واشنطن 23 يونيو/حزيران، 2020 - لا يزال مستوى مشاركة المرأة في القوى العاملة في بلدان المشرق من أدنى المستويات في العالم، ومن المحتمل أن يتراجع بسبب جائحة كورونا. ويقول البنك الدولي في تقرير صدر اليوم إن معالجة الأعراف الاجتماعية السائدة، والقيود القانونية، وأوجه قصور السوق يمكن أن تعزز نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل في العراق والأردن ولبنان، وأن تساعد على نمو اقتصادات هذه البلدان. وفي الواقع، إذا تحقَّقت الزيادة التي تستهدفها البلدان الثلاثة في نسبة المشاركة وقدرها خمس نقاط مئوية على مدى خمسة أعوام واستمرت لمدة عشر سنوات أخرى، فإن معدل النمو الاقتصادي السنوي سيزداد 1.6 نقطة مئوية في العراق، و2.5 نقطة في الأردن، و1.1 نقطة في لبنان بحلول عام 2035.
ويُقدِّم تقرير حالة المرأة في بلدان المشرق صورة عامة تستند إلى البيانات عن إمكانية حصول المرأة على الفرص الاقتصادية في المنطقة. ويتناول التقرير أسباب تدنِّي مشاركة المرأة في القوى العاملة، ويدعو إلى العمل لإيجاد أنظمة الدعم والخدمات والإطار القانوني اللازمة لحث مزيد من النساء على دخول سوق العمل.
وتبلغ نسبة النساء اللاتي يعملن في العراق والأردن أقل من 15%، وهو ما يضع هذين البلدين في فئة البلدان التي تتسم فيها مشاركة النساء في قوة العمل بأنها الأدنى على مستوى العالم بعد سوريا واليمن اللذين تمزق الحرب أوصالهما. وفي لبنان، تبلغ نسبة النساء اللاتي يعملن 26% فقط. وتسجل نسبة مشاركة النساء الأقل تعليماً في سوق العمل مستوى منخفض جداُ. ومع أن ثلثي النساء الحاصلات على تعليم جامعي إما يعملن أو يبحثن عن وظيفة، إلا أن هذا يعادل نسبة صغيرة من إجمالي عدد النساء بين السكان في البلدان الثلاثة (نحو 12% في العراق، و27% في الأردن، و31% في لبنان). ونسبة المشاركة في القوى العاملة أعلى بوجه عام بين النساء الأصغر سناً.
ففي لبنان، يزيد احتمال مشاركة النساء في الفئة العمرية 15-44 عاماً بمقدار الضعفين عن النساء في الفئة العمرية 45-64 عاماً، وهو ما يكشف عن تحوُّل بين الأجيال غير ملحوظ في العراق، وملحوظ بصورة جزئية في الأردن. وفي الأردن، يزيد أيضا احتمال أن تعمل النساء الأصغر سناً، لكن معدلات مشاركة النساء في الفئة العمرية 25-34 عاماً تبلغ نحو 35% فقط. وعلى النقيض من ذلك، تبلغ نسبة مشاركة النساء اللواتي تزيد أعمارهن عن 35 عاماً في قوة العمل 20% أو أقل. وفي البلدان الثلاثة جميعاً، يرتبط الزواج وإنجاب الأطفال بانخفاص احتمال المشاركة في سوق العمل، وإن كان مع بعض الاختلافات الملحوظة. وتجدر الإشارة إلى أنه في البلدان الثلاثة جميعاً، تنعكس الصورة بالنسبة للرجال، إذ أنَّ معدلات المشاركة في القوى العاملة بين الرجال المتزوجين ومن لديهم أطفال صغار تزيد عن معدلات نظرائهم غير المتزوجين.
وفي معرض تعقيبه على التقرير، قال ساروج كومار جها المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي: "يأتي توفير الفرص الاقتصادية للنساء وزيادتها في صميم أجندة البنك الدولي... ويجب أن تتمتع النساء بفرص متكافئة للمشاركة في الحياة الاقتصادية، والتعبير عن آرائهن، وتحقيق آمالهن وطموحاتهن. ومن ِشأن هذا أن يُعزِّز النمو والرخاء والسلام والاستقرار في بلدان المشرق."
ومع أن تدنِّي معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة يُعزَى جزئياً إلى ضعف نسب خلق فرص العمل في العراق والأردن ولبنان بسبب المشاكل والتحديات الاقتصادية الهيكلية، فإن معوقات إضافية مرتبطة بدور المرأة في المجتمع وداخل الأسرة تُؤثِّر على وجه التحديد في إمكانية دخول المرأة سوق العمل.
