تقرير جديد للبنك الدولي يدعو إلى إصلاحات شاملة لسياسات استخدام الأراضي
واشنطن، 18 يناير، 2022 - ذكر البنك الدولي في تقرير جديد له أن ضعف الحوكمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يزيد من تفاقم أزمة الأراضي، ودعا إلى إجراء إصلاحات واسعة النطاق لتحسين استخدام الأراضي وإمكانية الحصول عليها مع تزايد الضغوط الناجمة عن تغير المناخ ونمو السكان.
والتقرير الصادر تحت عنوان: "أهمية الأراضي: هل يفلح تحسين الحوكمة وإدارة الندرة في تجنيب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أزمة وشيكة؟" يوضح كيف أن الاستمرار في تدهور الأراضي في منطقة تشكل الصحراء 84% من مساحتها يؤدي إلى تفاقم مشكلات شح المياه التي تهدد الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية.
وتعليقاً على هذا التقرير، قال فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد حان الوقت الآن لدراسة تأثير قضايا الأراضي التي تلوح في العديد من القرارات الخاصة بالسياسات العامة، وإن كان لا يتم الإقرار بوجودها بشكل صريح. إن الأرض مهمة بكل بساطة. والنمو السكاني المتزايد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتأثير الناجم عن تغير المناخ يزيدان من الحاجة الملحة لمعالجة أزمة الأراضي."
ويستخدم التقرير بيانات صور الأقمار الاصطناعية لإظهار أن رقعة الأراضي الزراعية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انخفضت بنسبة 2.4% على مدى 15 عاماً في الفترة الواقعة بين عامي 2003 و2018، وهو ما يشكل أكبر انخفاض في العالم في منطقة لديها بالفعل أدنى مستوى من الأراضي الزراعية للفرد الواحد وهامش ضئيل للتوسع الزراعي. وخلال الفترة نفسها، زاد عدد سكان المنطقة بنسبة 35%، وتشير التقديرات إلى أنه سيزيد بنسبة 40% أخرى ليصل إلى 650 مليون نسمة في عام 2050.
وبالمقارنة بين بيانات الغطاء الأرضي والإحصاءات الخاصة بعدم المساواة في الثروة والمؤشرات الأخرى، يظهر التقرير وجود ارتباط بين تدهور الأراضي وسوء الحوكمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن ملكية الدولة للأراضي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُعد هي الأعلى مقارنة بالمناطق الأخرى، لكن حكومات بلدانها تخفق في إدارة أصول الأراضي بطرق تحقق إيرادات عامة، في حين يشكل الحصول على الأراضي قيداً شديداً على 23% من الشركات في قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات.
ووفقاً للتقرير، فإن الأعراف والقوانين الاجتماعية تعوق أيضاً حصول النساء على الأراضي في هذه المنطقة مقارنة بالمناطق الأخرى. وعلى وجه الخصوص، فإن النساء في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتعرضن لضغوط اجتماعية قوية للتخلي عن حقوقهن في ميراثهن من ملكية الأراضي، وغالباً ما يتم ذلك دون حصولهن على تعويض عادل.
ومن جانبه قال هاريس سيلود، الخبير الاقتصادي الأول بالبنك الدولي والمؤلف المشارك للتقرير:"لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة إذا كان الناس والشركات يفتقرون إلى إمكانية الحصول على الأراضي على نحو سليم."
أما الإصلاحات التي اقترحها التقرير فتشمل وضع إجراءات شفافة مدفوعة باعتبارات السوق لتقييم الأراضي ونقل ملكيتها، فضلاً عن إعداد قوائم حصر كاملة للأراضي العامة وتحسين تسجيل حقوق ملكية الأراضي. وهذه خطوات ضرورية لمساندة زيادة كفاءة استخدام الأراضي وقرارات إدارتها وضمان أن تخدم الأراضي الوظائف الاجتماعية والاقتصادية والمالية في منطقة تمثل فيها الضرائب العقارية أقل من واحد في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
ويمكن لسياسات الأراضي أيضاً أن تساعد في الحد من أوجه عدم المساواة بين الجنسين، حيث يقول التقرير إن فرض ضريبة على المستفيدين الذكور عندما تتخلى النساء عن حقوقهن في ميراث ملكية الأراضي يمكن أن يساعد على تقليص الفجوة بين الجنسين، مع مبادرات التمويل التي يتم جمعها لتعزيز تمكين المرأة.
وفي هذا السياق، قالت آنا كورسي، وهي أخصائية أولى بإدارة الأراضي بالبنك الدولي والمؤلفة المشاركة للتقرير: "تؤدي الزيادة في ندرة الأراضي إلى مفاضلات إستراتيجية بشأن أفضل استخدام للأراضي لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والاستدامة المتنافسة. ومع ذلك، فإن النهج الشامل اللازم لمعالجة القضايا الإنمائية الأساسية لسياسة الأراضي غائب إلى حد كبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا."
ويشير التقرير إلى أن قضايا ندرة الأراضي والحوكمة تتباين في جميع أنحاء المنطقة، حيث تحتاج البلدان إلى نُهج مصممة خصيصاً لتلائم تحدياتها التي تنفرد بها. فعلى سبيل المثال، تواجه دول مجلس التعاون الخليجي الغنية ندرة حادة في الأراضي، لكنها تتمتع بإدارة أفضل لتلك الأراضي، في حين تواجه بلدان المغرب العربي وإيران والعراق وسوريا تحديات أكثر خطورة بسبب قضايا حوكمة الأراضي التي تقل فيها حدة مشكلة ندرة الأراضي. وتواجه مجموعة ثالثة - هي جيبوتي ومصر واليمن والضفة الغربية وقطاع غزة - تحديات خطيرة في كلٍ من الحوكمة وندرة الأراضي.
وفي إطار التأكيد على " أهمية الأراضي"، يرى التقرير أن التصدي على وجه السرعة لأزمة الأراضي في المنطقة التي تفاقمت الآن بسبب تغير المناخ والنمو السكاني أمر ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في المنطقة.