أبوظبي 1 مايو/أيار 2019 - يتوقع أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 2.1% في 2019، مقارنة بنحو 2% العام الماضي، قبل أن تتسارع وتيرته ليصل إلى 3.2% في 2020، ويستقر عند 2.7% في 2021، حسب تقرير المرصد الاقتصادي لدول الخليج الذي أصدره البنك الدولي اليوم في أبوظبي.
وأشاد العدد الجديد من التقرير نصف السنوي الذي حمل عنوان "بناء أسس الاستدامة الاقتصادية: رأس المال البشري والنمو في دول مجلس التعاون الخليجي" بالإصلاحات الجارية من أجل تحسين بيئة الأعمال في المنطقة. غير أن تحقيق نمو اقتصادي أكثر استدامة، يتطلب من دول الخليج الاستمرار في مساندة تدابير ضبط أوضاع المالية العامة، وتنويع النشاط الاقتصادي، والنهوض بخلق الوظائف بقيادة القطاع الخاص، لاسيما للنساء والشباب. ويدعو التقرير أيضا إلى تسريع وتيرة تكوين رأس المال البشري عن طريق اتباع إستراتيجية حكومية شاملة لتحسين النواتج الصحية والتعليمية.
وقال عصام أبو سليمان المدير الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي في البنك الدولي: "من خلال التعاون الوثيق مع مجلس التعاون الخليجي، شهدنا إرادة سياسية قوية من بعض الدول لتطبيق رؤيتها التنموية مع تحقيق نتائج حقيقية ملموسة على أرض الواقع، ولكن التحوُّل الاقتصادي مسعى طويل الأمد يستلزم تنفيذا دؤوبا وواضحا يمكن توقعه. ومع أن الطريق أمامنا محفوف بالتحديات، فإن تحقيق هذا التحول ممكن، ونحن ملتزمون بالسير معا في هذه الرحلة."
وقد حقَّقت دول مجلس التعاون الخليجي تقدما مطردا في تنفيذ إصلاحات رئيسية لاجتذاب المستثمرين، وتعزيز التنافسية، مثل تيسير استخراج تراخيص مزاولة النشاط التجاري، وخفض الرسوم، وتحرير ملكية الأجانب للشركات المحلية، ومساندة رواد الأعمال من النساء والشباب. وبُذِل الكثير من الجهد في الأعوام الأخيرة لاجتذاب الاستثمارات لاسيما في القطاعات غير النفطية، وتشجيع الصادرات غير النفطية، مثل إصلاح التشريعات وإنشاء مناطق تجارية حرة مع تقديم حوافز سخية للمستثمرين . بيد أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة كانت أقل مما شهدته الأسواق الصاعدة الأخرى. وتشمل البنود المتبقية في أجندة الإصلاح تيسير ملكية الأجانب للشركات، وتقليص الحواجز غير الجمركية، بالإضافة إلى إصلاحات بيئة الأعمال، وهي بالفعل أولوية رئيسية في الكثير من الدول.
ويتمثَّل جزء حيوي من أجندة التحول الاقتصادي والإصلاح في المنطقة في تكوين رأس المال البشري. وفي مشروع رأس المال البشري الذي أُطلقه البنك الدولي في الآونة الأخيرة، كانت درجات تصنيف دول مجلس التعاون الخليجي على مؤشر رأس المال البشري أعلى من المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكنها أدنى من دول أخرى ذات مستويات دخل مماثلة مثل ألمانيا وأيرلندا وسنغافورة. وكانت ثلاث من دول مجلس التعاون الخليجي -هي السعودية والكويت والإمارات - من أوائل المنضمين إلى مشروع رأس المال البشري التابع للبنك الدولي، وهو دليل على التزامها بتحسين رأسمالها البشري. ويتعلق أكثر التحديات إلحاحا التي تُبطِئ تكوين رأس المال البشري في مجلس التعاون الخليجي بنواتج التعلم ومعدلات بقاء البالغين على قيد الحياة. فإنتاجية الأطفال المولودين اليوم في دول مجلس التعاون الخليجي ستبلغ ما بين 58% و67% عندما يكبروا مقارنة مع نسبة إنتاجية كاملة اذا تمتعوا بقدر كامل من التعليم والصحة الجيدة.
