واشنطن، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2012 – قال تقرير جديد للبنك الدولي إن المزارعين في أفريقيا يمكنهم زراعة ما يكفي من الغذاء لإطعام القارة وتفادي الأزمات الغذائية في المستقبل إذا قامت بلدان القارة بإزالة القيود المفروضة عبر الحدود الوطنية على تجارة المواد. ويرى البنك الدولي أن قارة أفريقيا سيمكنها أيضا تحقيق إيرادات إضافية قدرها 20 مليار دولار سنويا إذا تمكن زعماؤها من الاتفاق على إزالة الحواجز التجارية التي تحد من تحقيق ديناميكية أكبر على المستوى الإقليمي. وقد صدر التقرير عشية قمة الاتحاد الأفريقي الوزارية بشأن الزراعة والتجارة في أديس أبابا.
ومع وجود ما يصل إلى 19 مليون نسمة يعيشون في ظل خطر الجوع وسوء التغذية في منطقة الساحل في غرب أفريقيا، يحث تقرير البنك القادة الأفارقة على تحسين التجارة البينية حتى يتسنى نقل المواد الغذائية بحرية أكبر فيما بين البلدان، ومن المناطق الخصبة إلى مناطق المجتمعات التي تعاني نقصا في الغذاء. ويتوقع البنك الدولي أن يتضاعف حجم الطلب على الغذاء في أفريقيا بحلول عام 2020 مع تزايد نزوح الناس وانتقالهم من الريف إلى مدن القارة.
ووفقا للتقرير الجديد المعنون "أفريقيا يمكنها إطعام نفسها: إزالة الحواجز أمام التجارة الإقليمية للمواد الغذائية الأساسية"، فإن تسارع التوسع الحضري سيمثل تحديا أمام قدرة المزارعين على نقل وشحن محاصيلهم من الحبوب وغيرها من الأغذية إلى المستهلكين عندما لا توجد أقرب سوق تجاري إلا عبر الحدود الوطنية. ويمكن للبلدان الواقعة جنوب الصحراء، على سبيل المثال، زيادة تجارتها في الغذاء إلى حد كبير على مدى السنوات العديدة القادمة للتغلب على التأثير الفتاك لتفاقم الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والنمو السريع للسكان، وأنماط الطقس المتقلبة.
ومع عدم حصول العديد من المزارعين الأفارقة فعليا على البذور ذات الإنتاجية العالية والأسمدة والمبيدات بأسعار معقولة اللازمين للتوسع في إنتاجهم من المحاصيل، فقد تحولت القارة إلى الاستيراد من الخارج للوفاء باحتياجاتها المتزايدة من المواد الغذائية الأساسية.
من جانبه، قال مختار ديوب نائب رئيس البنك الدولي لشئون أفريقيا: "القارة السمراء قادرة على زراعة وتوفير غذاء جيد النوعية لتلبية الاحتياجات الغذائية للسكان. إلا أنه لا تتم الاستفادة من هذه الإمكانات لأن المزارعين يواجهون المزيد من الحواجز المعيقة للتجارة فيما يتعلق بإيصال محاصيلهم الغذائية إلى الأسواق أكثر من أي مكان آخر في العالم. وفي كثير من الأحيان، تقف الحدود في طريق وصول المواد الغذائية إلى الأسر والمجتمعات المحلية الفقيرة التي تواجه مصاعب جمة في سد احتياجاتها الغذائية الأساسية".
ويشير التقرير الجديد إلى أنه إذا تمكن قادة القارة من تبني نظم تجارة أكثر ديناميكية فيما بين دولهم، فإن مزارعي أفريقيا، وغالبيتهم من النساء، سيمكنهم تلبية الطلب المتزايد في القارة والاستفادة من فرصة نمو كبيرة. كما سيخلق ذلك المزيد من فرص العمل في قطاع الخدمات مثل التوزيع، في الوقت الذي يحد فيه من الفقر ويقلص تكاليف الواردات الغذائية باهظة الثمن. وتبلغ قيمة إنتاج أفريقيا من المواد الغذائية الأساسية زهاء 50 مليار دولار سنويا وفقا لأقل التقديرات.
وعلاوة على ذلك، يشير التقرير الجديد إلى أن نسبة لا تتعدى خمسة في المائة من إجمالي الحبوب التي تستوردها البلدان الأفريقية تأتي من بلدان أفريقية أخرى، في حين تظل مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة، تبلغ حوالي 400 مليون هكتار، غير مزروعة، ويظل إنتاج المحاصيل بالقارة جزءا صغيراً من محاصيل غيرهم من المزارعين في أماكن أخرى من العالم.
