المقال كما نشر في صحيفة الصباح نيوز التونسية في 25 فبراير/ شباط 2014
الشهر الماضي، وقفنا أنا وزملائي متأثرين متضامنين ونحن نشاهد أعضاء المجلس التأسيسي التونسي المنتخبين وهم يرددون نشيد بلادهم الوطني بعد تصويتهم على الدستور الجديد. دستورٌ يؤكد على شفافية الحكومة ويضمن المساواة بين الجنسين وتساوي تمثيل الرجال والنساء في المجالس المنتخبة.
خلال السنوات الثلاث التي مرت منذ زيارتي الأولى إلى تونس بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 بقليل، شاهد العالم هذا البلد وهو يسير في دربه نحو الديموقراطية. دور اللجنة الرباعية كان ملهماً في قيادة الحوار الوطني والتوسط لايجاد الحلول وتخطي الأزمات. أما المجتمع المدني فقد كان جاهزاً للاضطلاع بمهمة الوسيط والرقيب. بدورها لعبت مجموعات الضغط ووسائل الإعلام دوراً محورياً من خلال إطلاع المواطنين على عمل المجلس التأسيسي وإبقاء أعضائه قيد المساءلة. السياسيون وضعوا اللُحمة والأهداف المشتركة فوق الإنقسام والفتنة. قصة تونس، هي قصة مثابرة أيضاً. فلقد نجحت في تخطي العقبات العديدة أمامها، والتي كانت لتخرج التونسيين عن سكة الوصول إلى مبتغاهم: المساءلة والمحاسبة، وإيصال الصوت، والاشتمال.
وإذ أعود اليوم في زيارة أخرى إلى تونس، لا بد لي من التنويه بهذه التحولات الناجحة، ومن الثناء على جهود الشعب التونسي. كما لا بد لي من تهنئة الحكومة الجديدة والتأكيد على أنه يمكن لتونس الإعتماد على دعم البنك الدولي الكامل. كذلك أريد أن أغتنم هذه الفرصة للتعبير عن الحزن العميق على الذين قضوا خلال هذه الفترة، ومن ضمنهم شكري بلعيد ومحمد براهمي.
لقد قطعت تونس شوطاً كبيراً، وهناك إنجازات كبيرة تدعو إلى الفخر، لكن ينبغي اليوم التركيز على التعافي الإقتصادي، الذي لم يُوازِ بعد الإنجازات السياسية والإجتماعية المدهشة. وأسعى خلال زيارتي لأن أشدد على أهمية معالجة هذه المسألة. ففي نهاية الأمر، الاقتصاد هو الذي يوفر الوظائف والفرص للشعب التونسي. كذلك فإن التعافي الاقتصادي هو في صلب متطلبات الحفاظ على مسار التغيير في تونس. والآن، حان وقت الجمع بين الإنجازات التي تحققت والإصلاحات الاقتصادية الجريئة التي ستزيد من الشفافية والمنافسة والمساواة.