واشنطن، 29 يونيو/حزيران 2021 - قرر المجلسان التنفيذيان للمؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي (IDA) وصندوق النقد الدولي أن السودان اتخذ الخطوات اللازمة لكي يبدأ الحصول على تخفيف أعباء الديون من خلال المبادرة المعززة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك). والسودان هو البلد الثامن والثلاثون الذي يصل إلى هذه العلامة الفارقة، المعروفة باسم "نقطة اتخاذ القرار" في مبادرة "هيبيك".
من شأن تخفيف أعباء الديون أن يدعم جهود السودان في تنفيذ الإصلاحات اللازمة لرفع مستويات المعيشة لشعبه عن طريق السماح بتحرير الموارد بغية التصدي للفقر وتحسين الأوضاع الاجتماعية. وبموجب تخفيف أعباء الديون وفق مبادرة "هيبيك" وغيرها من مبادرات تخفيف أعباء الديون التي ترتكز على مبادرة "هيبيك"، سينخفض الدين الخارجي العام للسودان على نحو غير قابل للإلغاء - بأكثر من 50 مليار دولار أمريكي على أساس صافي القيمة الحالية، أي ما يمثل أكثر من 90% من مجموع الدين الخارجي - إذا تمكن السودان من الوصول إلى نقطة الإنجاز وفقا لمبادرة "هيبيك" في غضون ثلاث سنوات تقريبا.
وبالإضافة إلى ذلك، مع مواصلة السودان مسيرته نحو تحقيق السلام والاستقرار والتنمية بعد أكثر من 30 عاما من العزلة عن النظام المالي الدولي، فإن تطبيع علاقاته مع المجتمع الدولي سيتيح له الحصول على موارد مالية إضافية بالغة الأهمية لتعزيز اقتصاده وتحسين الأوضاع الاجتماعية.
وعقب مناقشات المجلس التنفيذي للبنك الدولي في 28 يونيو 2021، قال السيد ديفيد مالباس، رئيس مجموعة البنك الدولي إن "هذا اليوم يمثل لحظة فارقة مهمة للسودان تسمح له بتخفيض أعباء ديونه بدرجة كبيرة. وهذه النتيجة من شأنها إحداث تحول لهذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 44 مليون نسمة بعد معاناة دامت لعقود من جراء الصراع وعدم الاستقرار والعزلة الاقتصادية". "وبينما لا يزال البنك الدولي مستمرا في توفير منح ما قبل تسوية المتأخرات للسودان ومساندة "برنامج دعم الأسر السودانية"، فإنني أتطلع لزيادة مستوى انخراطنا في تلك الجهود لتحسين الأوضاع المعيشية للشعب السوداني".
وقالت السيدة كريستالينا غورغييفا، مدير عام الصندوق : "أود أن أهنئ السودان، حكومة وشعبا، على المثابرة في بذل الجهود على مدار السنة الماضية مما أدى إلى بلوغ هذه العلامة التاريخية الفارقة رغم الظروف الصعبة التي فاقمتها جائحة كوفيد-19". فقد أرست جهود الإصلاحات الناجحة الدعائم لتعزيز النمو الاقتصادي الاحتوائي وتلبية احتياجات أضعف فئات السكان. وعلى السودان مواصلة تنفيذ هذه الإصلاحات والتوسع فيها - وفي هذا السياق يمكنه الاعتماد على دعم الصندوق المستمر لتأمين مستقبل أكثر رخاء".
وقال السيد عبد الله حمدوك، رئيس وزراء السودان "إن هذا القرار يمثل علامة فارقة مهمة وسوف يدعم تنفيذ جدول أعمال السودان للإصلاح والتنمية ويعزز جهودنا للتغلب على تركة الماضي وتشجيع رفع المستويات المعيشية لشعبنا". "وإذ اقتضت رحلة الوصول لهذا القرار عملا شاقا ومثابرة وشراكة قوية مع المجتمع الدولي، فإن هذا اليوم يعد بالغ الأهمية للسودان ويؤكد أن كل جهود وتضحيات الشعب السوداني لم تذهب سدى وأنها آتت ثمارها. وتعرب حكومة السودان عن تقديرها لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي والشركاء الآخرين لدعمهم الدؤوب كما تعرب عن تقديرها للشعب السوداني لصلابته وصبره ومثابرته في هذه الأوقات العصيبة".
