تجمع إقليمي لصناع القرار وأصحاب المصلحة والخبراء الدوليين يركز على إمكانيات الإصلاح الاجتماعي للوفاء بأهداف التحول السياسي
مرسيليا، 28 نوفمبر/تشرين الأول، 2012 – تستطيع السياسة الاجتماعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تلعب دورا حيويا في تحقيق الأهداف الرئيسية للفترة الانتقالية الراهنة، لكنها تحتاج إلى إصلاح كي تحقق أثرها الكامل.
كانت تلك هي خلاصة حوار رفيع المستوى جرى في مركز التكامل المتوسطي وجمع خبراء دوليين بارزين إلى جانب صانعي القرار والأكاديميين وممثلي المجتمع المدني من مختلف أنحاء المنطقة لمناقشة أهمية الإصلاح الاجتماعي بالمنطقة.
وعن هذا الحوار قالت إنغر أندرسن، نائبة رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي افتتحت المؤتمر "كان هذا هو النقاش الصحيح في التوقيت الصحيح مع الأطراف الصحيحة... نحن نعلم من التجارب السابقة أن الفترات الانتقالية تتيح فرصة نادرة لإصلاح الرعاية الاجتماعية مدفوعة بالحاجة إلى المزيد من الشمول الاجتماعي والاقتصادي. وقد أوضح الحدث الذي عقد اليوم بشكل جلي للغاية أن هذه فرصة ينبغي اقتناصها، والآن، لاسيما أنه لم يعد هناك وقت نضيعه."
وكان الحوار جزءا من "ملتقى فالميه"، وهو سلسلة مستمرة من المؤتمرات التي انطلقت غداة الثورات العربية. والسلسلة، التي تركز على ما تواجهه المنطقة من تحديات متنوعة وهي تمر بمرحلة انتقالية، تهدف إلى مساندة إقامة المزيد من المجتمعات العادلة التي لا تستبعد أحدا. وكما أوضح ستين يورجنسن، مدير قطاع التنمية البشرية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي، في واحدة من الكلمات الرئيسية بمؤتمر اليوم، فإن إصلاح شبكات الأمان الاجتماعي ينبغي أن يكون مكونا أساسيا في الجهود الحالية. كما استندت تصريحاته إلى بعض النتائج المستخلصة من تقرير مرفق للبنك الدولي عن الوظائف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيتم إصداره خلال الشهور المقبلة.
وفي هذا الصدد قال يورجنسن "بالنسبة لمواطني المنطقة، فإن التحديات الكبيرة هي توفير فرص عمل والحماية الفعالة للمواطنين الضعفاء... وتنفق المنطقة حاليا 6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي على الحماية الاجتماعية. إلا أن الجانب الأعظم من هذه الأموال يذهب إلى الدعم الشامل للوقود والذي أثبت عدم فعاليته في حماية الفقراء في أوقات الأزمة، بل إنه يفيد الأثرياء بقدر أكبر بكثير."
واستعرض يورجنسن في عرضه بعض النتائج التي خلص إليها تقرير جديد للبنك الدولي بعنوان الشمول والمرونة: مستقبل شبكات الأمان الاجتماعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويقيّم التقرير فعالية شبكات الأمان الاجتماعي الموجودة بالمنطقة حاليا في تلبية احتياجات الفقراء والمستضعفين، وينتهي إلى أنها عاجزة عن ذلك. فهيمنة الدعم المقدم للغذاء والوقود بغية ضمان الحصول على السلع الأساسية، لا يوفر فقط وقاية هشة من الصدمات، رغم تكلفته الباهظة، لكنه أيضا لا يفعل سوى النزر اليسير لمساعدة الناس على الخلاص من دائرة الفقر. وتعاني نسبة ضئيلة من شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تستند إلى الدعم ندرة الموارد والتشرذم، مع إخفاق العديد منها في الوصول إلى من هم أشد احتياجا.
ومن خلال الإصلاح، يمكن إعادة توجيه الموارد الحيوية لتحويل شبكات الأمان الاجتماعي إلى أدوات تغيير مهمة في الفترات الانتقالية. وهي تحتاج إلى توجيه أفضل للتأكد من أنها تفيد الفقراء فقط. وبدلا من ضمان تحقيق حد الكفاف، ينبغي بالأحرى أن توفر نوعا من المساندة يبني المرونة ويشجع على التنمية البشرية وتوفير الفرص. ويستعرض التقرير نماذج إقليمية للإصلاحات الناجحة، كإنشاء سجل موحد لكافة برامج شبكات الأمان الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية ما أدى إلى تحسين كبير في دقة الاستهداف والتصدي للأزمة.
وسيكون للتقرير قيمة خاصة لواضعي السياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهي تتجاوز الحاجة إلى برامج الأمان الاجتماعي أكثر فعالية لتواجه التحديات الاجتماعية والسياسية التي تقف أمام عملية الإصلاح نفسها. وكلف مؤلفو التقرير معهد غالوب بإجراء مسح للتوجهات الإقليمية. ومن بين النتائج أن أغلبية كبيرة من البالغين في مصر والأردن ولبنان وتونس يؤمنون بأن حكوماتهم تتحمل المسؤولية الأولى عن حماية الفقراء. كما يعتقدون أن البرامج الاجتماعية الحالية غير فعالة. وعلاوة على ذلك، فإنهم يؤمنون بأن تصميم شبكات الأمان الاجتماعي ينبغي أن يعتمد مستويات الفقر كمعيار رئيسي للاستحقاق، وأن الدعم يجب أن يكون نقديا وليس عينيا. وتشير هذه النتائج إلى أن المهمة الشاقة للإصلاح يجب أن تكون عملية شاملة، خاصة وأن غالبية مواطني المنطقة يبدون استعدادا لمساندة الغاية المتمثلة في التوجيه الأفضل لشبكات الأمان الاجتماعي بمزايا تشجع الاعتماد على الذات.
واتفق المشاركون في الحوار على استمرار تبادل الآراء في أنحاء المنطقة استنادا إلى منبر التكامل المتوسطي مع مضي البلدان قدما في تنفيذ خططها لإعداد سياسات اجتماعية قوية وفعالة تحمي الفقراء وتشجع على النمو الاقتصادي الذي يشمل الجميع.