ويقترح التقرير أربعة نُهُج لتعزيز رأس المال البشري في دول مجلس التعاون الخليجي: (1) الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة لتزويد الأطفال بأساس قوي للتعلم؛ (2) إعداد الشباب لمتطلبات المستقبل عن طريق تحسين نواتج تعلمهم، وربط التعليم باحتياجات سوق العمل، وتقليص عوامل الخطر الرئيسية على الصحة مثل التدخين، والخمول، والنظام الغذائي غير الصحي؛ (3) تحسين رأس المال البشري للبالغين عن طريق التشديد على التعلم مدى الحياة، وزيادة مشاركة الإناث في الأيدي العاملة، وتقليص التباين بين المهارات ومتطلبات سوق العمل، والوقاية من الأمراض المزمنة والإصابات؛ و(4) تنفيذ سياسات من شأنها إحداث تغيير في الأعراف والسلوكيات الاجتماعية.
الآفاق الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي
البحرين: يتوقع أن يبلغ معدل النمو 2% في 2019، وأن يصل إلى 2.2% في 2020. وتشير التنبؤات إلى أن نمو القطاع غير النفطي سيتراجع إلى 2.4% بسبب تدابير المالية العامة المنفذة في البداية التي ترمي إلى تحقيق التوازن المالي، وتقليص استثمارات المشروعات العملاقة. وسيستأنف الاقتصاد نموه في الأعوام التالية مع تحقُّق زيادة معدلات الكفاءة من جراء الإصلاحات.
الكويت: يتوقع أن يبلغ معدل النمو 1.6% في 2019 بسبب تخفيضات إنتاج النفط من دول منظمة أوبك والمنتجين من خارجها في النصف الأول من العام. وتشير التنبؤات إلى أن معدل النمو الاقتصادي سيبلغ نحو 3% في 2020 حيث يلقي القطاع غير النفطي دعما من زيادة الإنفاق الحكومي.
عُمَان: يتوقع أن يتراجع معدل النمو إلى 1.2% في 2019، مع تقييد إنتاج النفط نتيجةً لالتزام عُمان بتخفيضات الإنتاج التي أجرتها منظمة أوبك والمنتجون من خارجها في ديسمبر/كانون الأول 2018. وسيُسجِّل معدل النمو قفزة لمرة واحدة إلى 6% في عام 2020، حيث تعتزم الحكومة إجراء زيادة كبيرة في الاستثمار في حقل خزان للغاز. ومن المرتقب أن يساعد الدعم المحتمل من الإنفاق على الاستثمار في تنويع النشاط الاقتصادي على استمرار تعزيز النمو في 2021 وفي الأمد المتوسط.
قطر: يتوقع أن يصل معدل النمو إلى 3% في 2019، وأن يواصل التحسُّن ليصل إلى 3.2% في 2020، و3.4% في 2021، مع استمرار البلاد في عمليات الإنشاءات استعدادا لاستضافة نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم في 2022. علاوةً على ذلك، من المتوقع أن تؤدي زيادة الإنفاق على البنية التحتية في إطار مشروعات رؤية قطر الوطنية 2030 الرامية إلى تنويع النشاط الاقتصادي إلى تعزيز ثقة المستثمرين.
السعودية: يتوقع أن يتراجع معدل النمو قليلا إلى 1.7% في 2019، إذ إن زيادة الإنفاق الحكومي توازن تأثير تخفيضات إنتاج النفط التي تم تنفيذها في النصف الأول من عام 2019. وبعد ذلك يتوقع أن ينتعش النمو إلى أكثر من 3% في 2020 مع بدء زيادة الإنتاج، وظهور الآثار الإيجابية غير المباشرة لمشروعات البنية التحتية الكبيرة على نمو القطاع الخاص.
الإمارات: يتوقع أن يبلغ معدل النمو 2.6% في 2019، وأن يقفز إلى 3% في 2020، مع مضي البلاد في تنفيذ استثمارات في مرافق البنية التحتية قبل تنظيم معرض إكسبو 2020 في دبي. وتشير التنبؤات إلى أن معدل النمو الاقتصادي سيبلغ 3.2% بحلول 2021 وذلك بدعم من خطط الحكومة للتحفيز الاقتصادي وإقامة معرض إكسبو 2020 في دبي، وتحسُّن آفاق النمو في الشركاء التجاريين للبلاد.