بغداد، 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 - يواصل الاقتصاد العراقي انتعاشه مع توقع تسارع وتيرة نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 8.7% في عام 2022 نتيجة ارتفاع إنتاج النفط وتعافي القطاعات غير النفطية بعد انحسار جائحة كورونا. جاء ذلك في أحدث عدد من تقرير "المرصد الاقتصادي للعراق" الصادر عن البنك الدولي اليوم. ويشير التقرير الجديد إلى أنه ما لم يبدأ العراق في تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة وتنويع أنشطة البلاد الاقتصادية بشكل فعال، فإن اعتماده على النفط يجعله عرضة لخطر تقلبات أسعار السلع الأولية وانخفاض الطلب العالمي.
يعرض إصدار خريف 2022 من تقرير المرصد الاقتصادي للعراق الصادر تحت عنوان "فرصة جديدة للإصلاح" التطورات الاقتصادية الأخيرة ويبحث آفاق الاقتصاد العراقي والمخاطر المحتملة. ويخلص التقرير إلى أنه بعد نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.8% في عام 2021، تسارعت وتيرة نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 10.5% في النصف الأول من عام 2022. وقد حققت الصادرات النفطية القياسية - بالتزامن مع الارتفاع الكبير في أسعار النفط - عائدات نفطية غير مسبوقة للحكومة العراقية ودفعت احتياطيات النقد الأجنبي إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عقدين.
ونظراً لعدم إقرار الموازنة العامة لعام 2022، فقد تأثرت المشروعات الاستثمارية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية نتيجة للتأخير في تشكيل الحكومة، حيث أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تفاقم اتجاهات الفقر القائمة من قبل وتصاعد مخاطر الأمن الغذائي. ويشير التقرير إلى أن من شأن حدوث أي تآكل آخر للقوة الشرائية من جراء التضخم، واستمرار نقص إمدادات الكهرباء والمياه أن يفاقم مخاطر وقوع اضطرابات اجتماعية.
يخلص التقرير إلى أن استمرار أسعار النفط المرتفعة سيدعم الآفاق الاقتصادية للعراق في الفترة المقبلة، لكن من المتوقع أن يتراجع ذلك تدريجيا على المدى المتوسط، حيث سيشكل تزايد تباطؤ الطلب العالمي قيوداً على إنتاج النفط. علاوة على ذلك، فإن اعتماد العراق على النفط سيزيد من تأثره بالتحوّل العالمي نحو عالم خالٍ من الكربون، الأمر الذي من شأنه أن يقلل تدريجياً من الدور البارز الذي يلعبه إنتاج النفط في تزويد الاقتصاد العالمي بإمدادات الوقود.
وتعليقا على ذلك، قال جان كريستوف كاريت، المدير الإقليمي لدائرة المشرق بالبنك الدولي: "تزداد مواطن الضعف الاجتماعية والاقتصادية في العراق تفاقماً من جراء اشتداد صدمات تغيّر المناخ، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة شحة المياه، وتزايد تكرار الظواهر المناخية بالغة الشدة. وفي ظل تحقيق إيرادات نفطية قياسية، فقد سنحت للحكومة العراقية الجديدة فرصة فريدة للعمل على تنويع أنشطة البلاد الاقتصادية ومعالجة التحديات الهيكلية القائمة منذ وقت طويل والمرتبطة بالمناخ ووضع الاقتصاد على مسار أكثر استدامة وقدرة على الصمود".
يسلط القسم الخاص في تقرير المرصد الاقتصادي للعراق الضوء على كيف يتسبب تغيّر المناخ في زيادة أوجه الضعف الاقتصادي الحالية في العراق، مشيراً إلى أن الواقع المتشابك بين التنمية والمناخ في العراق يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة، وهو ما يتطلب جهودا واسعة للتكيف مع تغيّر المناخ، مع التركيز على العلاقة المتداخلة بين المياه والزراعة والفقر. ومن شأن تطبيق تدابير التخفيف من تغير المناخ أن يساعد في سد الفجوات القائمة بين جانبي العرض والطلب مع الحد من الانبعاثات الكربونية في سلسلة القيمة للطاقة في العراق. ويوضح التقرير أن الإصلاحات المالية والهيكلية لا تزال مهمة لاحتواء التداعيات الكبيرة التي ينطوي عليها التحوّل إلى اقتصاد منخفض الكربون وقادر على الصمود على الاقتصاد الكلي والمالية العامة للعراق.