اسطنبول في 10 ديسمبر/كانون الأول 2014- وضع النمو المطرد الذي تحقق على مدى العقود الماضية تركيا على أعتاب التحول إلى بلد مرتفع الدخل، وتقاسمت كافة شرائح الدخل في المجتمع على نطاق واسع ثمار هذا الرخاء، وزاد حجم الطبقة المتوسطة بمقدار الضعف. جاء ذلك في تقرير جديد للبنك الدولي صدر اليوم بعنوان: "التحول التركي: الاندماج والاشتمال والمؤسسات". إلا أن التقرير يرى أنه لا تزال هناك تحديات ينبغي على تركيا تذليلها. ويتناول التقرير بالبحث تجربة تركيا في التحول من بلد كان يعد من الفئة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل إلى أحد اقتصادات الفئة العليا من البلدان متوسطة الدخل، ويتناول النجاحات والإخفاقات وما يحتاج إلى تغيير.
النمو في تركيا |
· بلغ متوسط إجمالي الناتج المحلي السنوي في تركيا 4.5 في المائة في الفترة من عام 1960 إلى 2012. |
· بلغ متوسط إجمالي الناتج المحلي السنوي في تركيا 4.5 في المائة في الفترة من عام 1960 إلى 2012. |
· زاد دخل فئة الأربعين في المائة الأقل دخلا بين سكان تركيا بنفس معدل زيادته بين عموم السكان تقريبا، مما يبين أن ثمار الرخاء عمت شرائح المجتمع من شتى مستويات الدخل. |
وبمناسبة إصدار هذا التقرير، صرحت لورا توك، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة أوروبا وآسيا الوسطى قائلة: "إن ارتقاءبلدان الأسواق الصاعدة يغير أفق التنمية العالمية. فبالنسبة للعديد من البلدان النامية، فإن أكثر الدروس ارتباطا بالتنمية تأتي، ليس من البلدان الصناعية في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، ولكن من بلدان الاقتصادات الصاعدة النشطة التي تمضي على الطريق نحو بلوغ مصاف البلدان مرتفعة الدخل".
وأضافت توك قائلة، "وتجسيدا للدور المتنامي لبلدان الأسواق الصاعدة في الاقتصاد العالمي، هناك اهتمام متزايد بتبادل التجارب فيما بين مسئولي السياسات في البلدان النامية ونظرائهم ممن يواجهون تحديات مماثلة. وبالفعل، باتت تركيا بارتفاع متوسط دخل الفرد إلى حو 10500 دولار في العام على مسافة سنوات قليلة من تجاوز عتبة الارتقاء إلى مصاف البلدان مرتفعة الدخل إذا استمرت معدلات النمو على وتيرتها الحالية. ووفقا لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، ستصبح تركيا في الترتيب الثاني عشر بين أكبر اقتصادات العالم بحلول عام 2060. وقد جذب الصعود الاقتصادي لتركيا الانتباه، ويروي هذا التقرير قصة هذا النجاح والدروس التي يمكن أن تتعلمها البلدان الأخرى منها".
ووجد التقرير أن هناك موضوعين محوريين ميزا التنمية الاقتصادية في تركيا خلال العقود الثلاثة الماضية، ألا وهما: الاندماج والاشتمال.
وحسب التقرير، فإن اندماج تركيا اقتصاديا- سواء اندماجها في الأسواق العالمية أو دمج المناطق المتأخرة في الاقتصاد التركي- كان محركا للتقدم الاقتصادي. وعلاوة على ذلك، اغتنمت تركيا فرصة الأزمة المالية الشديدة التي ألمت بها قبل عقد لإصلاح بنوكها ومالياتها العامة- مما أفسح الطريق أمام تحول الإنفاق العام من خدمة الدين إلى خدمة المواطن. وفضلا عن ذلك، عم النمو الاقتصادي جميع شرائح المجتمع فيما تقلصت معدلات الفقر بأكثر من النصف، وزادت إمكانيات الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية.
لكن، ورغم ما حققته من إنجازات كبرى حتى الآن، مازال يتعين على تركيا أن ترسخ المتطلبات المؤسسية التي يحتاج إليها الاقتصاد مرتفع الدخل. وفي إطار اقتصاد عالمي لا يرحم، يلوح في الأفق شبح سقوط البلدان التي تهاونت في جهودها الإصلاحية في ما يسمى "شرك البلدان متوسطة الدخل". وبالنسبة لتركيا، ستحتاج لكي تنتقل إلى شريحة البلدان مرتفعة الدخل إلى إعلاء سيادة القانون، وتحسين المساءلة والشفافية العامة ومناخ تنظيم العمل الحر.
من جانبه، قال مارتن ريزر، المدير القطري المعني بتركيا لدى البنك الدولي والمؤلف الرئيسي للتقرير، "تمر تركيا حاليا بتحولات عديدة في طريقها لتصبح اقتصادا مرتفع الدخل، بعض هذه التحولات أكثر تقدما من غيرها. نأمل في أن تلهم التجربة التركية واضعي السياسات في بلدان الأسواق الصاعدة الأخرى من أجل أن تصبو إلى مصاف البلدان مرتفعة الدخل. ونأمل من خلال تسليط الضوء على قائمة الانجازات والتحديات التركية، أن يكون هذا التقرير أيضا ملهما لواضعي السياسات كي يضاعفوا مجددا من جهودهم ويرتقوا ببلادهم إلى مرتبة الاقتصادات مرتفعة الدخل. ومن شأن ذلك أن يجعل الدروس من تجربة التنمية في تركيا أكثر إقناعا للبلدان الأخرى".