القدس، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2013 – يتعذر على الفلسطينيين الوصول إلى أكثر من نصف أراضي الضفة الغربية، ومعظمها أراض زراعية غنية بالموارد. وتقدر أول دراسة شاملة للتأثير المحتمل لهذه "الأراضي المقيدة"، والتي صدرت عن البنك الدولي اليوم، الخسائر الحالية التي يتكبدها الاقتصاد الفلسطيني من جراء ذلك بنحو 3.4 مليار دولار.
وتشكل المنطقة ج حوالي 61 في المائة من أراضي الضفة الغربية، وهي المساحة الوحيدة المتصلة من الأرض وتربط بين 227 من المناطق المعزولة والصغيرة والمكتظة بالسكان. وتنص اتفاقيات أوسلو للسلام عام 1993 على أن تنتقل المنطقة ج تدريجياً إلى سيطرة السلطة الفلسطينية بحلول عام 1998. لكن هذا الانتقال لم يحدث حتى الآن.
وعن هذا الوضع تقول مريم شرمان، المديرة القطرية المنتهية مدة رئاستها لمكتب البنك الدولي بالضفة الغربية وقطاع غزة "المناطق الحضرية المزدحمة بالسكان بالضفة الغربية هي التي تجتذب معظم الانتباه عادةً... لكن إطلاق الإمكانيات من هذه ’الأراضي المقيدة’ – التي تعوق حالياً قيود كثيرة من الوصول إليها – والسماح للفلسطينيين بالاستفادة من هذه الموارد، من شأنه أن يتيح مجالات جديدة تماماً من الأنشطة الاقتصادية وأن يضع الاقتصاد على مسار النمو المستدام."
ومع ضرورة تحقيق معدل نمو يقارب ستة في المائة سنويا لاستيعاب الوافدين الجدد على سوق العمل، فضلا عن تزايد معدل البطالة بين الشباب، فلابد من الانتباه بشكل عاجل إلى ضرورة إيجاد سبل لتحقيق النمو الاقتصادي وخلق الوظائف. فوجود اقتصاد مفعم بالحيوية هو أمر لابد منه لرفاهة المواطن، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وبناء الثقة اللازمة بشدة للمفاوضات السياسية بالغة الصعوبة. غير أن الاقتصاد الفلسطيني، الذي يعتمد في الوقت الراهن على الاستهلاك الممول من الجهات المانحة والذي يعاني الركود المستمر في القطاع الخاص، هو اقتصاد غير مستدام. وتشير التقديرات الواردة في التقرير إلى أن السماح بتنمية مؤسسات الأعمال في المنطقة ج يمكن أن يضيف نحو 35 في المائة إلى إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني.
ومن شأن تحرير النشاط الاقتصادي في المنطقة ج أن يحدث تأثيراً كبيراً على تنمية مؤسسات الأعمال في الزراعة، واستخراج الأملاح المعدنية من البحر الميت، واستخراج الأحجار، والبناء، والسياحة، والاتصالات. وسيكون بمقدور القطاعات الأخرى أن تستفيد من التحسينات التي يمكن إدخالها على جودة البنية التحتية وتكلفتها، ومن تزايد الطلب على السلع والخدمات.
كما أن الوضع المالي للسلطة الفلسطينية سيتحسن كثيراً من جراء زيادة النشاط الاقتصادي. وتشير التقديرات إلى زيادة الإيرادات الحكومية نحو 800 مليون دولار، وهو ما سيؤدي إلى خفض عجز الموازنة بمقدار النصف، ومن ثمّ يقلل من الاحتياج إلى مساعدات المانحين، ويخفض أيضاً من معدلات البطالة والفقر.
وفي هذا الصدد، تقول مريم شرمان "القدرة على الوصول إلى المنطقة ج ستقطع شوطاً بعيدا في حل المشكلات الاقتصادية الفلسطينية... والبديل مظلم . فبدون القدرة على الاستفادة من إمكانيات المنطقة ج، ستظل المساحة الاقتصادية مفتتة ومتقزمة. ويمكن أن يحدث رفع القيود المتعددة تحولاً في الاقتصاد وتحسناً كبيراً في آفاق النمو المستدام."