عمان، الأردن، 12 نوفمبر/تشرين الثاني، 2014 ــ قال تقرير جديد لمجموعة البنك الدولي إن التلاميذ الفلسطينيين الملتحقين بمدارس الأونروا لللاجئين في الضفة الغربية وغزة والأردن يحققون نتائج أعلى من المتوسط في التقييمات الدولية مثل الاتجاهات في الدراسة العالمية للرياضيات والعلوم(TIMSS) والبرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA) وذلك على الرغم من الظروف الصعبة والخطرة التي يعيشونها.
ويبرز هذا التقرير الصادر بعنوان "التعلم في مواجهة المعوقات: برنامج الأونروا لتعليم اللاجئين الفلسطينيين"، كيف يمكن لنهج المرونة الذي يتضمن ممارسات فعالة داخل الفصل الدراسي من جانب المعلمين، وقيادة مدرسية قوية، وتقييمات، ومشاركة في تحمل المسؤولية والمساءلة عن التعلّم أن يدعم القدرة على التكيّف والأداء في ظروف خطرة.
ويعتمد النظام التعليمي للأونروا، وهو أحد أكبر الأنظمة التعليمية غير الحكومية في الشرق الأوسط ويستقبل 500 ألف تلميذ من اللاجئين كل سنة، على الشراكة بين المدرسة والأسرة والمجتمع لخلق ثقافة تعلّم تأخذ بعين الاعتبار البيئة الهشّة التي يعيش فيها الأطفال، وتشجع التعاون وتضافر الجهود فيما بين المدرسة والمعلم وأولياء الأمور والمجتمع المحلي بحيث يركز الجميع على التحصيل العلمي للتلميذ ورفاهه.
وتعليقا على ذلك، قال هاري باترينوس، مدير مجموعة الممارسات العالمية المعنية بالتعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مجموعة البنك الدولي "لقد عملت مدارس الأونروا على تهيئة مجتمع تعلّم متميّز يرتكز على الطالب. ويتفوق طلاب الأونروا على أقرانهم في المدارس الحكومية، وذلك على الرغم من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السلبية التي يعيشون فيها ومستوى تعليم أولياء أمورهم، لكن ثقة الطلاب في أنفسهم ومساندة أولياء أمورهم لهم ومشاركتهم في الأنشطة المدرسية تعوض ذلك".
وتدير الأونروا قرابة 700 مدرسة، ويبلغ عدد العاملين بها 17 ألف شخص، وينتظم بها أكثر من 500 ألف تلميذ من اللاجئين كل عام، وتعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا. ويركّز هذا التقرير على ثلاث مناطق هي: الضفة الغربية وغزة والأردن.
ويشير التقرير إلى ارتفاع معدلات الرضا الوظيفي فيما بين المعلمين باعتباره عاملاً قوياً يرتبط بأداء الطلاب. ويظهر استقصاء قام بتنظيمه فريق الأبحاث بقيادة حسين عبد الحميد، أخصائي أول تعليم في مجموعة البنك الدولي وأحد المشاركين في إعداد هذه الدراسة، أن 75 في المائة من المعلمين يشعرون بالرضا والرضا الشديد في وظائفهم في مدارس الأونروا.
وتتمثل النتائج الرئيسية لهذه الدراسة فيما يلي:
1. تقوم الأونروا باختيار وإعداد ومساندة كادرها التعليمي بغية تحقيق نواتج تعلم مرتفعة. وتجتذب كليات معلمي الأونروا أفضل خريجي المدارس الثانوية كي يلتحقوا مجاناً مع ضمان التوظيف عند الانتهاء من الدراسة. علاوة على ذلك، تُحدد لمدرسي الأونروا معايير واضحة فيما يتعلق بما ينبغي للتلاميذ أن يعرفوه، ويتلقون إرشادات بشأن كيفية تحقيق هذه النواتج. وتشترط الأونروا أيضاً خبرة عملية في الفصول الدراسية (تدرج في المناهج في كليات المعلمين الخاصة بها)، وبرنامج تدريب إلزامي مكثف لمدة سنتين يركز على التدريس في الفصل بعد تعيين هؤلاء المعلمين.
2. ارتفاع مقدار ما يُقضى من وقت في العمل بمدارس الأونروا، والاستفادة من هذا الوقت بشكل أكثر كفاءة. لا تختلف كثيراً نسبة ما يتم قضاؤه من وقت على أنشطة التدريس في مدارس الأونروا عنها في الأنظمة الناجحة في البلدان المتقدمة. وتستفيد مدارس الأونروا فيما يبدو من هذا الوقت في إشراك التلاميذ من خلال أنشطة جماعية خاضعة لقيادة موثوق بها، ونقاشات، وواجبات ومهام، تشجع كلها على تحفيذ مشاركة التلاميذ. ففي الضفة الغربية وغزة، على سبيل المثال، يُكرس معظم وقت عمل المعلمين للتدريس.
