الرباط، 12 يناير/ كانون الثاني 2022 – وفقاً لتقرير "المرصد الاقتصادي للمغرب" الصادر عن البنك الدولي لشهر يناير عام 2022 تحت عنوان "من التعافي إلى تسريع النمو"، سيكون التنفيذ المستدام لأجندة إصلاحات طموحة ومتعددة الأوجه أمراً ضرورياً من أجل تحقيق نمو واسع النطاق وإحداث فرص الشغل بالبلاد.
يقدم هذا التقرير تحليلاً لأداء نمو الاقتصاد المغربي خلال العقود الماضية ويبين أنه حتى الآن، كان تراكم رأس المال الثابت هو المحرك الرئيسي لذلك النمو، مع مكاسب إنتاجية محدودة ومساهمة غير كافية من العمالة، على الرغم من الوضع الديموغرافي المواتي.
ويعرض التقرير لعمليات محاكاة لتأثير خيارات السياسات المختلفة على النمو الاقتصادي في المغرب. ووفقاً لهذه المحاكاة، فإن التنفيذ المستدام لأجندة إصلاحات واسعة النطاق ترفع من مستويات رأس المال البشري والمشاركة الاقتصادية وإنتاجية الشركات، سيكون أمراً حاسماً لتحقيق أهداف النمو الطموحة التي حددها النموذج التنموي الجديد. ومن شأن مثل هذه الأجندة أن تعزز إطلاق العنان للقدرات الإنتاجية للمغرب وتمكين شبابه ونسائه من الوصول إلى سوق الشغل والارتقاء بالمؤهلات التعليمية للعمال.
وتعليقاً على هذا، قال جيسكو هينتشل، المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي بالبنك الدولي: "سيحتاج الاقتصاد المغربي في المرحلة المقبلة إلى تنويع مصادر نموه لمواصلة إحداث فرص الشغل والحد من الفقر. وعلى النحو المتوخى في النموذج التنموي الجديد، قد يتطلب ذلك تنفيذ جهود إصلاحات واسعة النطاق لتحفيز الاستثمار الخاص وتعزيز الابتكار وإشراك المرأة في القوى العاملة وزيادة رأس المال البشري".
ويتناول التقرير بالتحليل أيضاً أداء الاقتصاد المغربي في عام 2021 الذي أظهر معدل نمو متوقع بنسبة 5.3% في عام 2021. ويخلُص إلى أن الأداء القوي غير العادي للقطاع الفلاحي، والتباطؤ المؤقت في تفشي جائحة كورونا، وانتعاش الطلب الخارجي على الصادرات الصناعية والزراعية، وما صاحب كلَ ذلك من سياسات الاقتصاد الكلي الداعمة، تُعد جميعها الدوافع الرئيسية لتحقيق المغرب لتعافٍ ملحوظ من الأزمة الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، وإن كان هذا التعافي غير متكافئ.
لقد بدأ الاستمرار في التعافي في عكس مسار الآثار الاجتماعية المترتبة على الجائحة، حيث أدى انتعاش الإنتاج الفلاحي إلى انخفاضٍ سريعِ في معدلات البطالة في المناطق الريفية، أما المناطق الحضرية فقد بدأت مؤشرات سوق الشغل في التحسن فقط في الربع الثالث من عام 2021. وبعد أن بلغت معدلات الفقر ذروتها عند 6.4% في عام 2020، فقد لا تعود إلى مستوياتها المسجلة في عام 2019 وحتى عام 2023، وذلك على الرغم من أن برامج التحويلات النقدية التي لجأت إليها الحكومة المغربية خلال فترة الإغلاق خففت من تأثيرات الأزمة.
إن الانتعاش القوي في الإيرادات العمومية يُمَكِن الحكومة المغربية من تقليص العجز في ميزانيتها، واعتمدت السلطات في الغالب على الأسواق المحلية لتغطية احتياجاتها التمويلية. بالرغم من ذلك، أدى ارتفاع أسعار الطاقة وانهيار إيرادات السياحة إلى تجاوز التدفقات الإضافية الناتجة عن الأداء القوي للصادرات الصناعية وتحويلات العاملين، مما قاد بدوره إلى زيادة العجز في الحساب الجاري للبلاد.
وعلى الرغم من أن السياسة النقدية التوسعية ودعم السيولة الذي أتاحه البنك المركزي قد سمحا للقطاع المالي بالتغلب على الأزمة العاصفة، إلا أن معدل القروض المتعثرة لا يزال مرتفعاً، بل ويمكن أن يرتفع بصورة أكبر. ووفقاً لذات التقرير، ستكون الإدارة الناجعة لمواطن الضعف المالي على مستوى الاقتصاد الكلي ضرورية لدعم التعافي المستدام في البلاد.
واستشرافاً للمستقبل، وبعد الحصاد الوفير في عام 2021، يتوقع التقرير أن يتراجع الإنتاج الفلاحي ليكون من مسببات تباطؤ النمو في إجمالي الناتج المحلي للبلاد عند 3.2% في عام 2022، إلا إنه يتوقع أيضاً حدوث تسارع تدريجي بعد ذلك.