سوء حالة الطرق وارتفاع تكاليف النقل تحد من تحقيق التقدم
لا تزال التكتلات الاحتكارية مسيطرة على قطاع النقل في مختلف أنحاء أفريقيا، كما أن حوافز الاستثمار في الشاحنات الحديثة والخدمات اللوجستية ضعيفة. ويشير تقرير البنك الدولي إلى أن البلدان في غرب أفريقيا على وجه الخصوص يمكنها أن تخفض تكاليف النقل إلى النصف خلال 10 سنوات إذا اعتمدت سياسة إصلاحات تحفز المزيد من المنافسة داخل المنطقة.
السياسات التجارية التي لا يمكن التنبؤ بها تشكل أحد العوائق
تشمل العقبات الأخرى التي تعترض زيادة حجم التجارة الأفريقية في المواد الغذائية الأساسية حظر التصدير والاستيراد، وتغير التعريفات الجمركية المفروضة على الواردات ونظام الحصص، والقواعد المقيدة الخاصة بالمنشأ، وقيود وضوابط الأسعار. ثم يتم إبلاغ هذه السياسات، التي يتم وضعها في أحوال كثيرة دون إتاحة الفرصة للجمهور العريض كي يتناولها بالفحص والنقاش، إلى التجار والمسؤولين بصورة سيئة لا تعكس الغرض منها. وتؤدي هذه العملية بدورها إلى زيادة الارتباك عند المعابر الحدودية، وتحد من زيادة التجارة الإقليمية على نطاق واسع، وتخلق ظروفا سوقية متقلبة، وتساهم في تقلب أسعار المواد الغذائية.
إنشاء سوق تنافسية لتعزيز شبكات توزيع الأغذية
ويشير التقرير إلى أن من شأن وجود سوق غذاء تنافسية أن يساعد الفقراء كثيرا على وجه الخصوص. وعلى سبيل المثال، فإن الفقراء الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة في نيروبي يدفعون في سبيل الحصول على ما يحتاجون إليه من ذرة وأرز ومواد غذائية أخرى أكثر مما يدفعه الأغنياء للحصول على نفس المنتجات من محلات السوبر ماركت المحلية. ويشدد التقرير على أهمية شبكات توزيع الأغذية التي لا تعود بالنفع على المزارعين والمستهلكين الفقراء في العديد من البلدان.
وفي معرض حديثه عن هذا التقرير، قال بول برينتون، كبير الخبراء الاقتصاديين في مكتب منطقة أفريقيا بالبنك الدولي والمؤلف الرئيسي للتقرير: "التحدي الرئيسي أمام القارة هو كيفية خلق بيئة تنافسية يمكن فيها للحكومات اعتماد سياسات موثوقة ومستقرة تشجع المستثمرين بالقطاع الخاص والشركات على زيادة الإنتاج الغذائي في جميع أنحاء المنطقة، حتى يتسنى للمزارعين الحصول على رأس المال والبذور والمعدات التي يحتاجون إليها ليصبحوا أكثر كفاءة، وتحصل الأسر على ما يكفيها من الغذاء الجيد بالسعر المناسب".
دعم مجموعة البنك الدولي للتجارة والزراعة في أفريقيا جنوب الصحراء
من المعروف أن البنك الدولي يمثل مصدرا رئيسيا للمعرفة في مجال قضايا السياسات التجارية والتحليل واستثمارات البنية التحتية المرتبطة بالتجارة على المستوى القطري. وقد شهدت المساندة التي يقدمها البنك لصالح القطاع الزراعي في أفريقيا زيادة كبيرة على مدى العقد الماضي، حيث بلغ إجمالي الإقراض بشروط ميسرة 1.07 مليار دولار في السنة المالية 2012 ( يوليو/تموز 2011 - يونيو/حزيران 2012): أي بزيادة قدرها أربعة أضعاف عن السنة المالية 2003. كما نمت حصة الإقراض المرتبطة بالتجارة في إجمالي إقراض البنك الدولي من متوسط اثنين في المائة في السنة المالية 2003 إلى خمسة في المائة في السنة المالية 2012. ومن المتوقع أن تزيد الارتباطات الجديدة المرتبطة بالتجارة في السنة المالية 2013 إلى ثلاثة مليارات دولار، سيذهب 70 في المائة منها إلى أفريقيا.
ومنذ عام 2008، بلغ مجموع القروض التي قدمتها مجموعة البنك الدولي لقطاع الزراعة والقطاعات المرتبطة به في أفريقيا جنوب الصحراء حوالي 5.4 مليار دولار.