والسودان ملتزم بتعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي؛ وتنفيذ السياسات الرامية إلى الحد من الفقر؛ ووضع مجموعة من الإصلاحات التي تركز على تحقيق الاستدامة المالية، ومرونة سعر الصرف، وتوسيع نطاق شبكة الأمان الاجتماعي، وتقوية القطاع المالي، وإدخال تحسينات على الحوكمة وزيادة الشفافية، حتى يمكن بلوغ "نقطة الإنجاز" في ظل مبادرة "هيبيك". وسيواصل الصندوق والبنك الدولي العمل معا لتزويد السلطات بما يلزم من المساعدة الفنية والإرشادات على مستوى السياسات لتحقيق هذه الأهداف، بما في ذلك ما هو في سياق الاتفاق المالي الجديد مع الصندوق البالغة مدته 39 شهرا.
وبالإضافة إلى ذلك، وبعد تسوية المتأخرات، قام البنك الدولي بفتح المجال أمام الحصول على مبالغ ضخمة لتمويل المشروعات من خلال المؤسسة الدولية للتنمية، مما سيوفر قرابة 2 مليار دولار أمريكي في هيئة منح للحد من الفقر وتحقيق التعافي الاقتصادي المستدام - مع التركيز على تعزيز القدرة التنافسية والشفافية والمساءلة؛ وزيادة الاستثمار في مشروعات الري والزراعة لدعم سبل كسب الرزق المستدامة؛ وتعزيز فرص الحصول على الطاقة والمياه والرعاية الصحية والتعليم؛ وخلق فرص العمل؛ وخلق فرص ريادة الأعمال للنساء والشباب.
وتعرب قيادة كل من مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عن خالص الشكر لبلدانهما الأعضاء من كافة المناطق ومستويات الدخل، لا سيما كندا وفرنسا وإيطاليا ومالطا والمملكة العربية السعودية والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى المفوضية الأوروبية، التي ساعدت إجراءاتها والمنح الإضافية المقدمة منها على تحفيز الدعم الدولي وتعبئة الموارد المالية اللازمة لمساعدة السودان في الوصول إلى "نقطة اتخاذ القرار". وتود كذلك أن تتوجه بالشكر للبلدان الأخرى التي راجعت عمليات الميزانية لديها حتى تفسح مجالا للمساهمة في هذه الجهود، وهي: النمسا والدانمرك وألمانيا وهولندا والنرويج والبرتغال وإسبانيا وتركيا.
تفاصيل عملية تخفيف أعباء الديون
في بداية عملية "هيبيك" كان إجمالي الدين الخارجي العام والمضمون من الحكومة في السودان يُقدَّر بنحو 56,2 مليار دولار أمريكي على أساس صافي القيمة الحالية. ومن شأن تطبيق الآليات التقليدية لتخفيف أعباء الديون أن يخفض هذا الدين إلى 30,9 مليار دولار أمريكي.
- ويقدر التخفيف الإضافي لأعباء الديون من خلال مبادرة "هيبيك" المعززة بمبلغ 23,3 مليار دولار أمريكي على أساس صافي القيمة الحالية. ومن هذا المبلغ، من المتوقع توفير 4,6 مليار دولار أمريكي، و17 مليار دولار أمريكي، و1,7 مليار دولار أمريكي من الدائنين الرسميين متعددي الأطراف والثنائيين والدائنين التجاريين، على التوالي.
- وسبق أن قدم دائنو نادي باريس ضمانات تمويلية للتخفيف المؤقت لأعباء ديون السودان. علما بأن أكبر دائني السودان من أعضاء نادي باريس هم فرنسا والنمسا والولايات المتحدة وبلجيكا وإيطاليا. وقد وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على مساعدات التخفيف المؤقت لأعباء الديون عن خدمة الدين التي يحل أجل استحقاقها للصندوق في الفترة بين نقطة اتخاذ القرار ونقطة الإنجاز في ظل مبادرة "هيبيك". ولدى بلوغ السودان نقطة الإنجاز في ظل مبادرة "هيبيك" فسوف يتم سداد دينه الحالي المستحق للصندوق بعائدات المساهمات المالية الطوعية المقدمة من أكثر من 100 بلد عضو بالصندوق، ومنها العديد من البلدان منخفضة الدخل.
