القدس، 21 مايو 2015 – أدى كل من الحصار والحروب وضعف الحوكمة إلى خنق اقتصاد قطاع غزة حيث أضحى معدل البطالة الآن الأعلى عالمياً وفقاً لآخر تحديث اقتصادي صادر عن البنك الدولي. وسيقدم التقرير إلى لجنة الارتباط الخاصة -وهي منتدى للجهات المانحة للسلطة الفلسطينية- في الاجتماع النصف السنوي المنعقد في بروكسل يوم 27 مايو/أيار 2015.
ويقدر التقرير أن ناتج النمو المحلي الإجمالي لقطاع غزة كان يمكن أن يكون أعلى بنحو أربع مرات من ما هو عليه لو لم يتأثر بالنزاعات والقيود المتعددة، كما يبين أن الحصار المفروض منذ عام 2007 أدى إلى إلحاق خسائر بناتج النمو المحلي الإجمالي بنسبة تزيد عن 50%. ويشير التقرير إلى أن نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43 %، وهي الأعلى في العالم، في حين ارتفعت البطالة في صفوف الشباب إلى ما يزيد عن 60% بحلول نهاية عام 2014، وهو أمر يدعو للقلق.
وتعليقاً على ذلك، قال ستين لو يورغينسون المدير الإقليمي للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة: "تعتبر أرقام البطالة والفقر في قطاع غزة مقلقة جداً والتوقعات الاقتصادية مزعجة نظراً لعدم قدرة الأسواق القائمة في قطاع غزة على توفير فرص عمل، مما ترك شريحة واسعة من السكان ولا سيما الشباب في حالة من اليأس. وقد تسبب الحصار المستمر وحرب عام 2014 بآثار مدمرة على الاقتصاد في قطاع غزة وعلى معيشة الناس، كما اختفت صادرات غزة وتقلص قطاع الصناعة بنسبة تصل إلى 60 % وأصبح الاقتصاد غير قادر على الصمود دون الارتباط بالعالم الخارجي".
ويعتبر ناتج النمو المحلي الإجمالي الفعلي لقطاع غزة أعلى بعدة نسب مئوية حالياً مما كان عليه قبل 20 سنة في عام 1994، في حين يُقدر ارتفاع النمو السكاني في القطاع بنسبة 230 % خلال نفس الفترة. وبالتالي، أصبح الدخل الفعلي للفرد في غزة الآن أقل بنسبة 31 % مما كان عليه في العام 1994. وقد أدت الحرب في غزة عام 2014 إلى انخفاض ناتج النمو المحلي الإجمالي لقطاع غزة بنحو 460 مليون دولار أمريكي، وكانت قطاعات الإنشاءات والزراعة والصناعة والكهرباء الأكثر تأثراً مع انخفاض على الناتج بنسبة 83 % في قطاع الإنشاءات في النصف الثاني من عام 2014 وبنسبة 50 % تقريباً في بقية القطاعات. كما أصبح قطاع غزة مصدراً رئيساً للعجز والأعباء المالية على مالية السلطة الفلسطينية التي تضخمت بفعل الانقسام الداخلي، حيث يأتي 13 % فقط من إيرادات السلطة الفلسطينية من قطاع غزة في حين يتركز حوالي 43 % من إنفاقها في غزة.
ويعاني سكان غزة من سوء الخدمات العامة الأساسية وتدني جودتها مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي، ويحصل نحو 80 % من سكان القطاع على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية ولا يزال 40 % منهم يقبعون تحت خط الفقر. ورغم أن تلك الأرقام صادمة إلا أنها لم تنقل الصورة الكاملة لصعوبة الأوضاع المعيشية التي يعاني منها جميع سكان غزة تقريباً.
يقول يورغينسون: "ما يصدم أكثر هو حقيقة أن أغلبية سكان قطاع غزة البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة محصورون في منطقة مساحتها 160 كيلومتر مربع وهم غير قادرين على التحرك أبعد من هذه المنطقة دون تصاريح. ووفقا لمركز صحة العقل والجسد القائم في واشنطن (Center for Mind-Body-Medicine)، أظهر ما يقارب ثلث أطفال غزة اضطرابات ما بعد الصدمة حتى قبل النزاع المسلح في عام 2014 وأكثر من ذلك في الوقت الحالي".
إن الوضع القائم في قطاع غزة غير قابل للاستمرار، حيث التحسن مشروط بتخفيف الحصار أولا للسماح بإدخال مواد البناء بكميات كافية والأمر الثاني حركة الصادرات إلى جانب تمويل المانحين، حيث عمل البنك الدولي على مراقبة معدل صرف التزامات الجهات المانحة والبالغة حالياً 27.5 % فقط، كما تعتبر أنظمة الحوكمة الفاعلة والتعزيز المؤسسي في ظل قيادة السلطة الفلسطينية من الشروط المسبقة الأساسية للانتعاش الاقتصادي المستدام في قطاع غزة.