بحلول عام 2050، سيكون سكان العالم قد زادوا ملياري نسمة، وستكون هناك حاجة لزيادة الإنتاج العالمي من الغذاء بنسبة 70 في المائة لإطعامهم. فأسعار الغذاء في ارتفاع مضطرد، مما يرجع الكثير من البشر مرة أخرى إلى دائرة الفقر. وتتطلب مواجهة هذا التحدي استثمارات ضخمة جديدة في الزراعة لتحسين إنتاجية صغار وكبار المزارعين مع حماية البيئة وحقوق المستخدمين الحاليين.
ونحن نشاطر أوكسفام مخاوفها الواردة في تقريرها "أرضنا،حياتنا" والمتعلقة بالمخاطر المحتملة التي قد تقترن بالاستحواذ على مساحات شاسعة من الأراضي والحاجة إلى الإدارة السليمة والشفافية ومشاركة أصحاب الحيازات المحليين وغيرهم من أصحاب المصلحة في عملية تملك الأراضي. ومع هذا، فإننا نختلف مع دعوة أوكسفام إلى وقف استثمارات مجموعة البنك الدولي في المشاريع الزراعية الواسعة كثيفة الاستخدام للأراضي، لاسيما في وقت ترتفع فيه أسعار الغذاء العالمية بوتيرة سريعة.
فالوقف الذي يركز على مجموعة البنك الدولي يستهدف بالتحديد أصحاب المصلحة ممن يبذلون قصارى جهدهم لتحسين الممارسات: من الحكومات التقدمية إلى المستثمرين وإلينا نحن. فاتخاذ مثل هذه الخطوة لن يضيف شيئا للمساعدة في الحد من الممارسات الاستغلالية، بل سيثبط على الأرجح المستثمرين المسئولين ممن يرغبون في تطبيق المعايير العالية للبنك الدولي.
ويحتاج العالم الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى زيادة الاستثمار في الزراعة التي تؤثر في زيادة دخول الفئات الأشد فقرا بكفاءة تزيد عن مثلي إلى أربعة أمثال تأثير النمو في أي قطاع آخر. ومن الضروري وجود زراعات صغيرة وزراعات واسعة لزيادة الإنتاجية وإنتاج ما يكفي من الغذاء لإطعام فقراء العالم.
ومن أجل التحول من زراعة الكفاف إلى الزراعة على النطاق التجاري يحتاج 1.5 مليار شخص ممن يعتمدون على المزارع الصغيرة إلى الوصول إلى المعرفة والأصول والائتمان والأسواق وإدارة المخاطر التي يمكن أن تنجم عن المشاريع الزراعية واسعة النطاق. ونعتقد أن اعتماد نهج شامل يشارك فيه العديد من أصحاب المصلحة هو السبيل الوحيد لمواجهة التحدي الذي يمثله الأمن الغذائي والمساعدة في إطعام فقراء العالم بطريقة مستدامة.
ويتفاعل البنك الدولي (البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية) في المقام الأول مع الحكومات لتدعيم سياسات حيازة الأراضي وتحسين أسلوب إدارة الأراضي. ويركز أكثر من 90 في المائة من حافظة المشاريع الزراعية لدى البنك على إنتاجية صغار المزارعين وتيسير وصولهم إلى الأسواق. علاوة على ذلك، تركز 10 في المائة من مشاريعنا على تحسين إدارة حيازة الأراضي. ويساند البنك الدولي بنشاط "الإرشادات الطوعية للإدارة المسؤولة لحيازة الأراضي والغابات ومصايد الأسماك" والتي أقرتها لجنة الأمن الغذائي (التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة في روما) في مايو/أيار 2012. وبالمشاركة مع العديد من أصحاب المصلحة، مثل برنامج "تنمية أفريقيا Grow Africa"، فإننا نعكف حاليا على المشاركة في تعميم هذه الإرشادات ووضعها موضع التنفيذ على المستويات الإقليمية والقطرية. وهذا عنصر أساسي في تفاعلنا وحوارنا مع الحكومات والقطاع الخاص بشأن السياسات. للمزيد من الأمثلة على المشاريع، يرجى الضغط هنا.
وتعمل مؤسسة التمويل الدولية، وهي ذراع مجموعة البنك الدولي المعنية بالعمل مع القطاع الخاص، مع الشركات التي تتعامل معها على زيادة الإنتاجية الزراعية في البلدان النامية، وفي الوقت نفسه تدعم السياسات التي تصون حق المستضعفين من صغار المزارعين في الأرض، فضلا عن أنها تساعد الحكومات على وضع قوانين شفافة. وتستثمر مؤسسة التمويل الدولية في مؤسسات الأعمال الخاصة القابلة للاستمرار بيئيا واجتماعيا في جميع حلقات سلسلة القيمة (من مدخلات مثل الري والأسمدة والإنتاج الأولي والتصنيع والنقل والتخزين والتجار وتسهيلات إدارة المخاطر التي تشمل التأمين ضد مخاطر المناخ والتأمين على المحاصيل، وتمويل المستودعات.). وبالفعل أثمرت استثمارات مؤسسة التمويل الدولية المباشرة في قطاع الزراعة فوائد اقتصادية جمة تشمل المساعدة في توفير فرص عمل لنحو 37 ألف شخص، منهم 11 ألف سيدة، فضلا عن الوصول إلى 4.2 مليون مزارع. للمزيد من الأمثلة على المشاريع، يرجى الضغط هنا.