ويُوجِز التقرير الحواجز التي تعوق مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية، جامعاً بين نهج يعتمد دورة الحياة لتحليل كل عائق حين وقوعه في نقطة حاسمة معينة من حياة المرأة، مع التأكيد على أن هذه التجربة قد تختلف وفق وضع المرأة الاجتماعي والاقتصادي. ويذهب التقرير إلى القول إن النساء يواجهن حواجز وعقبات في أربع نقاط حيوية حاسمة في حياتهن: التأهب واكتساب المهارات، ودخول السوق والبقاء فيه، والزواج، والإنجاب. وفي كل نقطة من نقاط التحول هذه، قد تُؤثِّر وجهات نظر المجتمع وتصوراته لدور النساء على نظرتهن لأنفسهن، وما يطمحن في بلوغه، ويؤثِّر تأثيراً كبيراً على قرارهن بالانسحاب من سوق العمل أو عدم دخوله أبداً. وتشمل الحواجز الإضافية التي تمنع المرأة من شغل وظيفة ذات أجر تمييز أرباب العمل في المعاملة بين الرجال والنساء، والقيود القانونية، والعنف ضد المرأة في مكان العمل، والقيود على إمكانية الحصول على الموارد والأصول، وصعوبة الانتقال. ويقيس التقرير كمياً أيضاً مقدار الأهمية النسبية لكل حاجز من هذه الحواجز.
واستشرافاً للمستقبل، يقدم التقرير توصيات على صعيد السياسات من أجل تعزيز مشاركة النساء في القوى العاملة في بلدان المشرق. وبالإضافة إلى خلق مزيد من الوظائف، يمكن للحكومة تعزيز دخول المرأة سوق العمل بجعل وسائل النقل العام أكثر أمناً، ومراجعة قوانين ولوائح تنظيمية مُعيَّنة، وسد فجوات مُعيَّنة بين القانون على الورق وفي التطبيق العملي، وزيادة تأمين خدمات ذات جودة لرعاية الأطفال، ومعالجة الأعراف الاجتماعية التي تحول دون اكتساب المرأة دخلاً خاصاً بها.
وقال ماثيو واي-بو المؤلف الرئيسي لهذا التقرير: "يمكن أن يساهم الاقتصاد الرقمي أيضاً في تعزيز مشاركة النساء في القوى العاملة عبر تمكينهن من العمل من المنزل مع ساعات عمل مرنة... لكن الفجوة الرقمية السائدة بين الجنسين تعني أن النساء لديهن إمكانية أقل من الرجال في الوصول إلى شبكة الإنترنت وقدرات الاتصال عبر الهاتف المحمول والحصول على المهارات الرقمية. ويزداد تأثير هذه المسألة بين النساء الأقل تعليماً. وإذا لم تُتخذ إجراءات لسد الفجوة الرقمية بين الجنسين، قد تتحول تلك الفرص إلى حاجز آخر."
تم إعداد هذا التقرير الأول عن حالة المرأة في بلدان المشرق في إطار أنشطة صندوق المساواة بين الجنسين في المشرق الذي يُقدِّم المساعدة التقنية للعراق والأردن ولبنان لتعزيز التمكين والفرص الاقتصادية للنساء، وذلك كحافز نحو قيام مجتمعات أكثر شمولاً واستدامة وسلمية يعود فيها النمو الاقتصادي بالنفع على الجميع.
نبذة عن صندوق المساواة بين الجنسين في المشرق:
صندوق المساواة بين الجنسين في المشرق هو تسهيل تمويلي مدته خمسة أعوام (2019-2024) يُقدِّم المساعدة الفنية للعراق والأردن ولبنان لتعزيز التمكين وزيادة الفرص الاقتصادية للنساء، وذلك كحافز نحو قيام مجتمعات أكثر شمولاً واستدامةً وسلميةً يعود فيها النمو الاقتصادي بالنفع على الجميع. ويساند الصندوق من خلال عمله مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وشركاء التنمية الجهود التي تقودها الحكومة، والأولويات على المستوى القُطْري، والأنشطة الإستراتيجية الإقليمية التي تهدف إلى تعزيز البيئة الداعمة لمشاركة النساء في النشاط الاقتصادي وتحسين سبل حصولهن على الفرص الاقتصادية. وهو مبادرة للبنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية بالتعاون مع حكومتي كندا والنرويج. ويأتي تمويله بشكل أساسي من الصندوق الشامل للمساواة بين الجنسين مع مساهمات من حكومات أستراليا وكندا والدنمرك وفنلندا وألمانيا وآيسلندا ولاتفيا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ومؤسسة بيل وميليندا غيتس.