في كل مكان على أن المهمة الأولى للمدرسة تتمثل في ضمان إتقان الأطفال القراءة.
وتتوقف استفادة الطفل من هذه القدرة على الكثير من العوامل- بما في ذلك جودة النظام المدرسي في الصفوف التالية- ولكن الفشل في إتقان القراءة من شأنه أن يعوق قدرته على التعلم طوال حياته الاجتماعية والعملية.
ويُعد إتقان القراءة أيضا مؤشرا على التعلم الأساسي في مواد أخرى، بنفس الطريقة التي يعد بها غياب التقزم عند الأطفال مؤشرا على النمو السليم في الطفولة المبكرة. إن الأنظمة التي تضمن قدرة جميع الأطفال على القراءة تنجح على الأرجح في مساعدتهم على تعلم مواد أخرى أيضا. و.
على سبيل المثال، يرتبط ما يحققه بلد ما من درجات في القراءة في إطار "تقييم الدراسة الدولية لقياس التقدم في مهارات القراءة" - التي تقيسها "الدراسة الدولية لتوجهّات مستويات الأداء في الرياضيات والعلوم"- بدرجات مادة الرياضيات ارتباطا تاما تقريبا، كما أن الارتباط بين المواد ضمن التقييمات الأخرى قوي أيضا، كما يوضح تقرير جديد للبنك. كما أن تنمية اللغات، التي تعززها مهارات القراءة، تتعزز أيضا مع تنمية التنظيم الذاتي للطفل، وهي مهارة اجتماعية عاطفية أساسية.
ففي مصر، على سبيل المثال، تقوم الحكومة بتنفيذ برنامج إصلاحي لتغيير مناهجها ونظم التقييم بحيث يتم تقييم الطلاب على مدار العام، وذلك من خلال امتحانات تركز على اكتساب المهارات، ويتلقى المعلمون شهادات للتدريب والتعلم من الأقران. ومن بين العناصر الرئيسية للإصلاحات التحول نحو التعلم، وليس الحصول على الشهادة. ففي البرازيل، في ولايات مثل سيارا، وإسبيريتو سانتو، وأكري، وبيرنامبوكو، تتحسن جودة التعليم بشكل مطرد، مما يدل على أن التغيير أمر ممكن. هذه فقط أمثلة قليلة، تم وصف المزيد منها في البحث الجديد: "إنهاء فقر التعلم: ما هو المطلوب؟"
تستثمر البلدان الناجحة في تحويل أسلوب تفكير كل الجهات الفاعلة في النظام التعليمي إلى التركيز بلا هوادة على التعلم. فهي توفر للمعلمين الوسائل التعليمية المعاونة، مثل توجيهات وإرشادات التدريس، التي يمكن أن تسهل عملهم اليومي، وتتيح التدريب والملاحظات والتعليقات للمعلمين لتحسين ممارساتهم داخل الفصول الدراسية، وتضمن أن جميع الأطفال لديهم المواد اللازمة للقراءة، وتوفر مناهج بسيطة وفعالة لتوجيه المعلمين.
وتزيد النظم ذات القدرات المؤسسية الأقوى من استثماراتها في التعليم الجيد في مرحلة الطفولة المبكرة، وتنفذ هياكل تمكن الأطفال من التعلم في المستوى المناسب، وتعزز المسار المهني لمديري المدارس. وفي جميع الحالات، يمكن للتكنولوجيا أن تجعل تنفيذ هذه الإجراءات التدخلية أكثر فاعلية من حيث التكلفة- وقياس التعلم ضروري لمراقبة التقدم وتوجيه عملية تحسين النظام. وعلى الرغم من أن نوع التقييم قد يختلف، فإن الضروري هو أن تتبنى نظم التقييم أساليب جيدة التحديد لتزويد النظام بمعلومات تقييمية عن أداء الطالب مما يسهل عملية توجيه القرارات. .
ولتحقيق النجاح وتوجيه تركيز النظام بأكمله على تعلم الطلاب، ستسعى البلدان إلى التحرك في نهج من محورين- تنفيذ هذه الإصلاحات قصيرة الأجل لتحسين الخدمات المُقدّمة للطلاب المنتظمين في المدرسة الآن مع إدخال تغييرات منهجية في الوقت نفسه لتحسين أسلوب عمل النظام التعليمي في الأمد الطويل، مثل إصلاح المسار المهني للمعلمين لجذب المهنيين الأكفاء والاحتفاظ بهم، وإصلاح التدريب السابق على ممارسة التدريس، وإصلاح الهيكل الإداري للنظام بأكمله، وتوسيع البنية التحتية، وما غير ذلك.
سوف يتطلب التصدي للفقر في التعلم منهجا تدعمه إجراءات تتجاوز قطاع التعليم. فإصلاح قطاعات المياه والصرف الصحي، والنقل، وبرامج التحويلات النقدية، والصحة والتغذية، والخدمة المدنية- جميعها مجالات أساسية لتحسين التعلم. ويدرك مشروع رأس المال البشري لمجموعة البنك الدولي الحاجة إلى اتباع نهج الحكومة بأكملها لتحسين رأس المال البشري. وسيتطلب خفض معدل فقر التعلم أيضا تجديد الاهتمام بالدور الذي تلعبه الأسر والمجتمعات المحلية في بناء الطلب على التعليم، وتوفير البيئة المناسبة للتعلم، وخلق طلب اجتماعي على إصلاحات التعليم الملائمة.
يجب أن يكون فقر التعلم صفرا في كل مكان. ويجب أن يتمكن جميع الأطفال من القراءة في سن العاشرة. إذ تعتبر القراءة حقا أساسيا من حقوق الإنسان وهي أمر ضروري لأي شخص للمشاركة بفاعلية في المجتمع.
كوسيلة للانخراط في ما يتطلبه الأمر لإنهاء أزمة التعلم، تقدم حملتنا العالمية الجديدة، محو الأمية المنطقي (Literacy Makes Sense)، أفكارًا لأصحاب المصلحة الرئيسيين في مجتمع التعليم - مثل الآباء والمعلمين ومديري المدارس وموظفي التعليم وأصحاب العمل - على ما هي الإجراءات التي يمكنهم اتخاذها للانخراط في هذه القضية والمساعدة في تخفيض معدل فقر التعلم.
انضم إلينا وكن جزءًا من الحركة لتخفيض معدل فقر التعلم لأن محو الأمية أمر منطقي! لكل شخص دور يلعبه.