ونقر بوجود حالات من الاستغلال، لاسيما في البلدان التي تضعف فيها الإدارة العامة. كما نشاطر أوكسفام الاعتقاد بأنه ينبغي في العديد من الحالات ضمان المزيد من المشاركة التي تتسم بالشفافية والشمول في حالات نقل ملكية الأراضي. وهذا بالضبط هو الدور الذي تضطلع به مجموعة البنك الدولي من خلال تطبيق معاييرها البيئية والاجتماعية وكذا عملها مع الحكومات المضيفة في مجال ملكية الأراضي وغير ذلك من الإصلاحات الجوهرية.
وتنأى مجموعة البنك الدولي عن مساندة الاستثمار في المضاربة على الأراضي أو عمليات الاستحواذ التي تستغل ضعف المؤسسات في البلدان النامية أو التي تتجاهل مبادئ الاستثمار الزراعي الذي يتسم بالمسؤولية. ويساند البنك الدولي ويوصي على الدوام بالسياسات الحكومية التي تطبق المسوح المنهجية للأراضي وبرامج تسجيل ملكية الأراضي التي تقر كل أنظمة الحيازة: العامة والخاصة، الرسمية والعرفية، بما فيها ملكية الرعاة أو غيرهم ممن تضعف لديهم حقوق الملكية الرسمية؛ فضلا عن أنظمة الحيازة الجماعية والفردية التي تتضمن حقوق المرأة؛ وأنظمة الحيازة في الريف والحضر. وتطبق مؤسسة التمويل الدولية معايير الأداء الخاصة بها، والتي تتعامل مع قضايا تتراوح من الآثار البيئية والاجتماعية إلى ممارسات العمل إلى التواصل والتشاور مع المجتمع إلى توفير سبل العيش للمستخدمين الحاليين، والتي أقرتها طائفة كبيرة من أصحاب المصلحة باعتبارها معايير ريادية عالمية. وندرك أن تطبيق المشاريع الرامية إلى الوفاء بالمعايير العليا ينطوي على تحد حقيقي. وفي هذا الصدد، يشكل التزام مؤسسة التمويل الدولية بالإفصاح العلني عن المعلومات بطريقة منتظمة بعد إقرارها من مجلس المديرين خطوة مهمة تجاه تشجيع الشفافية والمساءلة.
ويمثل تقييم المخاطر وإدارتها إدارة حصيفة وبناء القدرات أدوات لتحقيق ممارسات مستدامة، ونحن نتعلم باستمرار وننقح توجهاتنا بفضل مساهمات أصحاب المصلحة وبفضل خبرتنا. فعلى سبيل المثال، تعزز مؤسسة التمويل الدولية إجراءاتها الخاصة بالعناية الواجبة للمخاطر والتقدير المبكر لها من أجل تقييم الآثار المحلية للأمن الغذائي الناجمة عن الاستثمارات الزراعية المحتملة التي تتطلب مساحات شاسعة من الأراضي، كما تجرب متطلبات جديدة لشفافية العقود في حالة نقل ملكية الأراضي من الحكومة إلى القطاع الخاص. ويخطط البنك الدولي لإطلاق عملية تشاورية هذا الشهر يشارك فيها العديد من أصحاب المصلحة لمراجعة وتحديث السياسات الخاصة بالضمانات الاجتماعية. والهدف الرئيسي لهذه المراجعة هو تعضيد فعالية سياسات الضمان لتعزيز الأثر الإنمائي للعمليات التي يمولها البنك.
ونؤمن بالعمل مع منظمات مثل أوكسفام بشأن أفضل السبل لمواجهة تحديات الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية، لكننا نرفض الدعوة إلى فرض وقف على المشروعات. وعلاوة عن ذلك، فإن أفضل السبل للتعامل مع هذه القضايا الكبيرة والمعقدة هو العمل بالاشتراك مع أصحاب المصلحة من خلال منتديات متعددة المساهمين مع مواصلة تقديم النصح والمساندة للحكومات والمستثمرين لضمان الحصول على نتائج إيجابية وتشجيع المستثمرين الذين يتسمون بالمسؤولية. ونرحب بالمشاركة التي تضمن أمانة المستثمرين والحكومات ونزاهتهم والتي يمكن أن تساعدنا على العمل معا بشأن قضايا ناجمة عن التهافت على الأراضي.