عمان، 14 يوليو/تموز 2020 – أطلق البنك الدولي اليوم تقرير مرصد الاقتصاد الأردني في عدد ربيع 2020 بعنوان "مواجهة العاصفة" خلال اجتماع افتراضي استضافه منتدى الاستراتيجيات الأردني بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي. يناقش التقرير أحدث التطورات الاقتصادية ويسلط الضوء على بعض التحديات الرئيسية التي تواجه سياسات الاقتصاد الكلي في المملكة لا سيما الآثار الاقتصادية والاجتماعية لجائحة فيروس كورونا المستجد التي مسّت بشدة حياة المواطن الأردني وسبل عيشه.
تشكل جائحة فيروس كورونا COVID-19 صدمة اقتصادية واجتماعية شديدة على جميع البلدان على حد سواء، والأردن ليس بمنأى عن هذه الصدمة. ومع تباطؤ النمو الذي كان يشهده الأردن ما قبل الجائحة وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب والنساء، فإنه من المتوقع أن تكون هذه الصدمة أكثر حدية. وتشير التوقعات إلى أن الجائحة ستؤدي على الأرجح إلى ركود عالمي عميق على المدى الطويل، يعزى جزئيًا إلى استمرار المخاطر الصحية. ووفق التقرير، فمن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الأردني بنسبة 3,5% عام 2020، بالمقارنة مع الانكماش المتوقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 4,2%، وما نسبته 5,2% للاقتصاد العالمي، وفقًا لتقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر عن البنك الدولي في حزيران 2020. وبالنسبة إلى الأردن، من المتوقع أن يمس هذا التأثير السلبي عدد من القطاعات المختلفة لا سيما التجارة و الحوالات والسياحة وقطاع الخدمات. ومما يزيد من حدية هذه التوقعات مواجهة بعض البلدان صعوبات في السيطرة على الموجة الأولى من الجائحة، في حين قد تواجه بلدان أخرى موجة ثانية. ونظرًا لطبيعة الاقتصاد الأردني المعتد على قطاع الخدمات، فمن المتوقع أن تتعافى المملكة تدريجيًا ولكن دون مستوى التوقعات ما قبل الجائحة.
وتعقيباً على التقرير، قال المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جها: "إن الاضطرابات العالمية والمحلية التي طرأت مؤخراً بسبب جائحة فيروس كورونا أثّرت بشدة على الاقتصاد الأردني وآفاقه. إن البنك الدولي ملتزم بدعم الأردن في اتخاذ إجراءات سريعة لحماية الفقراء، والحفاظ على توفير الخدمات الأساسية، واستعادة النشاط الاقتصادي، والحفاظ على رأس المال البشري".
وتتطلب الاستجابة لهذه الأزمة حشد موارد مالية كبيرة. ونظرًا لانكماش السيولة عالمياً، فمن المرجّح أن تكون الاحتياجات التمويلية الإضافية الناشئة عن أزمة كورونا كبيرة على المدى المتوسط، مما سيزيد من اعتماد الأردن على التمويل الخارجي.
وفي هذا الصدد، قالت سعدية رفقات، وهي خبيرة اقتصادية أولى في البنك الدولي ومؤلفة التقرير، "إن إعادة تحفيز النمو وخلق فرص العمل على المدى المتوسط، والذي له تأثير مباشر على الحد من معدلات الفقر على المدى الطويل، سيعتمد على وتيرة الانتعاش العالمي ومناعة الاقتصاد الأردني."
لقد كان الأردن سباقاً في إعداد مصفوفة الإصلاحات (2018-2022) والتي تهدف إلى تحقيق نمو أكثر استدامةً وشمولاً خصوصاً فيما يتعلق بخلق فرص العمل للشباب والنساء. وقد حققت المملكة، بمساندة من البنك الدولي، تقدماً في تنفيذ الإصلاحات الرئيسية على عدة أصعدة منها تنظيم سوق العمل، وشبكات الأمان الاجتماعي، والقدرة التنافسية للقطاع الخاص، والحوكمة. وفي ظل صدمة فيروس كورونا، فمن الضروري مواصلة الالتزام بتحقيق الاصلاحات الهيكلية لتسريع انتعاش الاقتصاد الأردني وتعزيز قدرته على الصمود، وخصوصاً في قطاعات الزراعة والسياحة وتسهيل التجارة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والتحول الرقمي، بالإضافة إلى تحسين بيئة الأعمال والوصول إلى التمويل.
وقال معالي وزير التخطيط والتعاون الدولي، الدكتور وسام الربضي "مع بداية جائحة فيروس كورونا، سارع الأردن باتخاذ إجراءات صارمة لاحتواء تفشي الفيروس للحفاظ على صحة وأرواح المواطنين في الدرجة الأولى." كما أضاف الدكتور الربضي "كان لاستراتيجية الحكومة في الاستجابة للجائحة أثر كبير في الحد من أعداد حالات المصابين والوفيات، مما مكننا من إعادة فتح معظم القطاعات الاقتصادية خلال فترة قصيرة. إن التحدي الرئيسي الذي يواجه العالم بأسره، بما فيه الأردن، هو التعافي الاقتصادي من أثر هذه الصدمة بسرعة وكفاءة لضمان نمو اقتصادي أكثر استدامة وشمولاً."
كما يسلط تقرير مرصد الاقتصاد الأردني الضوء على قسمين رئيسيين، هما "المرأة والعمل في الأردن" و تشخيص فرص العمل في الأردن". حيث يبحث القسمان في الأسباب الكامنة وراء الضعف في خلق فرص العمل، لا سيما للنساء والشباب، وانخفاض مشاركة الإناث في القوى العاملة، حيث يسجل الأردن نسبة مشاركة أقل من المعايير الإقليمية والدولية. ويدعو القسمان إلى إصلاحات قانونية وتنظيمية لنظام تصاريح العمل للحد من القطاع غير الرسمي، ومراجعة أجور وتعويضات القطاع العام مقابل تلك التي في القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال وخاصةً للشركات الناشئة حتى تتمكن من النمو وخلق فرص العمل. كما يؤكد القسمان على ضرورة معالجة بعض التحديات التي تعيق وصول النساء إلى سوق العمل مثل تدني خدمات رعاية الأطفال والنقل العام، وفجوة الأجور المتعلقة بالنوع الاجتماعي، والأعراف الاجتماعية التي تقيد دور المرأة في المجتمع والمشاركة الاقتصادية.