- المبادرة متعددة الأطراف لتخفيف أعباء الديون (MDRI): من شأن تخفيف أعباء الديون المقدم من المؤسسة الدولية للتنمية وبنك التنمية الإفريقي وفق "المبادرة متعددة الأطراف لتخفيف أعباء الديون" أن يلغي كافة المطالبات المتبقية عند بلوغ نقطة الإنجاز.
- وفي المجمل، من المتوقع انخفاض أعباء الدين الخارجي في السودان من حوالي 56 مليار دولار أمريكي (163% من إجمالي الناتج المحلي) على أساس صافي القيمة الحالية في نهاية عام 2020 إلى 6 مليار دولار أمريكي (14% من إجمالي الناتج المحلي) بمجرد بلوغ "نقطة الإنجاز" وبمشاركة جميع الدائنين.
عمليات تسوية المتأخرات للصندوق والبنك الدولي
- تمت تسوية المتأخرات المستحقة للمؤسسة الدولية للتنمية في 26 مارس 2021 من خلال تمويل للفجوة المالية مقدم من الولايات المتحدة، تم سداده من عائدات "منحة سياسات التنمية" الممولة في المقام الأول من مخصصات تسوية المتأخرات المجنبة في" العملية التاسعة عشرة لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية".
- أما المتأخرات المستحقة لصالح مجموعة بنك التنمية الإفريقي فقد تمت تسويتها في 12 مايو 2021 من خلال تمويل للفجوة المالية مقدم من حكومة المملكة المتحدة وبمساهمات من السويد وآيرلندا. وقد تم سداد هذا القرض المكمل من المملكة المتحدة بعائدات "منحة دعم العمليات على أساس السياسات".
- وتمت تسوية المتأخرات المستحقة لصندوق النقد الدولي في 29 يونيو 2021 بدعم من تمويل للفجوة المالية مقدم من حكومة فرنسا، سددته السلطات مستعينة بإمكانية الاستفادة من الموارد في بداية الاتفاق المالي الجديد المبرم مع الصندوق.
المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون ("هيبيك")
في عام 1996 قام البنك الدولي و صندوق النقد الدولي بإطلاق مبادرة "هيبيك" لوضع إطار يسمح لكل الدائنين، بما فيهم الدائنين متعددي الأطراف، تقديم مساعدات تخفيف أعباء الديون لأفقر بلدان العالم وأكثرها مديونية لضمان استدامة قدرتها على تحمل الدين، مما يقلص القيود على النمو الاقتصادي وعلى جهود الحد من الفقر التي تفرضها أعباء خدمة الديون التي يتعذر على تلك البلدان الاستمرار في تحملها. وحتى يومنا هذا، تمكن 38 بلدا مستوفيا لشروط مبادرة "هيبيك"، بما فيها السودان، من الوصول إلى "نقطة اتخاذ القرار"، وبلغ منها 36 بلدا "نقطة الإنجاز".
ويتمثل الهدف من "المبادرة متعددة الأطراف لتخفيف أعباء الديون" التي أنشئت في عام 2005، في زيادة تخفيض ديون البلدان منخفضة الدخل المؤهلة وتزويدها بموارد إضافية لمساعدتها في تحقيق أهدافها الإنمائية. وبموجب المبادرة متعددة الأطراف لتخفيف أعباء الديون تقوم ثلاث مؤسسات متعددة الأطراف، هي المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وصندوق التنمية الإفريقي، بتقديم تخفيف أعباء الديون بنسبة 100% على الديون المستوفية للشروط للبلدان المؤهلة، لدى بلوغها نقطة الإنجاز في ظل مبادرة "هيبيك". وسوف يحصل السودان على تخفيف إضافي لأعباء ديونه بموجب المبادرة متعددة الأطراف من مجموعة البنك الدولي ومجموعة بنك التنمية الإفريقي، لكنه غير مستوف لشروط تخفيف أعباء الديون من الصندوق بموجب هذه المبادرة لعدم وجود أي قروض مستحقة للصندوق تستوفي شروط المبادرة. غير أنه من المتوقع أن ينظر الصندوق في إتاحة تخفيف أعباء الديون للسودان "إلى جانب ما تقدمه مبادرة هيبيك"، على غرار ما حدث في حالة ليبيريا والصومال، بما يصل إلى تخفيف لأعباء الديون بنسبة 100% على الدين المستوفي للشروط من الصندوق.