3. الطبقات الإدارية في مدارس الأونروا أقل، مع وجود نظام عالمي للتقييم والمساءلة. تشتمل أنظمة التقييم في مدارس الأونروا على ملاحظات سير العمل داخل الفصول وعلى معايير أخرى صارمة ومنتظمة التكرار. ويُعد التطور المهني وتقييمات الأداء من المتطلبات اللازمة للاستمرار في مهنة التعليم في نظام الأونروا، مع وجود حوافز على حسن الأداء وعقوبات على سوء الأداء.
4. مدارس الأونروا جزء من مجتمع وثقافة تعلّم أوسع تدعم الطفل وتضمن نفع ما يتلقاه من علوم وارتباطه بأرض الواقع وسوق العمل. يبدو أن الإحساس بالمجتمع المحلي تعزّزه الحقيقة المتمثلة في أن معلمي الأونروا يأتون من بين نفس السكان المهددين بالخطر، وأنهم كالتلاميذ تماماً جزء من نفس المجتمعات المحلية، وأنهم أنفسهم تخرجوا عبر النظام التعليمي للأونروا. وبمشاركتهم هذه الأوضاع المعيشية الصعبة، يشكل المعلمون قدوة لتلاميذهم، ولا يعطونهم الإرشادات الدراسية فحسب ولكن المساندة العاطفية والاجتماعية أيضاً.
وتتفق النتائج التي توصل إليها هذا التقرير مع فهم مجموعة البنك الدولي للمرونة لا كنواتج في حد ذاتها وإنما كعملية تتبلور وسط ظروف سلبية مناوئة. ويشير التقرير إلى أن نظام الأونروا يقيس ويشجع مجموعة من الفرص التي تدعم تلاميذه خلال "إبحارهم" وسط أمواج المعوقات التي تواجههم.
من جانبها، قالت كارولين بونتيفراكت، مدير التعليم بالأونروا "ترحب الأونروا بالنتائج التي توصلت إليها دراسة مجموعة البنك الدولي، وإشادتها بنقاط القوة في نظام الأونروا التعليمي المدعوم من اليونسكو. واللاجئون الفلسطينيون أنفسهم بداية من الطالب إلى مدير التعليم في كل مجال هم نقاط القوة لدى الأونروا وعوامل المرونة لديها، وينصب نشاطنا الإصلاحي الجاري على إطلاق طاقاتهم الكامنة".
وتضيف بونتيفراكت "لقد تم تطبيق سياسات وممارسات قائمة على شواهد للاستفادة من نقاط القوة المشار إليها للوصول إلى تعليم يتسم بالجودة والمساواة واشتمال الجميع ــ لتحقيق المنافع المرجوة لكل طفل وتلميذ بما في ذلك من هم أقل قدرة على المرونة والمجابهة. وعلاوة على ذلك، تواصل مدارس الأونروا العمل في بيئة حافلة بالتحديات مع تعرض كثير من أطفالنا للنزاعات بصورة يومية ومستمرة. وستواصل الأونروا سعيها لإطلاق الطاقات الكامنة لجميع الأطفال أياً ما كانت احتياجاتهم، وفيما نمضي قدماً، نثمّن التأكيد الذي قدمته دراسة البنك الدولي فيما يتعلق بالأمور ذات الجدوى في التعليم الجيد.
يظهر نجاح هذا النموذج كيفية استغلال الموارد القليلة في بناء نظام يتسم بالمرونة والقدرة على المجابهة. وبهذا المعنى، تعمل مجموعة البنك الدولي حالياً مع بلدان المنطقة لتعزيز هذه النظم والاستفادة من الخبرات والتجارب الوطنية والإقليمية والعالمية. وفي هذا الإطار، فقد حقق النظام التعليمي الأردني خلال العقدين المنصرمين تقدماً ملحوظاً. فبفضل الإلتزام الحكومي المتين
وإطار فعال من التعاون والتنسيق بين الجهات المانحة، تمكن مشروعا أصلاح التعليم من أجل اقتصاد المعرفة الأول والثاني من الشروع في عملية إصلاح التعليم بأسلوب شامل ومبرمج، وساهما في بناء شراكات متينة بين القطاعين العام والخاص من أجل دعم التقدم في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمناهج، والتعلّم الالكتروني، وأنظمة تقييم التلامذة. ولكن على الرغم من هذا التقدم، فإن أثر الأزمة السورية على قطاع التعليم الأردني بالغ الخطورة، وهنالك حاجة إلى المزيد من الدعم بغية مساعدة نظام التعليم العام على تحمل العبء الناتج عن موجات النزوح الأخيرة.